قسم طب وجراحة العيون بالمستشفى الجامعي بدر الدين العلوي بالقصرين سينطلق قريبًا في تأمين عمليات زرع القرنية (رئيس القسم)    صفاقس: توفر إجمالي 83 ألف أضحية بالجهة خلال الموسم الحالي    أجور لا تتجاوز 20 دينارًا: واقع العملات الفلاحيات في تونس    عشر مؤسسات تونسية متخصصة في تكنولوجيا المعلومات ستشارك في صالون "جيتكس أوروبا" في برلين    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    تونس.. زيادة في عدد السياح وعائدات القطاع بنسبة 8 بالمائة    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    القيروان: انتشال جثة طفل جازف بالسباحة في بحيرة جبلية    تعاون ثقافي بين تونس قطر: "ماسح الأحذية" في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    معرض تونس الدولي للكتاب يختتم فعالياته بندوات وتوقيعات وإصدارات جديدة    "نائبة بالبرلمان تحرّض ضد الاعلامي زهير الجيس": نقابة الصحفيين تردّ.. #خبر_عاجل    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    أسعار الغذاء تسجّل ارتفاعا عالميا.. #خبر_عاجل    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    النادي الصفاقسي: 7 غيابات في مباراة الترجي    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    عاجل/ في بيان رسمي لبنان تحذر حماس..    عاجل/ سوريا: الغارات الاسرائيلية تطال القصر الرئاسي    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    في مظاهرة أمام منزله.. دروز إسرائيل يتهمون نتنياهو ب"الخيانة"    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الإفريقي: الزمزمي يغيب واليفرني يعود لحراسة المرمى ضد النادي البنزرتي    عاجل : ما تحيّنش مطلبك قبل 15 ماي؟ تنسى الحصول على مقسم فرديّ معدّ للسكن!    عاجل/ قضية التسفير..تطورات جديدة…    استقرار نسبة الفائدة في السوق النقدية عند 7.5 %..    البرلمان : مقترح لتنقيح وإتمام فصلين من قانون آداء الخدمة الوطنية    الرابطة المحترفة الاولى: صافرة مغربية لمباراة الملعب التونسي والاتحاد المنستيري    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    إلى الأمهات الجدد... إليكِ أبرز أسباب بكاء الرضيع    ارتفاع تكلفة الترفيه للتونسيين بنسبة 30%    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    في سابقة خطيرة/ ينتحلون صفة أمنيين ويقومون بعملية سرقة..وهذه التفاصيل..    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    عاجل/ هلاك ستيني في حريق بمنزل..    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    سعر ''بلاطو العظم'' بين 6000 و 7000 مليم    سقوط طائرة هليكوبتر في المياه ونجاة ركابها بأعجوبة    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي بالفوز 3-1 على بودو/جليمت    بقيادة بوجلبان.. المصري البورسعيدي يتعادل مع الزمالك    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    اليوم يبدأ: تعرف على فضائل شهر ذي القعدة لعام 1446ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسراع في إنجاز إصلاحات هيكليّة في القطاع المالي.. الخدمات والمنظومة الجبائيّة
الجامعي والمستشار الجبائي محمّد صالح العياري يتحدّث ل«الصّباح» عن مجلة الإستثمار:
نشر في الصباح يوم 21 - 03 - 2013

أكد المستشار الجبائي والجامعي محمّد صالح العياري في حديث ل"الصباح" ان الجدوى الحقيقيّة لجلب الاستثمارات ليست في إسناد المنح والإمتيازات بقدر ما تكمن في خلق مناخ ملائم للإستثمار خاصّة في مناطق التنمية الجهويّة والمتمثّلة بالأساس في تهيئة المناطق الصّناعيّة والطّرقات السّريعة وإيجاد ظروف الحياة المريحة.
أكد المستشار الجبائي والجامعي محمّد صالح العياري في حديث ل"الصباح" ان الجدوى الحقيقيّة لجلب الاستثمارات ليست في إسناد المنح والإمتيازات بقدر ما تكمن في خلق مناخ ملائم للإستثمار خاصّة في مناطق التنمية الجهويّة والمتمثّلة بالأساس في تهيئة المناطق الصّناعيّة والطّرقات السّريعة وإيجاد ظروف الحياة المريحة.
واعتبر العياري ان المحرّك الأوّل للإستثمار يتعلّق أساسا بتوفير مناخ إستثمار ملائم وبنية تحتيّة مهيكلة وبوجود يد عاملة كفأة وإدارة سريعة ومتطوّرة وسلم إجتماعيّة وإستقرار سياسي.
