لم تكن النتيجة النهائية في انتخابات المحامين مفاجئة بالنسبة للعديد من المتابعين لأهل القطاع على اعتبار ان أصحاب العباءة السوداء كثيرا ما يرفضون من كان مواليا او قريبا للسلطة او حتى في شبهة العلاقة باي حزب حاكم. ولئن عكست النتيجة النهائية واقع المشهد فان في ذلك تأكيدا على أن المحامين لا يقبلون إلا استقلالية القطاع وهي ثوابت كثيرا ما دافعت عنها الهيئات التي سعت عبر الأجيال الى ترك مسافة واضحة من السلطة القائمة مهما كان لونها. وما يلاحظ أن التصويت لم يكن بالكثافة المطلوبة بالنظر الى العدد الجملي للمحامين إذ ان عدد المشاركين في التصويت خلال الجولة الاولى والثانية من المرحلة الانتخابية لم يتجاوز 3 آلاف محام. الاستقلالية لم يكن عنوان الاستقلالية بمعزل عن المترشحين لانتخابات الهيئة او الفروع بل كان واقعا عينيا ترجمه سعي المحامين للنأي بالعمادة من اي تجاذب سياسي او انحراف حزبي قد تجرّ إليه رؤى العميد القادم. ويفهم المتتبع للعملية الانتخابية ان البحث عن استقلال القطاع لم يكن هاجس قدماء المهنة فحسب بل ايضا من الجيل الجديد من الاساتذة الذين انتقلوا من مرتبة الملاحظين خلال الحملة الانتخابية الى مرتبة الحاسمين في الانتخابات . وبالرغم من وجود مترشحين موالين لبعض الخطوط السياسية (يساري/ قومي/اسلامي) الا ان الحسم كان لفائدة العميد الجديد الذي كان اكثر استقلالية عن بقية المترشحين بالاضافة الى عنصر الشباب على اعتبار ان محمد الفاضل محفوظ كان اصغر المترشحين لخطة عميد المحامين. الطريفي و بودربالة...خارج الحسابات انتهت الجولة الاولى من التصويت في حدود الساعة السابعة والنصف من مساء الاحد بحصول محمد فاضل محفوظ على أعلى عدد من الأصوات وصل إلى 1062 صوتا في حين حصل المحامي محمد نجيب بن يوسف على 936 صوتا. وحصل مختار الطريفي على المرتبة الثالثة من حيث عدد الأصوات ب 544 صوتا مقابل 307 أصوات لابراهيم بودربالة و226 صوتا لصالح المحامي صلاح الدين الشكي. وقد بلغ عدد المحامين لدى التمرين الذين أدلوا بأصواتهم 592 من جملة 2335 محاميا، وحظي محمد الفاضل محفوظ بأعلى عدد من الأصوات بلغ 218 صوتا في حين حصل محمد نجيب بن يوسف على المرتبة الثانية بواقع 202 صوت ولم يحظ مختار الطريفي سوى ب88 صوتا. وبالنسبة إلى المحامين لدى الاستئناف الذين يبلغ عددهم 3791 محاميا، فلم يصوّت منهم سوى 1441 محاميا، وقد حظي محمد الفاضل محفوظ بالمرتبة الأولى بواقع 554 صوتا في حين حصل محمد نجيب بن يوسف على 466 صوتا. أما بالنسبة لمحاميّي التعقيب فقد قدّر عددهم ب 1830 محاميا في حين لم يشارك في عملية الاقتراع سوى 1074 محاميا، وحظي محفوظ ب268 صوتا مقابل 268 صوتا لبن يوسف. جولة الحسم أكد عدد من المحامين ان الجهات لعبت دورا مميزا في دعم المترشح محمد الفاضل محفوظ الذي عول كثيرا على محاميّي الفروع خاصة منهم فرع صفاقس الذي صوّت بكثافة في الجولة الثانية لفائدة محفوظ وهو ما أضفى عليه صفة مرشح الجهات. أما في ما يخص محمد نجيب بن يوسف فقد كان يعوّل كثيرا على أصوات محاميّي تونس الكبرى وبعض من محاميّي الجهات إلا أن ذلك لم يسعفه في الظفر بمنصب عميد المحامين التونسيين. وبالعودة الى الأصوات الممنوحة لكلا المترشحين خلال الجولة الثانية فقد تحصّل محفوظ على 1546 صوتا أي بزيادة 484 صوتا مقارنة بالجولة الاولى. في حين حصل بن يوسف على 1012 صوتا مقابل 936 في الجولة الاولى. وارجعت مصادر من المحامين اسباب الزيادة في عدد الاصوات بالنسبة لمحفوظ الى الدعم الذي وجده العميد الجديد من قبل بقية المترشحين سيما الاستاذين مختار الطريفي وابراهيم بودربالة. وأكد العميد الجديد في تصريح لشمس آف آم ان أول الإجراءات التي سيتخذها، الحوار مع زملائه حول حضور المحاماة في الهيئات التعديلية والدستور ودورها في المرحلة الانتقالية. وأضاف أنه سيجد حلولا للمشكل المتعلق بصندوق الحيطة الإجتماعية للمحامين والأرصدة المالية وذلك بعد الرجوع لعموم المحامين. وأشار محمد فاضل محفوظ إلى المشاكل المتعلقة بقطاع المحاماة والتي يتعرض لها المحامون على كامل تراب الجمهورية.