الأسبوع البورصي : تراجع في أداء توننداكس    عاجل/ إيران: أي دولة تشارك في التصدي للهجمات ضد إسرائيل ستكون هدفاً لنا    احتجاجات أمريكا : رئيس الفيفا يدلي بهذا التصريح قبل انطلاق كأس الأندية    تسجيل خمس حالات وفاة بين الحجيج التونسيين حتى الان    عاجل/ "خرج عن السيطرة": نداء استغاثة بعد انتشار مرض الجلد العقدي بين الابقار بهذه الجهة    إيران تُغلق مجالها الجوي حتى إشعار آخر    النجم الساحلي يعلن رسميا القطيعة مع محمد المكشر وكافة الإطار الفني    انتر ميامي يفقد خدمات نجمه أمام الأهلي المصري    ترامب يتراجع عن مداهمات الترحيل بحق هؤلاء    مساء اليوم : المالوف التونسي ....يشدو في باريس    عاجل/ ايران تعلن مقتل 60 مدنيا بينهم اطفال في هجوم اسرائيلي    أنس جابر تتعرف على منافستها في دورة برلين للتنس    صفاقس : تزويد السوق بالمواد الإستهلاكية مرضي.. وتسجيل 1934 عملية رقابية من غرة ماي إلى 12 جوان الجاري (الإدارة الجهوية للتجارة)    عاجل ورسمي: الترجي يتعاقد مع لاعب دولي جديد    ولاية تونس: جلسة عمل حول تقدم إعداد مخطط التنمية 2026-2030 على المستوى المحلي    عاجل/ وقع منذ اكثر من شهر: وفاة أستاذ جرّاء حادث عقارب    التعاون الحالي بين تونس والمنظمة العالمية للصحة الحيوانية ابرز محاور لقاء وزير الفلاحة بالمديرة العامة للمنظمة    وزارة المراة: تكليف سنية بن جميع بمهام مدير عام مركز البحوث والدراسات والتوثيق والإعلام حول المرأة    تنسيقية العمل المشترك تطالب السلطات الليبية برفع الطوق المفروض على مخيم قافلة الصمود    الحرارة تصل 41 درجة اليوم السبت.. #خبر_عاجل    عاجل : الأردن يعيد فتح مجاله الجوي صباح اليوم السبت    إسرائيل تهاجم من جديد مواقع إيرانية وتعلن تدمير المنشأة النووية بأصفهان    الصواريخ الايرانية تضرب مقر هيئة الأركان الإسرائيلية في تل أبيب    الخطوط التونسية تعلن عن تغييرات في رحلاتها نحو باريس    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    نابل: افتتاح ورشة لاعادة رسكلة النفايات البلاستيكية وتثمينها بفرع بني خلاد للاتحاد التونسي لاعانة الاشخاص القاصرين ذهنيا    وزارة العدل ترفض هذا المقترح    منها العطش وانقطاع الكهرباء...كيف سنواجه أزمات الصيف؟    صفاقس.. عودة 516 حاجّا وحاجة من البقاع المقدّسة    تأخير النظر في قضية بشير العكرمي وحبيب اللوز    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الممثل والمخرج محمد علي بالحارث    كاس العالم للأندية 2025: إنفانتينو يصف نسخة 2025 ببداية حقبة جديدة في كرة القدم العالمية    صمود الأوضاع المالية على الرغم منحالة عدم اليقين الناتجة عن الحروب التجارية    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    الدورة الأولى من الصالون الوطني للفنون التشكيلية من 14 جوان إلى 5 جويلية بمشاركة 64 فنانا من مختلف الولايات    إعادة تهيئة المقر القديم لبلدية رادس مدرجة ضمن برنامج احياء المراكز العمرانية القديمة باعتباره معلما تاريخيا (المكلف بتسيير البلدية)    وزارة الشؤون الثقافية تنعى المخرج والممثل محمد علي بالحارث    سليانة / كميات الحبوب المجمعة بلغت الى حدود اليوم الجمعة 283 الف قنطار    توزر: يوم مفتوح للتعريف بفرص التكوين في مهن السياحة والمسار المهني لخرّيجيها    الصحة العالمية تحذر من طرق الترويج للسجائر    من قلب الصحراء التونسية : حليب الجمل يتحول الى الذهب الأبيض...