وفي حديثه ل"الصباح" تطرق العياري الى نقائص مجلة تشجيع الاستثمار في نسختها القديمة والتوجهات العامة لمجلة الاستثمار الجديدة على ضوء التنقيحات الاخيرة وأهم التصورات والمقترحات للنهوض بالاستثمار في بلادنا. وفيما يلي نص الحوار:
* كان منتظرا ان يكون مشروع المجلّة جاهزا قبل موفى ديسمبر 2012، ماهي أسباب تأخير الاعلان عن المجلة الجديدة حسب رأيك؟
- لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول إعداد مجلّة الإستثمار وذلك بإعادة النّظر في مجلّة تشجيع الإستثمارات الّتي تمّ إحداثها بمقتضى القانون عدد 120 لسنة 1993 المؤرّخ في 27 ديسمبر 1993، وقد تعهّدت وزارة التّنمية والتّعاون الدّولي بأن يكون مشروع المجلّة جاهزا قبل موفى شهر ديسمبر 2012 ولكن إلى حدّ الآن لم يتمّ الإنتهاء من إعداد مشروع المجلّة المذكورة.
ولعلّ الأسئلة الّتي تفرض نفسها تتعلق بالتّوجّهات الجديدة الّتي سيقع إدراجها ضمن مجلّة الإستثمار، وهل سيقع مواصلة إسناد إمتيازات جبائيّة وماليّة وماهي الأنشطة الّتي سيقع التّركيز عليها لدفع الإستثمار ونصيب التّنمية الجهويّة من الإمتيازات لحثّ المؤسّسات على الإنتصاب بالجهات الدّاخليّة وهل سيحظى التّصدير بنفس العناية كما هو الشّأن بالمجلّة الحاليّة وهل ستتضمّن المجلّة الجديدة إمتيازات خصوصيّة لفائدة الباعثين الشّبّان وهل ستقع المحافظة على الإجراءات المتعلّقة بحماية البيئة ومقاومة التّلوّث؟
* كيف تقيمون مجلّة تشجيع الإستثمارات، وماهي الأهداف الأفقيّة للمجلّة الحاليّة؟
- مجلّة تشجيع الإستثمارات ترتكز أساسا على الإمتيازات المشتركة لكلّ القطاعات والمتمثّلة أساسا في الطّرح الجبائي وإقتناء المعدّات والتّجهيزات عند التّوريد أومن السّوق المحلّيّة حسب النّظام الجبائي التّفاضلي الّذي ينصّ على الإعفاء من المعاليم الدّيوانيّة وتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة ومن المعلوم على الإستهلاك أو التّخفيض من نسبة الأداء على القيمة المضافة من 18% إلى 12% وذلك حسب قائمات تمّ ضبطها بأوامر.
بالاضافة الى الإمتيازات الخصوصيّة والّتي تهم التّصدير الكلّي والجزئي (نجاح محترم: 45% من المؤسّسات و75% من مواطن الشّغل في قطاع الصّناعة ولكن قيمة مضافة ضعيفة) وكذلك التّنمية الجهويّة (نسبة نمو مرتفعة في حدود 21% سنويا منذ سنة 1994 ولكن المستوى الجملي للإستثمارات كان ضعيفا مع فوارق في التّنمية بين الجهات) والتّنمية الفلاحيّة (إمتيازات هامّة ولكنّها لم تحلّ المشاكل الهيكليّة المتعلّقة بالظّروف المناخيّة، سوء تنظيم المهنة، تشتّت الأراضي...) والباعثون الشّبّان والمؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة (عدد قليل للمشاريع في حدود 150 مشروعا سنويا في حين أنّ النّسيج الإقتصادي يشتمل على 97% من المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة) وإستثمارات المساندة (إستعمال ضعيف للإمتيازات خاصّة بالنّسبة لقطاع التّعليم الخاص) والمحافظة على المحيط ومقاومة التّلوّث (إستعمال ضعيف للإستثمارات تمّ تخصيص 55% منها لقطاع الصّناعات الغذائيّة ومعالجة النّفايات)

نقائص مجلة التشجيع على الاستثمار
* وماهي أهم نقائص مجلة التشجيع على الاستثمار ؟
تتمحور هذه النّقائص بالأساس حول عدم إدراج كلّ الإمتيازات ضمن مجلّة تشجيع الإستثمارات وتشتّتها على بقيّة المجلاّت وخاصّة مجلّة الضّريبة على الدّخل والضّريبة على الشّركات.
كما ان التّنقيحات المتعدّدة الّتي شملت المجلّة صعّبت مهمّة المستثمرين لفهم محتواها (تمّ تنقيح 43 فصلا من مجمل 67 فصلا ليصل العدد الجملي للتّغييرات حوالي 64 تغييرا خلال 11سنة الأخيرة) علاوة على تعدّد الأنظمة بالنّسبة للتّصدير(مجلّة تشجيع الإستثمارات، مجلّة الضّريبة على الدّخل والضّريبة على الشّركات، القانون المتعلّق بشركات التّجارة الدّوليّة،المؤسّسات الصحيّة)..
دون ان ننسى غياب التّجانس مع الأهداف المرسومة خاصّة في إطار الفصل 52 وما بعده من المجلّة الّتي تنصّ على إمتيازات إضافيّة لتحقيق أهداف محدّدة (قطاعات لها أهميّة خاصّة، أنشطة واعدة وذات نسبة إندماج مرتفعة) وعدم التّناسق مع حاجيات المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة الى جانب عدم الإستجابة لإنتظارات المستثمرين الأجانب (إجراءات معقّدة،عدم الشّفافيّة في المعاملات، عدم وجود يد عاملة مختصّة في بعض القطاعات،وتعدّد الوثائق والإجراءات عند التّكوين وبعد دخول المؤسّسة طور النّشاط الفعلي).

