بعد كشف "المبادرة الوطنية من اجل كشف الحقيقة" في قضيتي شكري بلعيد ومحمد البراهمي عن وجود وثيقة تثبت علم وزارة الداخلية بنوايا اغتيال عضو المجلس التاسيسي محمد البراهمي قبل 10 ايام من اغتياله.. سعت كل من رئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية ووزير الداخلية الى التملص من كل مسؤولية مشددين على ان لا دراية لهما بوجود الوثيقة.. وفي الوقت الذي كان من المفروض ان يتم فتح تحقيق في وجود الوثيقة دعا المسؤولون بالحكومة الى البحث في كيفية تسريبها..علما ان وزير الداخلية لم ينف وجود الوثيقة وصرح المكلف بالاعلام بوزارة الداخلية محمد علي العروي انه تم ارتكاب خطأ في تقييم المعلومة الواردة للوزارة والتي وصلت في اطار جملة من المعلومات الأخرى.. ارتباك حكومي.. وقلق دولي الموقف الباهت لوزارة الداخلية وتأخر رد الفعل من قبل رئاسة الحكومة والمسؤولين في الدولة اعتبره الطيب العقيلي عضو مبادرة كشف الحقيقة في اغتيال بلعيد والبراهمي دليل على ارتباك كبير داخل الحكومة التي لم تتوقع تسريب مثل هذه الوثيقة. أما بالنسبة للاحزاب السياسية فرأى أنها تأخرت في ردة الفعل رغم ان الامر اخذ مساحات كبيرة في الاعلام المحلي والدولي. ورات أمنة قلالي مديرة مكتب "هيومن رايتس ووتش" في تونس أن ظهور الوثيقة يثير تساؤلات عديدة خاصة أنها صادرة عن جهة ذات مصداقية واكدت على ضرورة فتح تحقيق جدي في الموضوع.. من جانبه بين عبد الوهاب الهاني الحقوقي ورئيس حزب المجد أن ما يثير الاستغراب هو تحول النقاش الى نقاش حول من سرب الوثيقة في حين ان ذلك نقاش تفصيلي والاهم هو البحث في الاخلال الامني وتحميل المسؤوليات.. وعبر الهاني عن استيائه الشديد لوجود ما يفيد ان السلطات كانت على علم بنوايا اغتيال شخصية سياسية ونائب في التاسيسي ولم تحرك ساكنا.. وبين أن عدم اخذ السلطات التونسية بعين الاعتبار للمعلومة التي تقدمت بها جهة ذات مصداقية لها علاقات تعاون في مقاومة الارهاب مع تونس من شأنه ان يمس من سمعة الدولة ويؤدي الى تزعزع مثل هذه العلاقات. ونقل الهاني -وهو بصدد متابعة اشغال مجلس الاممالمتحدة بجنيف- مخاوف وقلق المتابعين للشأن التونسي على مصير الانتقال الديمقراطي في البلد.. خاصة مع الانتهاكات التي يشهدها قطاع الاعلام وما اثاره ظهور الوثيقة من تشكيك في مصداقية الحكومة وضعفها في تامين حياة التونسيين.. جريمة دولة..!؟ وذكر الطيب العقيلي أنه الى جانب القضية التي تقدم بها نواب التاسيسي وعائلة البراهمي ضد نفس المشتكى بهم وهم 18 مسؤولا بوزارة الداخلية ووحدات الامن العمومي وادارة مكافحة الارهاب الى جانب وزير الداخلية ورئيس الحكومة بتهمة القتل العمد مع سابقة القصد، على مستوى ردة الفعل الشعبي سيتم التقدم بقضية ثالثة طبقا لعريضة شعبية ضد نفس الاشخاص.. وقال إن "القانون التونسي يقول ان من يعلم بجريمة ولا يمنعها يعتبر شريكا فيها ويتم تتبعه بتهمة المشاركة والتواطؤ في جريمة." وذكر انه بعد عدم انكار وزارة الداخلية لوجود والوثيقة التي تؤكد علم الداخلية بنوايا اغتيال محمد البراهمي قبل 10 ايام من حادثة اغتياله، أصبحت أركان الجريمة الدولية متوفرة.. وذكر ان الاربعاء القادم سيتم تحديد مكان التقاضي من قبل المحامين الدوليين المكلفين بالقضية الدولية التي سترفع ضد رئيس الحكومة وكل من سيكشف عنه البحث. العريض ينفي علمه بالوثيقة يذكر ان رئيس الحكومة المؤقتة علي لعريض نفى اول امس في بلاغ صادر عن رئاسة الحكومة علمه بالوثيقة المسربة التي تحذر من مخطط لاغتيال محمد البراهمي وذلك في رد على تصريحات اعلامية لعضو مبادرة كشف الحقيقة في اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي الطيب العقيلي. وأكد البلاغ أن رئيس الحكومة لم يعلم بوجود الوثيقة المذكورة الا بعد فترة من حادثة اغتيال محمد البراهمي واصفا ما صرح به العقيلي ب "المزاعم والاراجيف". واعتبر رئيس الحكومة -بحسب ذات البلاغ- أن "استغلال هذه الاحداث لكيل الاباطيل للحكومة والاطارات الامنية والمدنية بالتشكيك في جهودها ومصداقيتها هو توظيف سياسي مبني على الافتراء والنيل من مؤسسات الدولة لا على تكريس احترامها واحترام قيم العدل والانصاف".