تونس - الصباح الأسبوعي يمثل غدا الثلاثاء مغني الراب «ولد ال15» أمام محكمة الاستئناف من جديد للنظر في مآل الحكم الابتدائي الصادر ضدّه والقاضي بسنتين سجنا مع النفاذ العاجل على خلفية نشره لفيديو كليب على موقع اليوتيوب وصف فيه أعوان الأمن بوصف مشين «البوليسية كلاب» واتهم فيه الأمنيين بممارسة العنف ضدّ المواطنين دون رقيب أو حسيب ودون الدخول في تداعيات هذه القضية التي أسالت الكثير من الحبر، فان الملفت والخطير في الأمر ما نقلته اذاعة شمس من تصريح للكاتب العام للنقابة الوطنية لقوات الامن الوطني نبيل العياري، يوم الجمعة 21 جوان 2013 مقاطعة الامنيين لكل حفلات مغني الراب هذه الصائفة إثر اجتماع النقابات الأساسية لقوات الأمن في الشمال الغربي.. ومن بين الأسباب التي قدّمتها النقابة هو تعمّد مغني الراب إهانة الأمنيين في بعض أغانيهم.. علما وأنها ليست المرة الأولى التي يعمد فيها الأمنيون الى الامتناع عن تأمين حفلات فنية وكلنا يتذكّر ما حدث في السنة الفارطة لبعض عروض الممثل لطفي العبدلي هذا التصرّف نعتبره رد فعل متشنّج ولا يليق لا بالمؤسسة الأمنية التي ترنو إلى تأسيس منظومة الأمن الجمهوري ولا بهيبة الدولة المدنية والديمقراطية التي تحترم مواطنيها والتي لا تتصرّف معهم كرعايا ترفع عنهم الحماية متى عنّى للمسؤولين ذلك هيبة الدولة.. بين الذاتي والموضوعي هيبة الدولة لا تضمنها لا رغبات ولا أهواء الأشخاص ولا انفعالاتهم المتشنّجة، هيبة الدولة تضمنها مؤسسات وقوانين ونواميس واضحة في إطار علاقات محكومة بعقد اجتماعي يسري على الجميع قد يكون «ولد الكانز» تجاوز القانون واعتدى معنويا على الأمنيين من خلال نعوت مشينة وكلمات جارحة لكن اليوم هو يمثل أمام القضاء للبت في مآل قضيته وبالتالي لا يجب أن يعاقب موضوعيا من قبل القضاء وذاتيا من قبل النقابات الأمنية فعون الأمن هو موظّف دولة مهمته الأساسية توفير الأمن لكل المواطنين بكل حياد أو نوازع ذاتية، ومغنّو الراب هم قبل أن يكونوا فنانين هم مواطنون تونسيون من واجب الدولة حمايتهم، كما وأن الداخلية هي من وزارات السيادة الحساسة والدقيقة بالنسبة للتونسي و ذا أصبحت تتعامل بمنطق الضغائن مع المواطنين والفنانين وأصحاب الرأي فان ذلك بداية شرخ وانتكاسة حقيقية لمنظومة الأمن ككل.. كما لا يفوتنا التذكير بأن اعداد الخطط الأمنية لحماية الممتلكات والأشخاص من المفروض أن تكون من مهام وزارة الاشراف وليست من مشمولات النقابات الأمنية التي نشدّ أزرها وندعمها في مساعيها لتحسين ظروف عمل الأمنيين ماديا وعلى مستوى القوانين.. نأمل أن تتدارك وزارة الداخلية هذه الهفوة وأن تعامل المواطنين حتى ولو أجحفوا في حقها على قدر المساواة.. وتلك فلسفة الأمن الجمهوري