خلق مناخ ملائم للإستثمار
* حسب اعتقادك هل يمكن القول ان خلق مناخ ملائم للإستثمار مرتبط باسناد المنح والامتيازات الجبائية والمالية؟
- في حقيقة الأمر لم تكن تمثّل الإعفاءات الجبائيّة في أيّ وقت من الأوقات المحرّك الأوّل للإستثمار والهدف الأساسي الّذي يبحث عنه المستثمرون الأجانب وذلك بإعتبار أنّ الأولويّة المطلقة تتعلّق أساسا بمناخ إستثمار ملائم وبنية تحتيّة مهيكلة وبوجود يد عاملة كفأة وإدارة سريعة ومتطوّرة وسلم إجتماعيّة وإستقرار سياسي...
وقد أكّدت المؤسّسات المالية العالميّة مثل البنك الدّولي وصندوق النّقد الدّولي بأنّ الإمتيازات والحوافز لا تأتي في المراتب الأولى في سلّم الأولويّات بالنّسبة للمستثمرين الأجانب بل تأتي في المرتبة السّابعة تقريبا وذلك بعد تحقيق الأهداف الأوليّة المتعلّقة بمناخ الإستثمار عموما.
ولكن وأمام الإمتيازات الجبائيّة والماليّة المتعدّدة، تفنّن عديد المستثمرين (أو لنقل شبه المستثمرين) من إصطياد الفرص للحصول على منح (chasseurs de primes) وذلك بتضخيم حجم الإستثمارات في أغلب الأحيان ودون البحث بصفة جديّة على تطوير المشروع وخلق أكثر ما يمكن من مواطن الشّغل .
وعلى هذا الأساس، فإنّ الجدوى الحقيقيّة ليست في إسناد المنح والإمتيازات ولكن في خلق مناخ ملائم للإستثمار خاصّة في مناطق التنمية الجهويّة والمتمثّلة بالأساس في تهيئة المناطق الصّناعيّة والطّرقات السّريعة وإيجاد ظروف الحياة المريحة الّتي تتوفّر فيها كلّ مستلزمات العيش الكريم مثل بناء المدارس والكليّات والمستشفيات والنّزل وفضاءات التّرفيه وذلك لكي لا يشعر المستثمر بأنّه يعيش في محيط غريب عنه بل في مناخ يحلو فيه العيش.

التّوجّهات العامّة للمجلّة الجديدة
* ماهي الأهداف الأوّليّة لمجلّة الأستثمار الجديدة، حسب اعتقادك؟
- تتمثّل هذه الأهداف بالخصوص في التّوجّه نحو تحرير التّجارة الخارجيّة والإستثمارات الدّاخليّة والأجنبيّة وتحسين مناخ الأعمال وتدعيم ثقة المستثمرين وغرس ثقافة المقاولة وتسهيل إحداث المؤسّسات عبر إجراءات مبسّطة اضافة الى النّهوض بالقطاعات الواعدة المرتكزة أساسا على المعرفة والتّكنولوجيا وغير المعادية للبيئة وتشجيع عناصر المنافسة والمتمثّلة بالأساس في غرس ثقافة الإمتياز وتشجيع التّجديد والإنتاجيّة مع تمييز التّنمية الشّاملة ودعم التّوازن الجهوي.
ومن بين الاهداف كذلك تدعيم الشّراكة العموميّة والخاصّة (PPP) في المجالات الإستراتيجيّة والواعدة من خلال إسناد إمتيازات التّصدير في قطاع الصّناعة الّذي يمثّل 30% من النّموّ المرتقب خلال الخماسيّة القادمة ودعم تشغيل أصحاب الشّهائد العليا وذلك بتطوير القطاعات الّتي تنتدب أكثر من غيرها المتحصّلين على هذه الشّهائد وخاصّة قطاع الخدمات بالاضافة الى الحدّ من الفوارق بين أنظمة المؤسّسات المصدّرة والمؤسّسات الّتي تعمل بالسّوق المحليّة وذلك لتساهم كلّ المؤسّسات في تطوير الإقتصاد مباشرة دون تأثيرات جبائيّة مع توفير إمتيازات خصوصيّة للتّنمية الجهويّة والتّنمية الفلاحيّة وذلك نظرا لأهميّة هذين القطاعين الإستراتيجيين والعمل على جلب الكفاءات التّونسيّة بالخارج وبعض الكفاءات الأجنبيّة في قطاعات حساسة تتطلّب خبرة عالية والتشجيع على إعادة هيكلة المؤسّسات لإبراز مؤسّسات كبرى لها القدرة على المنافسة وتصبح مؤهّلة لخلق عدد كبير من مواطن الشّغل.
ثمّ توجيه إدّخار التّونسيين لفائدة الإستثمارات المنتجة والمجدّدة وتوظيف مجلّة الإستثمار الجديدة للإسراع في إنجاز إصلاحات هيكليّة تهمّ بالأساس القطاع المالي وقطاع الصّرف وتحرير الخدمات وإصلاح المنظومة الجبائيّة.
