هل أصبح قدر القمم العربية أن تكون دوما محل جدل عوض أن يكون الجدل والنقاش جوهر كل قمة؟ هذا ما أصبح مطروحا خاصة قبل انعقاد قمة دمشق مع تصاعد الحرب الكلامية الخفية وأحيانا العلنية بين جانب من البلدان العربية وأخبار المقاطعات والمشاركة على مستوى منخفض وغيرها من المشاحنات التي تجد سبيلا إلى أجهزة الإعلام على اختلاف مشاربها. ولا شك أن الخلافات قبل انعقاد القمة تلقي بظلال الشك بخصوص إمكانية الارتقاء بالعمل العربي المشترك وعقلنته وكذلك بخصوص مستقبل جامعة الدول العربية التي مازالت لم تبلغ الرشد رغم أنها أكبر سنا من منظمة الأممالمتحدة وهو ما يعني أن جانبا كبيرا من القادة العرب ما زالوا لم يستوعبوا خطورة التحديات التي تواجه حاضر ومستقبل العرب دولا منفردة أو كتلة واحدة إن وجدت . ولعل نظرة حول ما يحدث في جوار العالم العربي وما يعانيه العرب عموما من أزمات متعددة كفيلة بأن تؤكد خطورة الوضع العربي بما تعكسه من تحديات على النظام العربي الذي ظل يتخبط في جملة من السلبيات كان يفترض أن يكون تم تجاوزها بمجرد انتهاء الحرب الباردة وبداية التحول في طبيعة العلاقات الدولية ومحدداتها. ويفترض أن تكون القمة العربية أفضل مناسبة لمناقشة القضايا المطروحة - دوما- وللمصارحة بدل الركون إلى الحلول غير الديبلوماسية مثل التهجم عبر وسائل الإعلام والتجريح عبر التلميح من خلال تصريحات لا طائل من ورائها ولا يعقل أن تبقى موجودة في القرن الحادي والعشرين . ولسائل أن يتساءل :لماذا لا تكون القمم العربية مثل القمم الأوروبية أو قمم الدول المصنعة؟ إن الإجابة تكمن في أمر واحد وهو أن قادة تلك الدول يتصرفون من منطلق مراعاة مصلحة شعوبهم وأن هناك مجالس منتخبة قادرة على المحاسبة وأيضا هناك وسائل إعلام يحق لها إبداء الرأي والتقييم، أما في جانب كبير من العالم العربي فإن الأمر مختلف فيما تكاد تصبح روتينا مملا للحكام وللشعوب على حد سواء وهو ما يدفع هذه الأخيرة إلى عدم المبالاة؟ ومن الخطإ التصور أن القمة العربية يجب أن تعقد بلا خلافات واختلافات لأن قمة تنعدم فيها الإشكاليات والتصورات والاجتهادات والجدل لا يمكن أن تعتبر قمة لأنها ستكون مجرد لقاء رسمي وبالتالي يتعين على الدول العربية أن تعرف كيف تتعايش مع خلافاتها وكيف تتعامل معها ليس لتأبيدها مثلما هو سائد حاليا بل لمعالجتها. إن عدم بذل أي مجهود لإنجاح أيّة قمة عربية يعني تكريسا للأمر الواقع وخاصة فيما يتعلق بعربدة إسرائيل المستمرة منذ عام 1948 وترك كل من يريد سوءا بالعرب حرا طليقا في تنفيذ مخططاته.