بقلم: وليد الشريف من مكر القدر أو لعلّ من حكمته أن يكون اسمه «سامي» ويكون اسمها «سامية». وأن يأتي بهما في نفس الزمن ليكون في قصّتيهما عبرة لأولي الألباب؛ فالإثنان سَموْا بهما فوق القانون. فأمّا «سامي» فسَموْا به فوق القانون ظلما وعدوانا. حكمت له محكمة التعقيب أكثر من مرّة. وأبى القائمون بالأمر تنفيذ الحكم وإقامة الحقّ. وأمّا «سامية» فسَموْا بها فوق القانون زورا وبهتانا. كالت التهم جزافا ورمت الناس بالجرائم بصريح العبارة. وأبى المشرّعون للأمر رفع الحصانة عنها فجعلوا بينها وبين القانون سدّا. ولذلك رأيت في القدر مكرا وحكمة. فهو ماكر إذ يجعل من المنادين بتحصين الثورة ليلا نهارا هم الذين يجب تحصين الثورة منهم لعدم احترامهم القوانين ولتعدّيهم على حقوق الناس. وهو حكيم إذ يبيّن لنا فشل الاعتماد على الوازع الدّيني وحده لإدارة العلاقات بين الناس وسياسة أمورهم. فمن يصرّ على هضم حقّ سامي لا يكون إلا واحدا من هذين الاثنين : الشخص الأوّل: هو شخص استقرّ في قناعته أنّ «سامي» مذنب، يستحقّ العقاب حتّى وإن حكمت محكمة التعقيب بغير لك. فهو بعدم الإفراج عن «سامي» يحسب نفسه أداة للعدل الإلهي ومحقّقا لإرادة الله. وهويبات راضيا عن نفسه معتقدا أنّه بريء أمام المولى. وهكذا يمكن لأيّ إنسان في أيّ موقع أن يحسب العدل الإلهي في شيء يراه وحده ويستقرّ في قناعته وحده فيطبّقه ولوكان خارقا للقانون. فيتصرف كلّ حسب فهمه وعلمه وشعوره ويصبح العيش فوضى والتصرفّات اعتباطيّة. الشخص الثاني: هو شخص يقرّ في نفسه أنّ العدل في تطبيق قرارمحكمة التعقيب وأنّه إذ يمتنع عن تنفيذ قرارها إنّما يأتي عملا شريرا وسيّئا غايته المصلحة. بيد أنّه ولكي ينام ونفسه راضية، يستذكرحسناته ويراجع ميزانه فيذهب في ظنّه أنّ في ميزانه ما يمحوهذه السيّئة وأنّ الكفّة مائلة للخيرأكثر منها للشرفيغفر لنفسه هذه الزلّة. وهكذا وإذا اعتمد كل نفس التفكيريعمّ الظلم والفساد والكلّ حاسب أنّ ميزانه ثقيل وأن في رصيد حسناته ما يغطّي على سيّئاته. إنّ الوازع الدّيني يمكن أن يهذّب الأفراد ولكن لا يمكن أن يسوس العلاقات والتعامل بين الناس. فالذنب من الوجهة الدينيّة يمكن أن يمحوه العمل الخيّر. أمّا اختراق القانون فلا يمحوه عُمْرٌ من العمل الحسن والتصرّف القويم وهو يوجب العقاب مهما كانت حسنات مقترفه. قبل زمن لامتناهي وأمام العرش رفض إبليس تطبيق الحكم وظنّ أنّه يمتلك الحقيقة أولعلّه حَسِبَ أنّ في ميزانه ما يشفع له عدم الإذعان للحكم، فخرج منها مذموما مدحورا إلى يوم الدّين.