تعيش 3000 آلاف عائلة من متساكني أحياء "سبرولس" بكل من المرسى وحي الرمانة والمنزه الثامن والمنار، حالة من الترقب والتوتر مخافة إخراجهم من منازلهم التي سكنوها منذ 1983 وذلك على خلفية رفع شركة "سبرولس" قضايا ضدهم من أجل عدم خلاص معلوم الكراء المتخلد بذمتهم منذ فيفري 2011. وفي هذا السياق ينفذ غدا متساكنو هذه الأحياء وقفة إحتجاجية أمام مقر وزارة الشؤون الإجتماعية من أجل الضغط على الحكومة للبت في مشكلهم المتواصل. ويذكر أن متساكني هذه الأحياء امتنعوا عن سداد معلوم الكراء، بعد أن ماطلتهم وزارة الشؤون الاجتماعية، بخصوص تمكينهم من عقود تمليك لهذه الشقق خاصة وأن أغلب السكان قطنوا هذه الأحياء منذ 30 عاما، وقد قامت الدولة في 1989 بمنح جميع متساكني"السبرولس" في كامل تراب الجمهورية عقود تفويت بالتمليك، باستثناء أحياء المرسى والرمانة والمنزه الثامن والمنار، على أساس أن متساكنيها هم من"ذوي الدخل المحترم وبإمكانهم تسديد معاليم الكراء إلى ما لا نهاية". تواصل التهميش وقال عضو ناشط ب"الجمعية التونسية للدفاع عن حقوق شاغلي مساكن "سبرولس" المستثناة" ل"الصباح" طلب عدم الكشف عن هويته أن"مطالبهم مشروعة، خاصة أنه منذ 2005 تم سداد ثمن هذه المساكن، وكان من المفروض أن يتم إسناد عقود تمليك للمتساكنين، لكن النظام البائد أصر على مواصلة سياسة الإستغلال، وبعد الثورة انتظرنا أن يتم إنصافنا وإيجاد حلول منطقية ترضي جميع الأطراف، لكن لا حياة لمن تنادي.. إذ لم تكلف الحكومات المتعاقبة نفسها مجرد النظر في هذه الملفات، رغم أننا طرقنا جميع الأبواب وراسلنا جميع الهياكل المعنية من الوزارات ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية وشركة "سبرولس"، والمجلس التأسيسي.. لكن لم نجد أي تجاوب.. وهو ما ولد حالة من التوتر الإجتماعي، مما دفع بالمتساكنين إلى الإمتناع عن سداد معلوم الكراء منذ 2011، والذي أصبح عبئا يثقل كاهلهم، خاصة وأنه يرتفع كل سنة بقيمة 5 بالمائة." ويضيف محدثنا أن"الحكومة في الآونة الأخيرة ودون سابق إنذار، رفعت قضايا ضد المتساكنين من أجل سداد الكراء المتخلد منذ 2011، مع التهديد بإخراج كل من لم يقم بتسديد هذه المبالغ.. وتم الشروع في استدعاء بعض المتساكنين للمثول أمام القضاء.. ونحن نطالب وزارة الشؤون الاجتماعية بالجلوس إلينا والإستماع إلى مطالبنا للتوصل إلى صيغة تفاهم ترفع عنا هذه المظلمة وتضمن حق الشركة والدولة.. خاصة وأن الوضع ينذر بإنفجار وشيك". وضعيات إجتماعية صعبة "الصباح" تحولت إلى مساكن"السبرولس" بحي الرمانة، وعاينت الوضعيات على عين المكان.. وأول ما يجلب الإنتباه هي الحالة المزرية للمباني.. وانتشار الأوساخ، وانعدام ظروف الصيانة.. وقد أجمع المتساكنون على ضرورة إسراع الحكومة بحل هذا الإشكال في أقرب الآجال. وأفادنا بعض الأهالي بأن وضعياتهم الاجتماعية والمادية لم تعد تسمح بسداد معلوم الكراء..خاصة أن نسبة كبيرة من السكان هم من المتقاعدين والأرامل.. إضافة إلى إنتشار ظاهرة البطالة في صفوف الشباب.. مؤكدين على استحالة الخروج من منازلهم بعد 30 عاما.. بهذه الطريقة التعسفية.. رافضين ما يعتبرونه سياسة المساومة والمماطلة التي تنتهجها الحكومة.. حالة الشاب رمزي تعكس الوضعية الإجتماعية الصعبة للمتساكنين.. ويذكر محدثنا -وهو نادل بمقهى- أنه بعد وفاة والديه اللذان سكنا هذا الحي منذ 1983، أصبح العائل الوحيد لشقيقتيه ولم يعد بإمكانه تسديد معلوم الكراء الذي يصل إلى 350 دينارا شهريا.. وتم استدعاؤه للمثول أمام القضاء يوم الخميس المقبل من أجل القضية التي رفعتها شركة النهوض بالمساكن الإجتماعية ضده في عدم الخلاص.. واكد أنه أصبح وعائلته مهددين بالتشرد.. لكن في المقابل لن يترك منزل والديه مهما كانت التكاليف. هذه عينة من العديد من الحالات التي أصبحت عاجزة عن تسديد معلوم الكراء الذي صار كابوسا مرعبا للمتساكنين الذين سبق وأن قاموا بعدة تحركات للتعبير عن مخاوفهم التي شارفت أن تتحول إلى كارثة.. حيث اعتصم المتساكنون في أفريل 2012 وقطعوا سكة الميترو كشكل من أشكال الإحتجاج على تجاهل الحكومة لمطالبهم.. وخلال زيارتنا لحي"سبرولس" بالرمانة لاحظنا حالة من الغليان خاصة لدى شباب الحي الذين هددوا بتصعيد الموقف والتصدي لأية محاولة لإخلاء المنازل بالقوة العامة.. كما أعلنوا عن مقاطعتهم للانتخابات القادمة مهما كانت الظروف.. محملين الحكومة مسؤولية ما قد يحصل في صورة مواصلة سياسة التعنت التي تنتهجها إزاءهم.