التقى مؤخرا راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة ب"غريمه" السياسي الباجي القائد السبسي قصد التباحث في سبل الخروج من الأزمة السياسية الخانقة التي ترزح تحت وطأتها البلاد منذ اغتيال الشهيد محمد البراهمي. وهو لقاء أسال الكثير من الحبر وصاحبته عديد التساؤلات ولا سيما انه أثار الاستغراب بمكان انعقاده إذ التقى الطرفان بعيدا عن الأنظار وفي باريس بمساعدة سليم الرياحي رئيس حزب الاتحاد الوطني الحر مما دفع ببعض المراقبين للمشهد العام إلى الإقرار بأنه جاء استجابة لضغوط أجنبية بالنظر إلى مكان انعقاده. ولئن أغضب اللقاء أنصار الطرفين (النهضة والنداء) فان البعض اعتبره بداية ذوبان الجليد بين الطرفين قد يتحول إلى تحالف مستقبلي قصد الخروج من عنق الزجاجة. فأي حلول تمخضت عن هذا اللقاء؟ في ردّه عن ذلك أوضح القيادي في حركة النهضة رياض الشعيبي في تصريح ل"الصباح" أن اللقاء كان لقاء أوليا تمّ فيه طرح جملة من المواضيع ولم يكن مطروحا أن يحدث اتفاق بين الطرفين. وفسر في هذا السياق أن اللقاء كان بمثابة الجلسة المخصصة للاستماع إلى مختلف وجهات النظر في الحلول المطروحة للخروج من الأزمة التي تعيشها البلاد مشيرا إلى أن هذا اللقاء ستتلوه سلسلة من اللقاءات ويبقى المهم على حد قوله أن الحاجز الجليدي بين الطرفين قد وقع كسره. وقال الشعيبي في هذا الشأن: "أن يقبل نداء تونس بالجلوس على نفس مائدة الحوار فهذا مكسب لعملية الحوار الوطني وخلال الجلسات القادمة سيقع التطرق إلى مجمل المقترحات حول التوافقات وستتلو هذه اللقاء سلسلة أخرى من اللقاءات". أما في ما يتعلق بالأسباب التي دفعت بلقائهما في باريس أفاد الشعيبي انه بحكم تواجد الباجي قائد السبسي في باريس وحرصا من الحركة على الدفع بعملية الحوار والوصول إلى حلول في أسرع وقت ممكن ارتأى رئيس الحركة التنقل إليه. وردا عن سؤال يتعلق بإذا ما سيفتح هذا اللقاء الباب أمام الطرفين (النهضة والنداء) للالتقاء والتحالف قصد الخروج من هذه الأزمة وهو سيناريو لا يستبعده عدد من المهتمين بالشأن العام.. قال الشعيبي: "هنالك مؤشرات ايجابية على إمكانية الالتقاء في المستقبل بين نداء تونس وحركة النهضة. وهنالك بعض المقترحات المطروحة من اجل مزيد التنسيق والفعل المشترك في المستقبل". في المقابل ذكر عبد العزيز القطي عضو المجلس التأسيسي المنسحب عن حركة نداء تونس في تصريح ل"الصباح" أنه لم تتمخض عن اللقاء أيّة حلول تذكر. وأوضح في هذا الشأن أن راشد الغنوشي طالب وبشدة لقاء الباجي قائد السبسي الذي أكد للغنوشي خلال هذا اللقاء انه لديه شركاؤه في التفاوض سواء كانوا من اتحاد تونس أو من المجتمع المدني وباقي الأحزاب على أن موقف حركة نداء تونس هو ذاته مشيرا إلى أن أول خطوة من اجل الانطلاق جديا في الحوار هو استقالة الحكومة والقبول بتكوين حكومة إنقاذ وطني. وأضاف القطي انه لو أن الباجي قائد السبسي قدم حلولا أو تم التوصل إلى حلول عقب هذا اللقاء لما توخى الغنوشي منهج التصعيد خلال الندوة الصحفية التي عقدت مباشرة بعد اللقاء الذي جمعهما بباريس. كما شدد القطي على انه لا وجود لتحالف مستقبلي بين النهضة والنداء مبينا أن اللقاء تم بإلحاح كبير من قبل راشد الغنوشي على حد تعبيره مؤكدا انه لا مواقف ولا حلول الا بحضور شركاء النداء في التفاوض (اتحاد تونس، منظمة الأعراف وجبهة الإنفاذ..) كما أن بداية التفاوض والحوار لن يكون إلا على أساس قبول حل هذه الحكومة. تجدر الإشارة إلى ان عضو جبهة الإنقاذ منجي الرحوي قد أشار في تصريح ل"الصباح" تعليقا عن لقاء الغنوشي بالسبسي في باريس انه لقاء يندرج في إطار التباحث في سبل الحلول الممكنة لتجاوز الأزمة السياسية مشيرا في السياق ذاته إلى أن الموقف الذي قدمه الغنوشي لا يستجيب لهذه المرحلة وكانت إجابة السبسي منسجمة وموقف جبهة الإنقاذ (حل الحكومة والمجلس) وهو ما يهمنا في هذا الأمر.