كذلك توفير الضّمانات الضّروريّة للمستثمرين الأجانب وذلك بوجود قضاء عادل للحسم في الخلافات في إطار من الشّفافيّة والمصداقيّة وترشيد الإمتيازات الجبائيّة وحذف الآليّات الّتي لم تعط النّتائج المرجوّة وذلك في إنتظار إصلاح المنظومة الجبائيّة وتنظيم إدارة الجباية في إتّجاه مساندة الإستثمار.
* على ذكر التنقيحات التى أجريت على مجلة الاستثمار، هل هناك إنعكاسات في مراجعة الإمتيازات على موارد ميزانيّة الدّولة؟
- بطبيعة الحال إذا تمّ إعطاء الأولويّة لإعداد البنية التّحتيّة وخلق مناخ الإستثمار الملائم فإنّ التنقيص من الإعفاءات والحدّ من الإمتيازات، بإعتبار أنّه لا يمكن حذفها تماما بين عشيّة وضحاها، سيؤدّي حتما إلى التّرفيع في موارد ميزانيّة الدولة.
ولكن وعلى المدى القصير، فإنّ الموارد الإضافيّة الّتي ستنجرّ عن التخفيض في الإعفاءات والمنح، سيقع إستعمالها لتدعيم البنية التّحتيّة ولكي تتولّى الدّولة القيام بإستثمارات هامّة تكوّن القاطرة الفعليّة لجلب المستثمرين الخوّاص تونسيّون كانوا أم أجانب باعتبار أنّ المستثمر الاجنبي سيقبل بأكثر جدوى وفاعليّة على بعث المشاريع كلّما سبقه في ذلك المستثمر التّونسي خاصّة في مناطق التّنمية الجهويّة لأنّه سيكون مطمئنا أكثر على الأموال الّتي سيقع إستثمارها.
إنّ الطريقة المثلى لدفع عجلة الإستثمار والنموّ تمرّ حتما عبر الإستثمارات العملاقة الّتي تقوم بها الدّولة في مرحلة أولى ليتبعها في مرحلة ثانية المستثمر التّونسي لتكتمل المنظومة في مرحلة ثالثة وذلك بإقبال المستثمرالأجنبي على خلق المشاريع كلّما شعر بأنّ الظروف ملائمة لنجاح عمليّة الإستثمار.
وبالتّالي وعلى المدى المتوسّط والطويل، وبعد القيام بكلّ أشغال التهيئة الضرّوريّة المتعلّقة بالبنية التّحتيّة وخلق المناخ الملائم للإستثمار، سيكون للتنقيص من الإعفاءات والإمتيازات تأثير مباشر على تنمية موارد ميزانيّة الدّولة وذلك إضافة إلى الموارد الجبائيّة الهامةّ الّتي ستدرّها المؤسّسات الأجنبيّة أوالتّونسيّة التي ستكثّف بعث المشاريع وإنجاز الإستثمارات في شتّى المجالات وخلق العديد من مواطن الشغل الإضافيّة.

مقترحات للنهوض بالاستثمار
* وماذا عن التّصوّرات والمقترحات للنّهوض بالإستثمار؟
- بادئ ذي بدء ، يجب التأكيد على أنّ عبارة "التّشجيع" سيقع حذفها من المجلّة الجديدة لتصبح "مجلّة الإستثمار" وهذا أكبر دليل على أنّ التوجّه الجديد لا يعطي الأولويّة المطلقة لإسناد الإعفاءات والإمتيازات والحوافز، بل سيؤكّد على خلق الظروف الملائمة لدفع الإستثمار وذلك بتحسين محيط الإستثمار وإيجاد الآليّات الكفيلة لدفع عجلة النموّ.
أمّا عن المقترحات والتّصورات الكفيلة بدفع الإستثمار فيمكن تلخيصها في المحاور التّالية منها تكثيف المناطق الصّناعيّة بكلّ الجهات وتهيئتها حتّى يجد المستثمر الإطار الملائم لإنجاز مشروعه في ظروف طيّبة الى جانب مبادرة الدّولة بإنجاز إستثمارات هامّة بالمناطق الدّاخليّة لتفتح الطّريق أمام المستثمرين التّونسيّين والأجانب لبعث المشاريع والرّبط بين الجهات الدّاخليّة والجهات الأكثر نموّا خاصّة على الشريط السّاحلي لتكون المشاريع أكثر نجاعة ومردوديّة وكذلك تحسين البنية التّحتيّة وذلك ببناء الطرقات السّريعة وربط شبكة السكّة الحديديّة مع أكثر ما يمكن من الجهات الدّاخليّة وذلك لتسهيل عمليّات تنقّل الاشخاص ونقل السّلع والبضائع في أسرع وقت ممكن .