روبرتاج يكشف التفاصيل    العثور علي جثة مواطن مذبوح في بوعرڨوب    عاجل/ انطلاق تطبيق قرار منع استعمال الأكياس البلاستيكية في جربة    نتائح حملة مراقبة الأضاحي: حالات ''بوصفير'' و أجزاء غير صحيّة من ''السقيطة''    افتتاح الدورة الثامنة من المهرجان الدولي لفنون السيرك    كرة يد: باسم السبكي يواصل تدريب الترجي الرياضي التونسي (رئيس الفرع)    نحو نفس جديد للسينما التونسية : البرلمان يدرس مشروع قانون لإصلاح القطاع    مدنين: الميناء التجاري بجرجيس يستعد لاستقبال اولى رحلات عودة ابناء تونس المقيمين بالخارج    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل : قبل صافرة البداية في مونديال الأندية.. رسالة عربية مباشرة إلى رئيس الفيفا    رئيس الجمهورية يؤكد على الخيارات الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة القادمة    انطلاق خدمة التكفّل عن بعد بالجلطات الدماغية في جندوبة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طرق فعّالة لإزالة بقع الحبر من الملابس البيضاء باستخدام مكونات منزلية    عاجل/ رصد متحوّر كورونا الجديد في هذه الدولة..    موعدنا هذا الأربعاء 11 جوان مع "قمر الفراولة"…    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    









«ماديبا» الذي لا يرتقون إليه...
ممنوع من الحياد
نشر في الصباح يوم 02 - 07 - 2013

العالم يتكلم لغة مانديلا وأنظاره تتطلع إلى بريتوريا لمعرفة أخبار أول رئيس أسود لجنوب افريقيا في صراعه مع الحياة،
لأن من كان بحجم مانديلا ونضالاته وتضحياته لا يموت ولا يُمحى من ذاكرة شعبه ولا يسقط من الذاكرة الإنسانية.. صلوات تقام في مختلف أنحاء العالم إجلالا وإكبارا لرجل أحب شعبه وعشق وطنه فتحول الى أسطورة تتناقلها الأجيال..
مانديلا اليوم موضوع الخاصة والعامة، وهو على فراش المرض وقد تقدم به السن، لا يكاد يمر يوم دون أن تتصدر أخباره وصوره صفحات كبرى الصحف الامريكية. عشاقه سواء من عرفوه عن قرب وعايشوا تجربته النضالية ومسيرته الطويلة في مكافحة العنصرية وتحقيق المساواة والعدالة لأبناء شعبه، أو أولئك الذين تابعوا ملحمته التاريخية، يدركون اليوم قيمة ومكانة الرجل الذي سجل التاريخ اسمه بحروف لن تمحى وهي حروف أشد لمعانا من الذهب وأرفع شأنا من كل الكلمات والحروف الزائفة..
أسطورة كان مانديلا.. وأسطورة سيبقى، وهو الذي ترفع عن كل الحسابات الشخصية الضيقة ولم يجعل من سنوات سجنه الطويلة في سجون "الأبرتهايد" موضوعا للمقايضات والمزايدات الرخيصة، بل لأكثر من ذلك، فقد اشترك في الحكم مع من كانوا بالأمس القريب جلاديه، وقدم للعالم أفضل الدروس في مفهوم القيم الإنسانية والحكمة التي دفعت بلاده ذات العرقيات المتعددة إلى طريق المصالحة والمحاسبة.. طريق لم يكن ممهدا، وربما لم يكتمل بعد، ولكنه منح مانديلا بعد أن استعاد حريته مكانة زعيم ورمز لا يدركه الكثيرون...
مانديلا أو "ماديبا" -أب الأمة كما يسميه شعبه- صاحب جائزة نوبل، ورجل حمل من الألقاب وحصد من الجوائز ما جعله يتفرد على الكثير من الزعامات التي لم تعرف من الزعامة غير الإسم، استحق أن يكون له ذلك الموقع في كل القلوب والنفوس وهو الذي جاء الى السلطة في بلد طالما خضع لسلطة البيض، في أعقاب 27 عاما من السجن الانفرادي، ولم يسع بعد إطلاق سراحه لأن يلعب دور الضحية أو يجعل من سنوات سجنه موضوعا للانتقام والتشفي من جلاديه، أو ورقة للابتزاز والفوز بالتعويضات على حساب شعبه.
