خلال كشف وزارة الداخلية منذ أيام عن هويات المتورطين في احداث الشعانبي واغتيال شكري بلعيد ظهرت للعيان بعض المعطيات التي كان لها أكثر من دلالة فجل المتهمين والمتورطين ينحدرون من الشمال الغربي، اغلبهم من جندوبة والكاف وايضا سليانة.. ولا شك أن التركيز على هوية هؤلاء لا يفسر فقط بوجود الشمال على المناطق الحدودية للجزائر بل ايضا بما عاشته مناطق هذا الاقليم على امتداد 50 عاما من الحرمان والتفقير.. ورغم أن الارهاب لا وطن له وسيكون من المجحف أن ننسبه الى جهة معينة، فإن الحديث عن هوية جل المورطين في الاحداث المذكورة يقيم الدليل على أن الشباب المفقر والمهمش يسهل استقطابه ان لم نقل شراءه الى حدّ التحكم فيه.. وإذ لا أحد ينكر بأن الشمال الغربي كبقية مناطق الجمهورية قد أنجب النوابغ وكبار الاطباء والمهندسين والعلماء فإنه ايضا ظل ضحية سياسة اقصائية استغلتها بعض الأطراف والجهات ذات الصلة بالارهاب، اذ من السهل أن يتحول المهمش الى معارض للحكم والاستبداد فيذهب للبحث عن جنة الخلد طالما هو فاقد لادنى مقومات العيش التي تحفظ له كرامته.. ولهذا ففي كلمة، لا غرابة في أن يذهب هؤلاء للقتال بسوريا أو يتورطون في أعمال إجرامية إرهابية فهم يتوهمون جنة أخرى.. وينتشر المتشددون والمعارضون في المناطق المهمشة وكذلك حتى الاحياء الفقيرة مثل سيدي حسين ودوار هيشر وحي التضامن.. الأحداث تسجل في هذه الاحياء المعدومة والمناطق المحرومة لهذا يبدو أن مقاومة الارهاب والقضاء عليه ليست فقط باستعمال السلاح وسلطة القانون، بل أيضا بتحرير هذه المناطق من التهميش وبالتنمية والتوزيع العادل لخيرات البلاد والتشغيل ومراجعة الخارطة الصحية وتحسين وضعيات أبناء وبنات هذه المناطق. إنهم مواطنون فاعلون يتفاعلون مع بقية الناس على أساس تكافؤ الفرص في ظروف العيش والشغل والتنمية...