ومن بين التصورات الاخرى كذلك القيام بدراسات معمّقة لتحديد خصوصيّة كلّ جهة من المناطق الدّاخليّة وذلك لتوفير أكثر ما يمكن من ظروف النّجاح للمشاريع الموجّهة للتنمية الجهويّة والحدّ من البيروقراطيّة وتطوير عمل الإدارة لتصبح إدارة عصريّة ومتطوّرة تلبّي حاجيّات المستثمرين وتساندهم في إنجاز مشاريعهم وإعادة النّظر في المعاملات مع البنوك وشركات الإستثمار وشركات الإيجار المالي لتصبح سندا حقيقيّا للمستثمرين لتمويل المشاريع لا مجرّد متفرّج على الرّبوة يجحف في طلب الضّمانات وينتظر تحقيق الأرباح دون مساعدتهم على تجاوز الصّعوبات الّتي تعترضهم ودون القيام بالمتابعة الضّروريّة حتّى نضمن للمشروع أدنى حدّ من النّجاح والإستمراريّة.
بالاضافة الى التّشجيع على بعث المشاريع ذات القيمة المضافة العالية الّتي يكون لها تأثير هامّ على بعث عدد كبير من مواطن الشّغل وحث المؤسّسات على التوجّه نحو المشاريع ذات التّكنولوجيا الحديثة للرّفع من قدرتها التّنافسية وغزو الأسواق الخارجيّة الى جانب إسناد إمتيازات خصوصيّة للشّركات الأجنبيّة الّتي تقوم بتحويل التّكنولوجيا المتطوّرة لبلادنا وحثّها على ربط علاقات شراكة مع المؤسّسات التّونسيّة حتّى يتسنّى لها إستيعابها في مرحلة لاحقة.
كما انه من الضروري إعطاء الأولويّة المطلقة للبحوث التّنمويّة حتّى تصبح المؤسّسة التونسيّة قادرة على منافسة مثيلاتها بالبلدان المتقدّمة وتوطيد العلاقة بين المؤسّسة والجامعة لتطوير هذه البحوث والتّركيز أكثر ما يمكن على قطاع الخدمات وتوجيهه نحو كلّ الأنشطة الخدماتيّة وذلك لقدرته الكبيرة على خلق مواطن الشّغل دون أن تكون كلفة الإستثمار عائقا لبعث المشاريع في مجال الخدمات.

أجرى الحوار: نزار الدريدي
واعتبر العياري ان المحرّك الأوّل للإستثمار يتعلّق أساسا بتوفير مناخ إستثمار ملائم وبنية تحتيّة مهيكلة وبوجود يد عاملة كفأة وإدارة سريعة ومتطوّرة وسلم إجتماعيّة وإستقرار سياسي.
وفي حديثه ل"الصباح" تطرق العياري الى نقائص مجلة تشجيع الاستثمار في نسختها القديمة والتوجهات العامة لمجلة الاستثمار الجديدة على ضوء التنقيحات الاخيرة وأهم التصورات والمقترحات للنهوض بالاستثمار في بلادنا. وفيما يلي نص الحوار:
* كان منتظرا ان يكون مشروع المجلّة جاهزا قبل موفى ديسمبر 2012، ماهي أسباب تأخير الاعلان عن المجلة الجديدة حسب رأيك؟
- لقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول إعداد مجلّة الإستثمار وذلك بإعادة النّظر في مجلّة تشجيع الإستثمارات الّتي تمّ إحداثها بمقتضى القانون عدد 120 لسنة 1993 المؤرّخ في 27 ديسمبر 1993، وقد تعهّدت وزارة التّنمية والتّعاون الدّولي بأن يكون مشروع المجلّة جاهزا قبل موفى شهر ديسمبر 2012 ولكن إلى حدّ الآن لم يتمّ الإنتهاء من إعداد مشروع المجلّة المذكورة.
ولعلّ الأسئلة الّتي تفرض نفسها تتعلق بالتّوجّهات الجديدة الّتي سيقع إدراجها ضمن مجلّة الإستثمار، وهل سيقع مواصلة إسناد إمتيازات جبائيّة وماليّة وماهي الأنشطة الّتي سيقع التّركيز عليها لدفع الإستثمار ونصيب التّنمية الجهويّة من الإمتيازات لحثّ المؤسّسات على الإنتصاب بالجهات الدّاخليّة وهل سيحظى التّصدير بنفس العناية كما هو الشّأن بالمجلّة الحاليّة وهل ستتضمّن المجلّة الجديدة إمتيازات خصوصيّة لفائدة الباعثين الشّبّان وهل ستقع المحافظة على الإجراءات المتعلّقة بحماية البيئة ومقاومة التّلوّث؟
* كيف تقيمون مجلّة تشجيع الإستثمارات، وماهي الأهداف الأفقيّة للمجلّة الحاليّة؟
- مجلّة تشجيع الإستثمارات ترتكز أساسا على الإمتيازات المشتركة لكلّ القطاعات والمتمثّلة أساسا في الطّرح الجبائي وإقتناء المعدّات والتّجهيزات عند التّوريد أومن السّوق المحلّيّة حسب النّظام الجبائي التّفاضلي الّذي ينصّ على الإعفاء من المعاليم الدّيوانيّة وتوقيف العمل بالأداء على القيمة المضافة ومن المعلوم على الإستهلاك أو التّخفيض من نسبة الأداء على القيمة المضافة من 18% إلى 12% وذلك حسب قائمات تمّ ضبطها بأوامر.
