هل سيصبح المواطن التونسي في حاجة الى قفة من الدينارات حتى يكون بامكانه اقتناء أبسط حاجياته الاستهلاكية اليومية مستقبلا ؟ الواضح أن المشهد ليس ببعيد حسب الخبراء والمحللين في ظل تفاقم المخاوف والشكوك التي رافقت التدهور الحاد الحاصل في قيمة الدينار والذي وصف بالاخطر أمام العملات الأجنبية منذ أشهر, وهو تدهورليس بالمفاجئ باجماع الخبراء والمحللين الذين سبق لهم التحذير من هذه النتيجة ورفعوا أصواتهم مرارا مطالبين الحكومة المؤقتة باستباق الاحداث لوقف الانهيار الحاصل عبر الإصلاحات الهيكلية الجريئة وباعتماد استراتيجية اقتصادية واضحة لإنقاذ الاقتصاد الوطني وتجنيب البلاد الأسوأ . والحقيقة أن في تلك الصورة التي تسابقت الى نشرها مختلف وسائل الاعلام والتي جمعت" الشيخين المبتسمين " الغنوشي والسبسي على هامش الحوار الاقتصادي الذي دعت اليه منظمة الأعراف لا يمكنها بأي حال من الأحوال أن تقلل من حجم الازمة الحاصلة أو تعزز الثقة الغائبة في النفوس, تماما كما أنه لا يمكنها أن تقدم لتونس التي تعول على مساندة المؤسسات المالية الإقليمية والدولية ومن بينها البنك الأوروبي لاعادة الاعمار والتنمية في تحقيق أهدافها التنموية وفق ما أعلنه رئيس الحكومة المؤقت في اسطمبول بدون خطوات عملية تجمع بين تحسين وتحصين المشهد الأمني بعيدا عن تهديدات الألغام ومخاطر الإرهاب الزاحف وتطرف الخيمات الدعوية الاستفزازية ولكن أيضا بما يمكن أن ينعش الاقتصاد ويستعيد ثقة المستثمر التونسي والأجنبي ويساعد على احياء وانقاذ الموسم السياحي من افلاس محقق. ولا شك أن هذا التدهور في قيمة الدينارالذي يسجل مع تراجع احتياط تونس من العملة الصعبة حتى بلغت القدرة على التغطية 103 أيام فقط لا يمكن أن يكون من دون انعكاسات إضافية على الوضع الاقتصادي للبلاد المنهك أصلا جراء التضخم الحاصل وجمود الاستثمارات وتفاقم الديون وارتفاع البطالة وغياب الحلول العاجلة بما يعني حتما مزيد اثقال كاهل المواطن وافلاس جيبه نتيجة التهاب الأسعار وتراجع مقدرته الشرائية . بل ان في عدم وفاء حملة مكافحة ارتفاع الأسعار التي أطلقتها الحكومة بوعودها ما يعزز القناعة بأن شهر رمضان الذي تفصلنا عنه أسابيع معدودة قد يشهد المزيد من الصعوبات الاقتصادية والازمات لا سيما اذا استمرت التقلبات الحاصلة وعمليات تهريب البضائع والمواد الاستهلاكية الى ليبيا واستمرت معها الإضرابات والاعتصامات العشوائية وغلق المؤسسات واستمر بالتالي تحول وجهة أصحابها بحثا عن أماكن أكثر استقرارا وأمانا. لقد كشفت لغة الأرقام الرسمية أن نسبة التضخم سجلت خلال شهر مارس ارتفاعًا لم تعرفه تونس منذ نحو خمسين عامًا، حيث بلغ 6.5% مقابل 5.8% في نهاية فيفري نتيجة الإحتكار والتهريب والفساد ...قفة المواطن وخبزه اليومي من المسائل التي لا يمكن الاستهانة بها فلا أحد بامكانه أن يتوقع حدود الغضب الشعبي في مثل هذه الحالات خاصة عندما تتجه عيون المواطن للمقارنة بين وضعه المتأزم وبين أوضاع نوابه الكرام ونفقاتهم المتضخمة التي سيتحملها دافعو الضرائب الى حين اكتمال الدستور..