تنطلق اليوم السبت 16 مارس الجاري مراسم إحياء أربعينيّة الشّهيد شكري بلعيد الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد وتتواصل إلى يوم الغد. أربعون يوما مرت على اغتيال الرجل في وضح النهار حيث كانت قد طالته يد الغدر صباح يوم 6 فيفري المنقضي غير بعيد عن منزله. أربعون يوما مرّت على تلك اللحظة الأليمة التي استفاق عليها التونسيون. أربعون يوما مرّت على اغتيال الزعيم السياسي الذي أبكى رحيله الآلاف وكان موكب تشييعه إلى مقبرة الشهداء بالزلاج بالعاصمة قد جمع مئات الآلاف. جاؤوا لأجل شكري بلعيد الذي سقط ضحيّة الغدر والذي قدّم نفسه قربانا لحريّة التعبير ولكنهم جاؤوا أيضا لتوجيه رسالة إلى من يهمّه الأمر. رسالة ضد العنف وضدّ التصفية الجسدية وضدّ الاغتيالات السياسية وضدّ التطرّف وضدّ الغدر. أربعون يوما لم تزد ذكرى الرجل في قلوب التونسيين إلا تأجّجا. أربعون يوما والصمت يكاد يكون مطبقا حول عملية الكشف عن القاتل الحقيقي وعن المدبّر وعن اليد التي تولت التنفيذ وعن العقل الذي خطط وعن الجهة التي هيأت الظروف إلخ.. اليوم وإذ تتولّى الجبهة الشعبيّة التي كان الشهيد شكري بلعيد أحد المساهمين الأبرز في بعثها وفي لمّ شمل اليسار التونسي، اليوم وإذ تتولى عائلته السياسية الإشراف على الأربعينية فإن التونسيين الأحرار وبقطع النظر عن انتماءاتهم السياسية والإيديولوجية يشتركون في هذه اللحظة. عدة جمعيات والكثير من النشطاء بالمجتمع المدني والكثير من المستقلين عن الحركات السياسية وعن الانتماء الحزبي بادروا بتنظيم أنشطة بمناسبة الأربعينية. هي في أغلب الأحوال حركات رمزيّة لكن دلالتها كبيرة. شكري بلعيد هو ذلك الجرح النازف في قلوب الآلاف من التونسيين الذين مازالوا يذكرون كيف نزل الخبر عليهم صباح يوم 6 فيفري نزول الصاعقة وكيف ظلوا لحظتها بين مكذب ومصدق. فنحن في تونس وإن كانت لنا مساوئنا مثل كل شعوب العالم فإننا لم ولن نتعود على التصفيات الجسدية وعلى الاغتيالات السياسية. قدر شكري بلعيد أن يوحّد التونسيين في الألم. وكما بكته الملايين وشيّعته مئات الآلاف إلى مرقده الأخير فإنّ الملايين تطالب اليوم بالكشف عن الحقيقة. فإن كان الرّجل قد ذهب ضحيّة الحقد فإن الجرم في حقه سيكون مضاعفا إذا ما تواصل السّكوت عن الحقيقة. من حق الشهيد علينا أن نكشف عن القاتل. ومن حق التونسيين أن يعرفوا من يهددنا في أمننا، ومن حقنا أن نتساءل كيف تستباح أرواح التونسيين ويتحصّن القتلة بالفرار؟ ومن حقنا أن نعرف لماذا تمرّ أربعون يوما على اغتيال زعيم سياسي في وضح النّهار في تونس الثورة دون أن يكشف عن الحقيقة؟ أربعون يوما ونحن مازلنا ننتظر. من قتل شكري بلعيد؟