بالاضافة الى الإمتيازات الخصوصيّة والّتي تهم التّصدير الكلّي والجزئي (نجاح محترم: 45% من المؤسّسات و75% من مواطن الشّغل في قطاع الصّناعة ولكن قيمة مضافة ضعيفة) وكذلك التّنمية الجهويّة (نسبة نمو مرتفعة في حدود 21% سنويا منذ سنة 1994 ولكن المستوى الجملي للإستثمارات كان ضعيفا مع فوارق في التّنمية بين الجهات) والتّنمية الفلاحيّة (إمتيازات هامّة ولكنّها لم تحلّ المشاكل الهيكليّة المتعلّقة بالظّروف المناخيّة، سوء تنظيم المهنة، تشتّت الأراضي...) والباعثون الشّبّان والمؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة (عدد قليل للمشاريع في حدود 150 مشروعا سنويا في حين أنّ النّسيج الإقتصادي يشتمل على 97% من المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة) وإستثمارات المساندة (إستعمال ضعيف للإمتيازات خاصّة بالنّسبة لقطاع التّعليم الخاص) والمحافظة على المحيط ومقاومة التّلوّث (إستعمال ضعيف للإستثمارات تمّ تخصيص 55% منها لقطاع الصّناعات الغذائيّة ومعالجة النّفايات)

نقائص مجلة التشجيع على الاستثمار
* وماهي أهم نقائص مجلة التشجيع على الاستثمار ؟
تتمحور هذه النّقائص بالأساس حول عدم إدراج كلّ الإمتيازات ضمن مجلّة تشجيع الإستثمارات وتشتّتها على بقيّة المجلاّت وخاصّة مجلّة الضّريبة على الدّخل والضّريبة على الشّركات.
كما ان التّنقيحات المتعدّدة الّتي شملت المجلّة صعّبت مهمّة المستثمرين لفهم محتواها (تمّ تنقيح 43 فصلا من مجمل 67 فصلا ليصل العدد الجملي للتّغييرات حوالي 64 تغييرا خلال 11سنة الأخيرة) علاوة على تعدّد الأنظمة بالنّسبة للتّصدير(مجلّة تشجيع الإستثمارات، مجلّة الضّريبة على الدّخل والضّريبة على الشّركات، القانون المتعلّق بشركات التّجارة الدّوليّة،المؤسّسات الصحيّة)..
دون ان ننسى غياب التّجانس مع الأهداف المرسومة خاصّة في إطار الفصل 52 وما بعده من المجلّة الّتي تنصّ على إمتيازات إضافيّة لتحقيق أهداف محدّدة (قطاعات لها أهميّة خاصّة، أنشطة واعدة وذات نسبة إندماج مرتفعة) وعدم التّناسق مع حاجيات المؤسّسات الصّغرى والمتوسّطة الى جانب عدم الإستجابة لإنتظارات المستثمرين الأجانب (إجراءات معقّدة،عدم الشّفافيّة في المعاملات، عدم وجود يد عاملة مختصّة في بعض القطاعات،وتعدّد الوثائق والإجراءات عند التّكوين وبعد دخول المؤسّسة طور النّشاط الفعلي).

خلق مناخ ملائم للإستثمار
* حسب اعتقادك هل يمكن القول ان خلق مناخ ملائم للإستثمار مرتبط باسناد المنح والامتيازات الجبائية والمالية؟
- في حقيقة الأمر لم تكن تمثّل الإعفاءات الجبائيّة في أيّ وقت من الأوقات المحرّك الأوّل للإستثمار والهدف الأساسي الّذي يبحث عنه المستثمرون الأجانب وذلك بإعتبار أنّ الأولويّة المطلقة تتعلّق أساسا بمناخ إستثمار ملائم وبنية تحتيّة مهيكلة وبوجود يد عاملة كفأة وإدارة سريعة ومتطوّرة وسلم إجتماعيّة وإستقرار سياسي...
وقد أكّدت المؤسّسات المالية العالميّة مثل البنك الدّولي وصندوق النّقد الدّولي بأنّ الإمتيازات والحوافز لا تأتي في المراتب الأولى في سلّم الأولويّات بالنّسبة للمستثمرين الأجانب بل تأتي في المرتبة السّابعة تقريبا وذلك بعد تحقيق الأهداف الأوليّة المتعلّقة بمناخ الإستثمار عموما.
ولكن وأمام الإمتيازات الجبائيّة والماليّة المتعدّدة، تفنّن عديد المستثمرين (أو لنقل شبه المستثمرين) من إصطياد الفرص للحصول على منح (chasseurs de primes) وذلك بتضخيم حجم الإستثمارات في أغلب الأحيان ودون البحث بصفة جديّة على تطوير المشروع وخلق أكثر ما يمكن من مواطن الشّغل .
