يمكن القول إن أول أمس الإثنين شكل اليوم الأسود في بورصة تونس التي سجّلت تراجعا كبيرا بنسبة 1,80% أي بخسارة جملية قيمتها 81.82 نقطة؛ وهي نسبة خسارة لم تشهدها البورصة منذ اغتيال شكري بلعيد ممّا ساهم في تراجع مؤشر"توننداكس" حيث افتتحت البورصة التونسية يوم الاثنين مداولاتها بانخفاض حاد في مؤشر توناندكس بناقص (-) 1,49 % على الساعة12.36 و4477,40 نقطة حسب ما أورد الموقع الاقتصادي "توسداكس". وذكرالموقع كذلك أن 46 من بين 61 مؤسّسة قد سجّلت تراجعا في حجم مداولاتها في حين سجّلت أربع شركات فقط ارتفاعا وهي المغازة العامة والشركة التونسية للسيارات والخدمات ومجموعة TUNINVEST وشركة التّبريد والجعّة بتونس (SFBT) . وأرجع الموقع هذا الانخفاض إلى أحداث "الشعانبي" الارهابية وتهديدات القيادي السلفي" أبوعياض" للدولة والأمن في خطاب كانت لغته حادّة وغريبة عن الشعب التونسي. . من جهته تواصل سعر صرف الدينارالذي شهد يوم الخميس الماضي رقما قياسيّا في الانحدارحيث نزل الى أدنى مستوياته تجاه اليورو والدولار الامريكي وسجّل رقما لم يسبق ان سجّله سابقا حيث بلغ سعر اليورو أول أمس 2.1453 دينار وسعرالدولار 1.647 دينار. وعلل الخبراء هذا الانحدار الخطيرالى القلق من عدم قدرة الحكومة المؤقتة الحالية على تحديد موعد للانتخابات القادمة في ظل مؤشرات علميّة وسياسيّة وبعض التصريحات على أن الانتخابات لن تكون قبل منتصف السنة القادمة وكذلك القلق من غياب رؤية سياسية واضحة ووجود صعوبات لإصلاح الوضع الاقتصادي وتعديل الميزان التجاري وتزايد حدة البطالة.. وقد علل وزيرالمالية الياس الفخفاخ أن تدهورسعرصرف الدّينار التونسي ناتج عن غياب التنسيق بين البنوك والمؤسّسات العمومية مشيرا الى ان الارتفاع المسجل غيرمبرّر خاصّة بتوفرمدّخرات العملة الصعبة. ومن جهته أعلن المستشار الاقتصادي لدى رئيس الحكومة رضا السعيدي ان سبب تدهورالدينار ناتج عن بعض العمليّات الكبرى التي تميّزت بالمضاربة وتحويل أرباح وبعض العمليات المالية والتحويليّة الخاصة بشركات كبرى. كما تمّ تسجيل تراجع احتياطي البلاد من العملة الصعبة وكذلك تراجع الواردات وقيمة الاستثمارات فضلاً عن ارتفاع التضخم. وتشير الأرقام الى تقلص مدّخراتنا من العملة الصّعبة بحوالي 4161 مليون دينار. هذا الوضع الصّعب يستوجب بكل تأكيد وبشكل عاجل تثبيت سعر صرف الدينارمقابل الدولار الأمريكي واليورو؛ إضافة إلى البدء في إصلاحات اقتصادية هيكلية حقيقية والعمل على الزيادة في حصّة السّوق سواء على المستوى المحلي أوالدولي والبحث عن الحلول المثلى لتحقيق الحوكمة الملائمة في مجال سعرالصّرف ووضع إجراءات اقتصادية رائدة على غرار عبئة الموارد المالية لدعم قيمة الدينار. هذا اضافة الى إعداد استراتيجية اقتصادية واضحة ومتناسقة تتماشى مع الوضع الراهن للبلاد. وأكد وليد بلحاج عمر، رئيس المركز التونسي لليقظة والذكاء الاقتصادي، ان التراجع المتواصل لقيمة الدينارمقابل الدولاراواليورو يبعث على القلق الشديد لاسيّما وأنه مصحوب بتراجع احتياطي العملة الصّعبة ونقص التوريد وتراجع قيمة الاستثمارات وارتفاع التضخم. من جهته اعتبرسامي مولاي، المديرالسابق لمركزالبحوث، التابع للبنك المركزي التونسي أن تراجع سعرصرف الدينارهو نتيجة لارتفاع عجزالميزان التجاري والعجزالجاري في تونس بعد الثورة مقابل ارتفاع لقيمة اليورو خلال هذه الفترة. وشهد التضخم خلال الاشهرالاربعة الاولى من السنة الجارية ارتفاعًا لم تعرفه البلاد منذ نحو خمسين عامًا، وقد ارتفع العجزالتجاري التونسي خلال الأشهرالأربعة الماضية إلى 3.412 مليارات دينار مقابل 3.316 مليارخلال الفترة نفسها من العام الماضي. وذكرت بيانات صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء نشرت آخر الاسبوع الماضي أن هذا الارتفاع في العجز التجاري لتونس يسجّل رغم تطورعائدات الصادرات بنسبة 9.9% ونموّ قيمة الواردات بنسبة 8%. وبلغت قيمة الصادرات التونسية خلال الأشهرالأربعة الماضية 9.459 مليارات دينار؛ بينما بلغت قيمة الوارادات 12.871 مليارا. وكان العجز بلغ 6.5% مقابل 5.8% في نهاية شهر فيفري وعزا المعهد الوطني للإحصاء هذا الصّعود الكبير لنسبة التضخّم إلى ارتفاع الأسعار نتيجة الاحتكار وتهريب السلع إلى ليبيا، في ظل الانفلات الأمني، ما جعل المواطن التونسي عاجزًا عن توفيرما يكفيه من خضر وغلال ولحوم بسبب ضعف قدرته الشرائية. وأشارالمعهد إلى ارتفاع أسعار لمواد الغذائية مثل اللحوم (3.13%) والزّيوت الغذائية (7.12%) والخضر (2.11%) والفاكهة (2.11%) والخمور (11%) والألبان والبيض (3.9%) والمشروبات الغازية (5.5%) إضافة إلى ارتفاع أسعارالمحروقات (3.10%) والسيارات (4.4%) والكهرباء والغاز (3.7%) والإيجار (8.4%) خلال شهر مارس الماضي.