تحمل مانديلا السلطة فكان على درجة من المسؤولية وصدق النوايا. كان بإمكانه بعد أن وصل الى كرسي الحكم ألا يفارقه حتى آخر رمق، ولكنه آثر غير ذلك، وقلة من زعماء العالم تملك تلك الدرجة من الترفع.
مانديلا اليوم حديث العامة والخاصة في كل العالم وليس في أمريكا فقط من يقيم له الصلوات، فالرجل اليوم يكاد يكون رمزا لكل الشعوب بمختلف انتماءاتها وحضاراتها.. وفي روما أطلق على إحدى البلدات الصغيرة اسم مانديلا وحمل أحد جسور هولندا اسمه ومنحت كينشاسا دورها اسم الزعيم مانديلا على احدى ساحاتها.
هذا الاهتمام العالمي ليس لأن مانديلا لا بلد أو لا شعب له يحيي ذاكرته ويحفظها، فكل جنوب افريقيا اليوم بمختلف عرقياتها وأقلياتها تحبس أنفاسها لأجله، ولكن لأن الرجل نجح في الاختبار الذي سقط فيه أغلبية الحكام الذين أغرتهم السلطة، ولم ينجرف إلى إغراءات الحكم ولعنة الكرسي الذي جعل من كانوا يحسبون أنفسهم من المناضلين الابطال جلادين جددا.
ربما لهذه الأسباب ولغيرها يسعى كبار قادة العالم للوقوف بين يدي مانديلا في هذه اللحظات وعلى مآثره وهم يدركون جيدا أنه ليس من يحتاج لهم في هذه المرحلة بل هم الذين يحتاجون لمانديلا الشيخ ليستعيدوا معه صورة تراجعت لدى الرأي العام ومكانة تدهورت. أحد هؤلاء الرئيس الأمريكي باراك أوباما أول رئيس أسود لأمريكا خلال جولته هذا الأسبوع في افريقيا، وهو الذي كان يمني النفس بالظهور إلى جانب أول رئيس أسود لجنوب افريقيا لفرض مقارنة قد لا تجوز بين زعيم صنع مجده ومجد شعبه، ورئيس شاب طموح يحلم أن يذكره التاريخ إلى جانب زعيم في حجم مانديلا...
طبعا، ليس بإمكان الحكام الجدد في دول الربيع العربي أن يتوقفوا عند ملحمة مانديلا أو يقرأوا مسيرته أو يتعلموا من تضحياته وما تحقق بفضله من مصالحة وطنية وتقدم في المسيرة الديموقراطية، فمعاني الترفع عن الابتذال والتواضع أمام الشعوب لا تزال غائبة من قاموسهم السياسي، ونموذج مانديلا، وإن حرصوا على التشبه والاستشهاد به، ليس بقريب من عقلية الحاكم العربي حتى وان بلغ السلطة في أعقاب ثورة شعبية اهتز لها العالم...
مانديلا وأمثاله لا يموتون ولا يمكن للذاكرة الإنسانية أن تسقطهم حتى وإن كانت لهم أخطاؤهم وعثراتهم، أما غيرهم من الحكام فقد أسقطتهم الذاكرة وسيلفظهم التاريخ حتى وإن كانوا أحياء...
مانديلا أحب شعبه فأحبه الشعب وأخلص له... هكذا هم العظماء ومانديلا أحد هؤلاء الذين سيسجل التاريخ أسماءهم، ويكفيه فخرا أنه لم يجعل من سنوات سجنه وتضحياته الجسام سببا للتمسك بالسلطة والتفرد بها هو وعائلته وأصهاره. كان مانديلا – وسيبقى- من طينة فئة من العظماء الذين لا يجود بهم التاريخ إلا لماما... ومن كان يرى في نفسه من زعماء اليوم أنه وريث مانديلا فهو واهم، فأسطورة مانديلا غير قابلة للتكرار مع من جعلوا من النضال والتضحية طريقا للتسلط والابتزاز والبحث عن تعويضات لا تنتهي، من أجل أهداف أبعد من أن تكون أهداف وطنية...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.