وعلى هذا الأساس، فإنّ الجدوى الحقيقيّة ليست في إسناد المنح والإمتيازات ولكن في خلق مناخ ملائم للإستثمار خاصّة في مناطق التنمية الجهويّة والمتمثّلة بالأساس في تهيئة المناطق الصّناعيّة والطّرقات السّريعة وإيجاد ظروف الحياة المريحة الّتي تتوفّر فيها كلّ مستلزمات العيش الكريم مثل بناء المدارس والكليّات والمستشفيات والنّزل وفضاءات التّرفيه وذلك لكي لا يشعر المستثمر بأنّه يعيش في محيط غريب عنه بل في مناخ يحلو فيه العيش.

التّوجّهات العامّة للمجلّة الجديدة
* ماهي الأهداف الأوّليّة لمجلّة الأستثمار الجديدة، حسب اعتقادك؟
- تتمثّل هذه الأهداف بالخصوص في التّوجّه نحو تحرير التّجارة الخارجيّة والإستثمارات الدّاخليّة والأجنبيّة وتحسين مناخ الأعمال وتدعيم ثقة المستثمرين وغرس ثقافة المقاولة وتسهيل إحداث المؤسّسات عبر إجراءات مبسّطة اضافة الى النّهوض بالقطاعات الواعدة المرتكزة أساسا على المعرفة والتّكنولوجيا وغير المعادية للبيئة وتشجيع عناصر المنافسة والمتمثّلة بالأساس في غرس ثقافة الإمتياز وتشجيع التّجديد والإنتاجيّة مع تمييز التّنمية الشّاملة ودعم التّوازن الجهوي.
ومن بين الاهداف كذلك تدعيم الشّراكة العموميّة والخاصّة (PPP) في المجالات الإستراتيجيّة والواعدة من خلال إسناد إمتيازات التّصدير في قطاع الصّناعة الّذي يمثّل 30% من النّموّ المرتقب خلال الخماسيّة القادمة ودعم تشغيل أصحاب الشّهائد العليا وذلك بتطوير القطاعات الّتي تنتدب أكثر من غيرها المتحصّلين على هذه الشّهائد وخاصّة قطاع الخدمات بالاضافة الى الحدّ من الفوارق بين أنظمة المؤسّسات المصدّرة والمؤسّسات الّتي تعمل بالسّوق المحليّة وذلك لتساهم كلّ المؤسّسات في تطوير الإقتصاد مباشرة دون تأثيرات جبائيّة مع توفير إمتيازات خصوصيّة للتّنمية الجهويّة والتّنمية الفلاحيّة وذلك نظرا لأهميّة هذين القطاعين الإستراتيجيين والعمل على جلب الكفاءات التّونسيّة بالخارج وبعض الكفاءات الأجنبيّة في قطاعات حساسة تتطلّب خبرة عالية والتشجيع على إعادة هيكلة المؤسّسات لإبراز مؤسّسات كبرى لها القدرة على المنافسة وتصبح مؤهّلة لخلق عدد كبير من مواطن الشّغل.
ثمّ توجيه إدّخار التّونسيين لفائدة الإستثمارات المنتجة والمجدّدة وتوظيف مجلّة الإستثمار الجديدة للإسراع في إنجاز إصلاحات هيكليّة تهمّ بالأساس القطاع المالي وقطاع الصّرف وتحرير الخدمات وإصلاح المنظومة الجبائيّة.
كذلك توفير الضّمانات الضّروريّة للمستثمرين الأجانب وذلك بوجود قضاء عادل للحسم في الخلافات في إطار من الشّفافيّة والمصداقيّة وترشيد الإمتيازات الجبائيّة وحذف الآليّات الّتي لم تعط النّتائج المرجوّة وذلك في إنتظار إصلاح المنظومة الجبائيّة وتنظيم إدارة الجباية في إتّجاه مساندة الإستثمار.
* على ذكر التنقيحات التى أجريت على مجلة الاستثمار، هل هناك إنعكاسات في مراجعة الإمتيازات على موارد ميزانيّة الدّولة؟
- بطبيعة الحال إذا تمّ إعطاء الأولويّة لإعداد البنية التّحتيّة وخلق مناخ الإستثمار الملائم فإنّ التنقيص من الإعفاءات والحدّ من الإمتيازات، بإعتبار أنّه لا يمكن حذفها تماما بين عشيّة وضحاها، سيؤدّي حتما إلى التّرفيع في موارد ميزانيّة الدولة.
ولكن وعلى المدى القصير، فإنّ الموارد الإضافيّة الّتي ستنجرّ عن التخفيض في الإعفاءات والمنح، سيقع إستعمالها لتدعيم البنية التّحتيّة ولكي تتولّى الدّولة القيام بإستثمارات هامّة تكوّن القاطرة الفعليّة لجلب المستثمرين الخوّاص تونسيّون كانوا أم أجانب باعتبار أنّ المستثمر الاجنبي سيقبل بأكثر جدوى وفاعليّة على بعث المشاريع كلّما سبقه في ذلك المستثمر التّونسي خاصّة في مناطق التّنمية الجهويّة لأنّه سيكون مطمئنا أكثر على الأموال الّتي سيقع إستثمارها.
