ها قد حلّت أربعينية بلعيد وما زالت القضية بلا جديد، لكنّ الجديد هو أنّ بعض الأصوات التي كانت في الأيام الأولى تتكلم بخفوت ، بدأت الآن ترفع صوتها بلا خجل صائحة: لماذا كل هذه الضجّة؟. هو مات، والسؤال عن قاتله لن يعيده للحياة!، وقد يقولون كلمة حق أريد بها باطل كدعوتهم لعدم المتاجرة بدمه، أربعون يوما مرّتْ قالوا لنا، أليست كافية لتعودوا إلى إيقاع حياتكم الرتيب؟. عجيب والله عجيب! هذا الاستهتار بالدم التونسي، نعم بلعيد في قبره، ولكنْ إذا سكتنا وصمتنا، فمن الممكن أن نتعوّد على اغتيال شكري جديد كل فترة ، ليصبح عندنا سفك الدماء على الفكرة من الفطرة! .واليوم اغتيال وغدا اقتتال وتخيّلوا وقتها حجم الأهوال! . تصوّروا غدا مثلا يغتالون شكري الفنان أو الشاعر أو رجل الدين أو السياسي؟، هل نفقد قدرتنا على الدهشة والاحتجاج ونُقْنِع أنفسنا: لقد أصبح صورة تلفزية عادية هذا الاغتيال، ثم نمضي إلى النوم العميق مرتاحي البال؟ الجرح غائر لأنّ التونسي مسالم، نختلف أو نتفق في الأحلام والكلام، لكنّ دماء الجميع علينا حرام. صورة الصغيرة نيروز وهي ترتمي على جثمان أبيها، ألم تلمحوا فيها بنتا من عائلتكم قد تفقد سنَدَها؟، أفلا تخجلون؟ أفلا تعقلون؟. دليلنا على أنّ شكري لم يمُت، هو أنكم تطلبون منه وهو الشهيد في قبره أنْ..يصمُت!.