تأكدت بما لا يرتقي للشك تخوفات القائمين على السلطة من مشروع حملة "تمرّد" التي تهدف الى اسقاط الحكم القائم في تونس من خلال حل المجلس التاسيسي بالاساس. في واقع الامر -واذ تبدو فكرة التمرد الى حد الان فكرة معزولة نسبيا بالنظر الى حجم الامضاءات والتي قيل انها وصلت الى نحو "200 الف امضاء"- فقد اسهمت السلطة عبر مكونيها (المؤتمر والنهضة) بالاساس الى الاسراع باثبات تخوفاتهما من امكانية ان تفرض حركة تمرد واقعا سياسيا جديدا شبيها بذلك الواقع المصري الذي اسقط حكم الاخوان من عليائه. فقد اخطأت الرئاسة عندما سارعت برفع دعوى قضائية ضد كل من يدعو الى الانقلاب على السلطة الشرعية.. غير ان خطوة الرئاسة واجهت في المقابل خطوات تصعيدية من قبل عدد كبير من التونسيين الذين قرروا التمرد على ابرز مؤسسة رمزية في البلاد في تحد واضح وتاكيد على ان كل ممنوع مرغوب فيه. ولم تكن مؤسسة الرئاسة وحدها الرافضة لمنحى التمرد بل عاضدتها في ذلك قيادات من ضلعي الحكم المشار اليهم اعلاه حيث جند حزبا المؤتمر والنهضة كتيبة فايسبوكية "لتمييع" المشروع ليعوض مصطلح "تمرد" بمصطلح "تمرمد" وقد بدات اولى اشارات هذا اللفظ مع وزيرة شؤون المراة سهام بادي حين قالت "اللي باش يتمردوا يحضروا رواحهم للتمرميد". ولم تقف حملة صد "تمرد" عند هذا الحد بل ان بعض الصفحات على موقع التواصل الاجتماعي أنشأت حركة موازية ل"تمرد" اطلق عليها اسم "نتمرد من اجل الحفاظ على الشرعية". الصراع الإعلامي بسهولة كبيرة وجدت "تمرد" عددا مهما من المخارج الاعلامية سواء كانت وطنية او دولية فقد فتحت كل من قناة العربية ابوابها امام المتمردين الشبان ليؤكدوا على عزمهم في المضي قدما لاعادة تشكيل مفهوم الثورة وتحقيق اهدافها التي بقيت جميعها في التسلل. كما اسهمت اذاعتا "مونتي كارلو" و "rfi" و"فرانس24" في التعريف ب"التمرد" وتقديم قياداته الشابة الى الراي العام الوطني والدولي والتاكيد على سلمية تحركاتهم السياسية التي لا تهدف الا لتعديل الوضع السياسي في تونس. بدورها نقلت قناة الميادين والاخبارية السورية وقناة العالم في اكثر من مرة مداخلات قيادات الحملة سواء كان ذلك في ندوتهم الصحفية الاولى او في برامج مباشرة او حتى في نشرات الأخبار. مواقف جديدة من ابرز ردود الافعال التي صاحبت حملة "تمرد" ما تم نقله في الاونة الاخيرة عن موقف وزير الداخلية لطفي بن جدو بالتصدي ل"تمرد" اوضحت وزارة الداخلية "أنّ نقل هذا التصريح لم يكن دقيقا نظرا لكون السيد الوزير تحدّث عن موقف عام وليس من طبعه استخدام التهديد بل يعمل في إطار القانون". واضاف البلاغ "ان وزير الداخلية لم يتطرق إلى أمر لم يجدّ بعد، إنّما دعا الجميع من منظور أمني صرف إلى وجوب اتقاء الفتنة"، كما حثّ الأحزاب والمجلس التأسيسي على "التوافق وإنهاء المرحلة الانتقالية في أسرع وقت حتى تسير تونس إلى برّ الأمان، درءًا لكلّ مكروه قد يصيب أبناء هذا الوطن العزيز". وقد نقلت بعض المصادر الاعلامية ان وزارة الداخلية ستتصدى بكل قوة لاي شكل من اشكال التمرد وذلك في رد على ما اعتبره انصار "تمرد" سابقا بانهم سيجدون الدعم من الامنيين الشرفاء والعسكريين الوطنيين لاسقاط حكم الاخوان في تونس. أم زياد وبن دبة.. تمردّتا وفي اولى ردود الفعل على الدعوى القضائية التي رفعتها رئاسة الجمهورية وصفت نزيهة رجيبة في تصريح ل"الصباح نيوز" الامر بوصمة عار في جبين البلاد وان تونس بصدد العيش مجددا تحت نير الدكتاتورية الناشئة. واعتبرت ام زياد ان مثل هذا التحرك قد اثبت حقيقة الارتباك الذي تعيشه السلطة بالاضافة الى محاولتها خنق كل اشكال التعبير. من جانبها اعلنت الناشطة السياسية ليلى بن دبة عن عزمها في المضي قدما والمطالبة باسقاط النظام حيث اعلنت على صفحتها الرسمية انها تتبنى موقف اسقاط النظام. وقالت في هذا الباب موجهة الحديث الى رئيس الجمهورية المؤقت منصف المرزوقي "أتريد مقاضاتي لانني لا اريدك رئيسا لي.. ولا شرعية لك.."؟ الرئاسة توضح افاد مصدر بدائرة الاعلام والتواصل برئاسة الجمهورية امس ان رئاسة الجمهورية قدمت شكوى ضد الطاهر بن حسين صاحب قناة الحوار التونسي وكل شخص دعا الجيش في 23 اكتوبر 2012 و6 فيفرى 2013 الى تسلم مقاليد الحكم معللين ذلك بانتهاء شرعية المجلس الوطني التاسيسي. وبين ذات المصدر ان عريضة الشكوى التي تم تقديمها الى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس يوم 10 ماي 2013 موجهة ضد كل من يدعو الى تبديل هيئة الدولة وتحريض الجيش على الانقلاب على السلطة الشرعية. واكد انه على عكس ما تم تداوله في مختلف وسائل الاعلام فان هذه القضية "غير مرتبطة بحملة تمرد في تونس والاحداث الجارية في مصر، بل هي قضية غير استعجالية ذات اجراءات قانونية عادية ولا يبت فيها بسرعة".