هل يكون «اعلان صنعاء» نهاية الأزمة بين حركتي «فتح» و«حماس» واعلانا عن استئناف الحوار بين الفلسطينيين بمختلف فصائلهم في اطار وطني جاد ينهي الحالة اليائسة التي وصلت اليها القضية الفلسطينية باعتبار أن الخروج من هذه الأزمة يعد مطلبا شعبيا بالنظر الى الظروف المأساوية التي يعشيها سكان قطاع غزة المحرومون من المقومات الأساسية للحياة بإرادة اسرائيلية. لقد بات الجميع يدرك أن استمرار الوضع بالأراضي الفلسطينية على ما هو عليه من خلافات داخلية ما بين حركتي «فتح» و«حماس» وممارسات اسرائيلية ينطوي على خطورة كبيرة على القضية الفلسطينية برمتها، خاصة أن اسرائيل قد نجحت في كسب تأييد الغرب لممارساتها بسبب خلافات الفلسطينيين ولذلك فليس أمام حركتي «فتح» و«حماس» سوى العمل على انهاء الخلاف الذي طال أمده انطلاقا من بنود «اعلان صنعاء» والعمل على كسر هذه الحلقة المفرغة من الاتهامات المتبادلة من أجل الشعب الفلسطيني، خاصة أن الوضع الراهن لم يعد يحتمل المزيد من الخلافات من أجل السلطة ووضع المصلحة الفلسطينية فوق كل الاعتبارات بغض النظر عن الضغوطات الاسرائيلية الأمريكية. إن مبادرة صنعاء تحتم على الفلسطينيين اذا ما أرادوا الخروج من الأزمة وضع أجندة فلسطينية سياسية واضحة تلبي رغبات وتطلعات الشعب الفلسطيني نحو المصالحة، نظرا لوجود خطين سياسيين متوازيين لكل منهما برامجه وتطلعاته المختلفة تجاه القضايا الجوهرية وأهمها مفاوضات السلام الفلسطينية الاسرائيلية. ومن أجل هذه المصالحة، فلا بد أن تكون هناك رغبة داخلية مبنية على شراكة سياسية فلسطينية واضحة وموسعة، حتى لا يكون مصير «اعلان صنعاء» كمصير «اتفاق مكة» الذي عمل الأمريكيون والاسرائيليون على اسقاطه على خلفية العمل على إثارة حرب أهلية بين الفلسطينيين حجَب الدعم العربي للقضية الفلسطينية. مما لا شك فيه ان قبول السلطة وحركة «حماس» بالمبادرة اليمنية سيلقى دعما وترحيبا عربيين في قمة دمشق المرتقبة، بيد أن عودة الاوضاع في الداخل تبقى في كل الأحوال بيد الفلسطينيين أنفسهم، وأن دور الآخرين يكمن فقط في تسهيل وتقريب المواقف ليتحول الحوار الى ضرورة وطنية فلسطينية بحتة على أرض الواقع، وهذا في حد ذاته يتطلب إرادة سياسية ووطنية جادة وصادقة من جميع الفصائل بمختلف اتجاهاتها وعلى رأسها حركتي «فتح» و«حماس» تخدم بالدرجة الاولى طموحات الشعب الفلسطيني في الاستقلال والحرية. إن المطلوب من حركتي «فتح» و«حماس» اليوم، وبعد الاتفاق على بنود المبادرة اليمنية أن يضعا قضية انقاذ الشعب الفلسطيني فوق المصالح الحزبية والحركية الضيقة، وهذا لن يتحقق الا بتفعيل بنود «اعلان صنعاء» والدخول في حوار جاد يحقق المصالحة الوطنية ويعيد الأمور الى وضعها الطبيعي، على أن يكون هذا الحوار دون شروط مسبقة وبلا تحفظات في إطار أجندة سياسية واضحة تختزل جميع النقاط الجوهرية للخلاف ومنها عملية السلام مع الاسرائيليين وما يتبعها من متطلبات الوضع النهائي على خلفية قمة أنابوليس خاصة أن لكل طرف مصالحه، وهذا بدوره يتطلب تنازلات من الطرفين سواء كانت أمنية أو سياسية. إن الوضع الفلسطيني لم يعد يحتمل المزيد من الهزات، وأن فشل المبادرة يعني فشل آخر المساعي، ويعني أيضا استمرار الوضع الشاذ بغزة والضفة، وهو أمر يسأل عنه الطرفان، ولذلك يجب أن يكون الشعار: لا بديل الا بنجاح مبادرة الفرصة الأخيرة، ومن المؤكد أن اسرائيل ستكون هي الخاسر الوحيد بعدما كانت هي المستفيد الاول والأخير من حالة الانقسام الفلسطيني لأنها استطاعت أن تنفذ العديد من مخططاتها في ظل غياب غطاء عربي ودولي للقضية الفلسطينية. وبالتالي فإن المبادرة اليمنية تشكل أملا يجب التمسك به الى النهاية بحيث يكون على الجميع خاصة حركتي «فتح» و«حماس» تجنب الفشل مهما كانت الاسباب ومهما كانت التحديات والخلافات من أجل فلسطين والشعب الفلسطيني.