تونس - الصباح: بتأخير نصف ساعة عن الموعد المحدد... ظهرت على ركح المرسح البلدي بالعاصمة مساء أمس الأول المنشطة التلفزيونية أسماء بالطيب لتعلن عن افتتاح الدورة التاسعة عشرة لمهرجان الموسيقى التونسية من خلال الترحيب بالجمهور قبل أن تحيل الكلمة لمديرة الدورة الفنانة سنية مبارك وتقدم برنامج السهرة في الجزء الأول منها. ...واختفت فجأة انطلقت السهرة التي أشرف على تنفيذها موسيقيا الفنان كمال الفرجاني بمعزوفة لمحمد علي كمون جاءت عبارة عن توليفة بين عديد المقامات التونسية وبدأ تواتر الفنانين على الركح وسط صمت رهيب من الجمهور الذي انتابته حالة من الملل منذ بداية الحفل... فالمنشطة أسماء بالطيب سرعان ما اختفت على الأنظار حيث غلب على صوتها الرتابة والضجر وهي تقدم مختلف فقرات سهرة الافتتاح... فقد اكتفت بقراءة ما تم تدوينه لها على احدى الورقات بدون اجتهادات أو إضافات من شأنها أن تبعث الحرارة وتضفي طابع الاحتفالية والفرح في افتتاح مهرجان وطني يعنى ويهتم بالشأن الموسيقي في بلادنا. حيرة وتساؤلات عبّر العديد من الفنانين وحتى من الجمهور الحاضر بكثرة من خلال الدعوات الخاصة عن الحيرة من هذه الرتابة المقيتة فلم يكن هناك اجتهاد أو حتى مبادرة لانصاف الفنانين التونسيين من شعراء وملحنين... فسفيان الزايدي قدم «لا نمثلك بالشمس ولا بالقمرة» دون إشارة إلى صاحبها الفنان الراحل مصطفى الشرفي وملحنها الراحل قدور الصرارفي.. ورؤوف ماهر صعد على الركح ليقدم أغنيتين وكأنه يؤدي واجبا مفر وضا عليه فحتى أغنية «عينيك تقتل فيّ» التي جاءت في مقام الكردي لم تقع الاشارة لمؤلفها وملحنها. وغنت سلاف «لا حدش صغالي» للملحن أحمد القلعي و«ما تفكرناش» للملحن محمد رضا. لماذا يا زهرة؟ وانتظر الجمهور من الفنانة شهرزاد هلال وهي من الأصوات التي تجمع بين الاقناع والامتاع تقديم احدى اغانيها الخاصة بها... إلا أنها اختارت أو قل طلبوا منها تقديم «يا زهرة» للملحن خميس ترنان... مخلفة أكثر من سؤال حول سرّ هذا الاختيار؟. وليد الغربي وزياد غرسة اختار العديد من الفنانين على حد السواء مغادرة القاعة الى البهو للتدخين أو ترشف قهوة وعقد لقاءات ثنائية وثلاثية وحتى رباعية محورها الأساسي سهرة افتتاح المهرجان وما شابها من روتين وبطء... لكن هذا لا يمنعنا من القول ان وليد الغربي وزياد غرسة برزا بشكل كبير وسط هذه الرتابة من خلال معزوفة «بلادي» التي كشف فيها وليد الغربي تشبعه بالموروث الفني التونسي الذي اجتهد وعمل على نفض الغبار عنه بالاعتماد على الآلات التقليدية كالقمبري والسطمبالي والايقاعات البدوية... وفاجأ زياد غرسة الحضور بأغنية «جيت نغنيلك غناية» نص الشاعر الدكتور علي الورتاني من حيث الألحان المعتمدة حيث أعلن من خلالها زياد غرسة اقتحامه اللون الغربي وايقاع الراي وهو المعروف عنه تخصصه في المقامات والنغمات التونسية الأصيلة فأي سرّ وراء هذا الاختيار؟ نحن نسأل على اعتبار أن زياد غرسة له توجهه الموسيقي المعروف والذي برع فيه بشكل كبير ثم اشرافه على فرقة الرشيدية... وفي اعتقادنا أنه هو المؤهل الوحيد للإجابة عن هذا السؤال؟ غير أن هذا لا يمنعنا من القول ان أغنية «جيت نغنيلك غناية» تجربة طريفة شدّت الانتباه في مسيرة فنان نحت نجاحه بأظافره..