أجمع عدد من الشيوخ والمختصين في الدراسات الإسلامية على أن "الخيمات الدعوية أصبحت تحريضية وهي محرمة بالكتاب والسنة بعد أن وصفوا الأمنيين بالطاغوت وهي أعلى درجات الكفر". وحذر فريد الباجي مدير دار الحديث الزيتونية انه "في حال تمت المواجهة في القيروان بين الأمن وأنصار الشريعة قد يؤدي ذلك الى تشكيل خلايا دموية تفجيرية". وقال الباجي في تصريح صحفي على هامش ندوة انتظمت أمس بتونس برعاية مؤسسة المجد للدراسات واتحاد الطرق الصوفية ودار الحديث الزيتونية حول "دور الخطاب الديني في نبذ العنف والتصدي للإرهاب" انه تجري "تحركات في الكواليس واتصالات بأنصار الشريعة لإقناعهم بالعدول عن عقد مؤتمرهم اليوم بالقيروان". واعتبر أنه في صورة تمسك أنصار الشريعة بعقد المؤتمر الآن فهذا يؤكد أنه ليست لهم ثقافة دينية واسعة وفهم سياسي بل تحكمهم العاطفة. وانتقد مدير دار الحديث "وصف انصار الشريعة للأمنيين بالطاغوت وهي أعلى درجات الكفر وهذا خطر لان الخيمات الدعوية أصبحت تحريضية وهي مجرّمة بالكتاب والسنة". ودعا الباجي قوات الأمن في حال وقعت المواجهة بينهم وبين أنصار الشريعة ان لا يستعملوا الرش من جديد ولا الالتجاء إلى السلاح القاتل إلا في حالات الدفاع عن النفس. ميثاق وطني كما طالب مدير دار الحديث الزيتونية مكونات الدولة والمجتمع دون استثناء الى التوقيع الرسمي على ميثاق وطني جامع وموحد للقواسم المشتركة بين جميع التونسيين يحفظ وحدته ويحمي دماءه. وحسب الباجي تتمثل أركان الميثاق الوطني للاتحاد والسلم الأهلي في اعتبار الوحدة الوطنية والسلم الأهلي المقصد الاسمى والمصلحة العليا والضرورة القصوى والغاية المثلى والأولوية العاجلة والملحة تقتضيها المرحلة الانتقالية وان الشعب التونسي يقبل جميع المواطنين مهما كانت خلفياتهم السياسية او العقائدية او الإيديولوجية كإخوة في الوطن ومهما كانت الخلافات واشتدت لا يمكن اللجوء إلى العنف المادي. التحريض اللفظي بالتكفير جريمة كما جاء في الميثاق "لا نقبل حل خلافاتنا الا بطريقتين لا ثالث لهما الحوار الهادئ والعاقل أولا ثم القضاء ثانيا والتعجيل الفوري بتحقيق العدالة الانتقالية عن طريق المصارحة الجماعية الشفافة أولا ثم المساءلة ثم الاعتذار ثم المصالحة الوطنية العامة ولا تكون محاسبة أيّ طرف متهم بالتعدي على حرمة الشعب التونسي الا بواسطة القضاء، كما نعاهد الشعب التونسي بأن نعتبر حرمة دمه وعرضه وماله كحرمة دمائنا وأعراضنا وأموالنا، ونعتبر التحريض اللفظي بالتكفير جريمة وطنية وخيانة عظمى يجرمها القانون والشرع، وعلى الزعامات الدينية ان تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف إضافة الى عدم التعرض إلى مقدسات الشعب التونسي الدينية المجمع عليها التي من شانها إثارة العنف والفوضى". ومن بين الموقعين على هذا الميثاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة وجميع أعضاء التأسيسي وقيادة اركان الجيوش الثلاثة وقيادة نقابة الأمن الداخلي والأحزاب المرخص لها ورؤساء الجمعيات المرخص لهم وفي مقدمتهم اتحاد الشغل وجميع الشخصيات الوطنية ورؤساء النقابات الإعلامية والعمالية وزعماء الأقليات التونسية كاليهود والمسيحية والشخصيات المؤثرة في أتباعها كشيوخ الصوفية وزعماء العروشية. عقد مؤتمر حاشد.. وفي سياق متصل قال محمد خليل مختص في الدراسات الإسلامية "كنت أتمنى لو التقينا للحديث عن قيم رفيعة وليس حول الإرهاب لكن نجد أنفسنا مجبورين على ذلك بحكم الظرف الحالي". وتساءل خليل عن "أيّ موقف من دعاة التكفير؟" مقترحا تجاوز التنديد والتشهير واعتماد طرق عملية أخرى لمقاومة الظاهرة بالحوار والدعوة الى عقد مؤتمر حاشد بحضور علماء من تونس والخارج. ومن جانبه قال عبد الوهاب الهاني رئيس مؤسسة المجد للدراسات الإستراتيجية ان تونس ستخرج من هذه الأزمة لكن التحدّي الكبير اليوم هو أمام وزير الداخلية كيف يضمن حرية التعبير والتظاهر وأمن التونسيين في نفس الوقت. وعبّر الهاني في سياق حديثه عن أمله في وجود عقلاء داخل التيار السلفي. وضع خطير.. وصف مازن الشريف الباحث في الدراسات الإسلامية ورئيس مؤسسة الشريف للدراسات "من يتحدث عن الوهابية 'فزاعات' بالغبيّ، مشيرا الى أنه بعد المرحلة التكفيرية تاتي المرحلة التفجيرية وافتكاك المساجد مثلما حدث مع جامع بلال بسوسة ثم استعمال المنابر والسواطير وبعدها تقييد المؤسسة الامنية وبعدها ينتقلون الى العنف التنظيمي ودخول الأسلحة ومنها ما أودع الى مالي وما بقي بتونس". وذكر الشريف بالمحاضرة التي قدمها منذ مدة حول "مشروع الدولة الوهابية الرابعة" داعيا الى ضرورة فهم الأمن الشامل "لأن الوضع في تونس أصبح حرجا وخطيرا وعلى الصوفيين النهوض لإعادة الابن المسروق".