تداولت صفحات التواصل الاجتماعي "الفايسبوك" على امتداد الاسابيع الاخيرة مقاطع فيديوهات و صور وبيانات تدعو فيها بعض التيارات الدينية المتشددة الى العنف اضافة الى وصف الأمنيين ب"جيش الكافرين والظالمين"، دعوات بلغت بعض الاحيان الى حد التكفير والتحريض على العنف ضد السلطة وخاصة الأمنيين منهم. التهديد الاخير الصادر عن أبو عياض القيادي في تنظيم انصار الشريعة بإعلان الحرب على الائتلاف الحاكم واتهامه بانتهاج سياسة "مخالفة للإسلام" مثّل منعرجا خطيرا في تعامل التيار الجهادي مع الحكومة والمؤسسة الامنية بالخصوص والذي قد يساهم في إتساع دائرة الإحتقان، ويصعّد في أجواء التوتر والقلق التي تشهدها البلاد حسب بعض المراقبين بعد وصف "أبو عياض" في رسالة إلى أنصاره نشرت في الموقع الرسمي للتنظيم انصار الشريعة على شبكة التواصل الإجتماعي، حكام البلاد، ب"الطواغيت المتسربلين بسربال الإسلام والإسلام منهم براء"ووصف الامنيين ب"جنود الطواغيت".. تهديد ابو عياض بقرب المواجهة مع السلطة زاد في تأزيم الوضع خاصة بعد تصاعد الاتهامات الصادرة من بعض القوى السياسية ضد التيارات السلفية بضلوعها في الاحداث الاخيرة التى جدت في جبل الشعانبي إثر انفجار عدد من الالغام خلفت اصابات بليغة في صفوف قوات الامن والجيش. وفي هذا السياق اوضح المولدي علي مجاهد رئيس حزب الأصالة السلفي في تصريح ل"الصباح" ان الاحداث الأليمة التى جدت في جبل الشعانبي تثير العديد من التساؤلات حول توقيت وقوع هذه الاحداث والجهة التى قامت بهذه العمليات خاصة في ظل ورود العديد من التقارير التى تشير الى ضلوع اطراف استخباراتية أجنبية في احداث الشعانبي. واضاف ان نقاط استفهام تطرح لعدم اصدار اي طرف سلفي لبيان يتبنى فيه احداث جبل الشعانبي، مؤكدا ادانة حزب الاصالة السلفي لانفجار الالغام التى اوقعت اصابات بليغة في صفوف قوات الامن والجيش. وقال:"التيارات السلفية ليست بالغباء والسذاجة للوقوع في هذه الاخطاء والاحداث خاصة وان كل التيارات السلفية استخلصت العبرة مما جرى في التجربة الجزائرية". تونس ليست ارض جهاد وبخصوص الدعوات للجهاد في بلادنا قال محدثنا ان "تونس ارض دعوة وليست ارض جهاد ولا يحق رفع السلاح في وجه التونسيين"، مدينا كل من يرفع السلاح في وجه اي تونسي مبينا انه" لا جدوى للعمل المسلح في بلادنا وجهاد السلاح مكانه ارض فلسطين وضد الكيان الصهيوني". واعتبر ان ما الت اليه بلادنا ناتج عن ضعف الدولة اضافة الى "حقرة" الحكومة الحالية للتيارات السلفية واقصائها وتهميشها وعدم فتح باب الحوار معها مستغربا في نفس الوقت الدعوات الى رفع السلاح ضد التونسيين والقتال ضد قوات الامن والجيش. وفي ما يتعلق بتوصيف الامنيين بالطواغيت ذكر مجاهد ان الذين يوصفون بالطواغيت "هم اخواننا وعائلاتنا" حيث اشار الى ان كل عمل خارج القانون مدان والتيارات السلفية دعاة رحمة وعلم وليس سلاح واقتتال وليس من الحكمة او الاسلام زيادة مشاكل البلاد وترهيب العباد ولابد في هذا الاطار من جميع القوى والحساسيات السياسية تحكيم لغة العقل والحكمة وتقديم مصلحة البلاد على المصالح الضيقة. وذكر زعيم حزب الاصالة السلفي بأن"جهات اجنبية واستخباراتية تريد ان تكون تونس اليوم مثل الجزائر في التسعينات من خلال ادخال البلاد في فتنة وصراعات فضلا عن بث البلبلة بالقلاقل لتوجيه الرأي العام عن القضايا والمسائل الرئيسية التى قامت من اجلها الثورة." ادانة لكل اشكال العنف.. ومن جهة اخرى أدان صلاح الدين البوعزيزي رئيس المكتب السياسي لحزب جبهة الاصلاح السلفي "كل اشكال العنف مهما كانت مبرراته ومن اي جهة صدرت او تحت اي شعار موضحا في نفس الاطار ان الدعوات الى التحريض على العنف والتمهيد للفوضى او الدفع الى الصراع مرفوضة." واضاف ان هناك محاولات لتوتير الاوضاع في بلادنا والدفع نحو مزيد من الاحتقان من اجل خلق ازمة شاملة مؤكدا دعمه للنشاط الدعوي للتيار السلفي وتكثيفه بعيدا عن التوظيف السياسي والخطاب التحريضي. في نفس السياق اوضح ان المعالجة الامنية ضد التيارات الدينية ليست حلا وستزيد من حالة الاحتقان خاصة في ظل الاتهامات الصادرة عن القوى السياسية بضلوع التيارت السلفية في احداث الشعانبي وغيرها من الاحداث السابقة. وبيّن ان الوضع الراهن الذي تعيشه البلاد طبيعي ونتاج لتداعيات الثورة ومساحة الحرية التي استفاد منها كل التونسيين بطرق مختلفة مضيفا انه من الضروري التصدى للجهات التى تسعى الى نسف كل ما تحقق من مكاسب واغراق سفينة الوطن وافشال مسار الحريات سواء تحت منطق امني او بمغامرات سياسية تفتقر الى العقلانية.