إنّ الطريقة المثلى لدفع عجلة الإستثمار والنموّ تمرّ حتما عبر الإستثمارات العملاقة الّتي تقوم بها الدّولة في مرحلة أولى ليتبعها في مرحلة ثانية المستثمر التّونسي لتكتمل المنظومة في مرحلة ثالثة وذلك بإقبال المستثمرالأجنبي على خلق المشاريع كلّما شعر بأنّ الظروف ملائمة لنجاح عمليّة الإستثمار.
وبالتّالي وعلى المدى المتوسّط والطويل، وبعد القيام بكلّ أشغال التهيئة الضرّوريّة المتعلّقة بالبنية التّحتيّة وخلق المناخ الملائم للإستثمار، سيكون للتنقيص من الإعفاءات والإمتيازات تأثير مباشر على تنمية موارد ميزانيّة الدّولة وذلك إضافة إلى الموارد الجبائيّة الهامةّ الّتي ستدرّها المؤسّسات الأجنبيّة أوالتّونسيّة التي ستكثّف بعث المشاريع وإنجاز الإستثمارات في شتّى المجالات وخلق العديد من مواطن الشغل الإضافيّة.

مقترحات للنهوض بالاستثمار
* وماذا عن التّصوّرات والمقترحات للنّهوض بالإستثمار؟
- بادئ ذي بدء ، يجب التأكيد على أنّ عبارة "التّشجيع" سيقع حذفها من المجلّة الجديدة لتصبح "مجلّة الإستثمار" وهذا أكبر دليل على أنّ التوجّه الجديد لا يعطي الأولويّة المطلقة لإسناد الإعفاءات والإمتيازات والحوافز، بل سيؤكّد على خلق الظروف الملائمة لدفع الإستثمار وذلك بتحسين محيط الإستثمار وإيجاد الآليّات الكفيلة لدفع عجلة النموّ.
أمّا عن المقترحات والتّصورات الكفيلة بدفع الإستثمار فيمكن تلخيصها في المحاور التّالية منها تكثيف المناطق الصّناعيّة بكلّ الجهات وتهيئتها حتّى يجد المستثمر الإطار الملائم لإنجاز مشروعه في ظروف طيّبة الى جانب مبادرة الدّولة بإنجاز إستثمارات هامّة بالمناطق الدّاخليّة لتفتح الطّريق أمام المستثمرين التّونسيّين والأجانب لبعث المشاريع والرّبط بين الجهات الدّاخليّة والجهات الأكثر نموّا خاصّة على الشريط السّاحلي لتكون المشاريع أكثر نجاعة ومردوديّة وكذلك تحسين البنية التّحتيّة وذلك ببناء الطرقات السّريعة وربط شبكة السكّة الحديديّة مع أكثر ما يمكن من الجهات الدّاخليّة وذلك لتسهيل عمليّات تنقّل الاشخاص ونقل السّلع والبضائع في أسرع وقت ممكن .
ومن بين التصورات الاخرى كذلك القيام بدراسات معمّقة لتحديد خصوصيّة كلّ جهة من المناطق الدّاخليّة وذلك لتوفير أكثر ما يمكن من ظروف النّجاح للمشاريع الموجّهة للتنمية الجهويّة والحدّ من البيروقراطيّة وتطوير عمل الإدارة لتصبح إدارة عصريّة ومتطوّرة تلبّي حاجيّات المستثمرين وتساندهم في إنجاز مشاريعهم وإعادة النّظر في المعاملات مع البنوك وشركات الإستثمار وشركات الإيجار المالي لتصبح سندا حقيقيّا للمستثمرين لتمويل المشاريع لا مجرّد متفرّج على الرّبوة يجحف في طلب الضّمانات وينتظر تحقيق الأرباح دون مساعدتهم على تجاوز الصّعوبات الّتي تعترضهم ودون القيام بالمتابعة الضّروريّة حتّى نضمن للمشروع أدنى حدّ من النّجاح والإستمراريّة.
بالاضافة الى التّشجيع على بعث المشاريع ذات القيمة المضافة العالية الّتي يكون لها تأثير هامّ على بعث عدد كبير من مواطن الشّغل وحث المؤسّسات على التوجّه نحو المشاريع ذات التّكنولوجيا الحديثة للرّفع من قدرتها التّنافسية وغزو الأسواق الخارجيّة الى جانب إسناد إمتيازات خصوصيّة للشّركات الأجنبيّة الّتي تقوم بتحويل التّكنولوجيا المتطوّرة لبلادنا وحثّها على ربط علاقات شراكة مع المؤسّسات التّونسيّة حتّى يتسنّى لها إستيعابها في مرحلة لاحقة.
كما انه من الضروري إعطاء الأولويّة المطلقة للبحوث التّنمويّة حتّى تصبح المؤسّسة التونسيّة قادرة على منافسة مثيلاتها بالبلدان المتقدّمة وتوطيد العلاقة بين المؤسّسة والجامعة لتطوير هذه البحوث والتّركيز أكثر ما يمكن على قطاع الخدمات وتوجيهه نحو كلّ الأنشطة الخدماتيّة وذلك لقدرته الكبيرة على خلق مواطن الشّغل دون أن تكون كلفة الإستثمار عائقا لبعث المشاريع في مجال الخدمات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.