فيلم الشهيد السعيد و- الذي يعد أول فيلم تسجيلي طويل عن الشهيد شكري بلعيد مدته ساعة ونصف وانطلق تصويره بعد عشرة أيام من اغتيال المناضل السياسي التونسي الذي طالته يد الغدر يوم 6 فيفري من العام الجاري في وضح النهار وعلى بعد أمتار من بيته-.. أعتمد على الوثائق الخاصة والصور الفوتوغرافية والمواد التلفزيونية المسجلة وشهادات أسرة وأصدقاء وأنصار بلعيد إلى جانب تغطية ردود الفعل الشعبية التي عرفت أوجها يوم 8 فيفري خلال الجنازة التي قدرت المعارضة عدد المشاركة فيها بأكثر من مليون مواطن مما جعلها أكبر جنازة تعرفها تونس في تاريخها المعاصر. فيلم متعدد النهايات لسيرة ذاتية حافلة ورغم طول الفيلم وتعدد النهايات به حيث كنت أعتقد كل مرة أنه سينتهي هنا فيستمر الفيلم في نقلة أخرى لجانب أخر من جوانب حياته اليومية الا اننا لم نمل وان تململنا من طول الجلوس فقد شدتنا تفاصيل هذا البطل التونسي الذي تقول سيرته الذاتية التي وردت في الفيلم عبر الشهادات انه ولد يوم 26 نوفمبر 1964 وكان، سياسيا ومحاميا. وعضو سابق في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي والأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد. وأحد مؤسسي تيار الجبهة الشعبية وعضو مجلس الأمناء فيها. كان من أشدّ المنتقدين لأداء الحكومة الائتلافية في تونس. وهو يتبع التيار الماركسي اللينيني. درس الحقوق بالعراق وأكمل تعليمه في جامعة باريس. كان معارضا لنظام الحبيب بورقيبة الذي قام بسجنه لفترة ولنظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي. كما قام بقيادة أول مسيرات تندّد بالحرب الأمريكية على العراق. وقد دافع عن المحكومين في أحداث الحوض المنجمي في قفصة في 2008 وعن مساجين تابعين للسلفية الجهادية. كان الناطق الرسمي والمنسق العام لحركة الوطنيون الديمقراطيون. ترشح في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي على رأس قائمة مشتركة مع حزب الطليعة العربي الديمقراطي تحت اسم ائتلاف الكرامة إلا انه تحصل فقط على 0.63% من الأصوات. اُنتخب أمينا عاما لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد في 2 سبتمبر2012. ثم ساهم بفعالية في تأسيس الجبهة الشعبية لاستكمال أهداف الثورة وهي جبهة تجمع أحزاب اليسار الماركسي والقومي الى ان تم اغتياله أمام منزله من قبل مجهولين، الأمر الذي تبعته مظاهرات عارمة بالبلاد.. عاش مناضلا ومات بطلا ولذا استحق عن جدارة فيلما تسجيليا يحسب للمخرج اختياره لموضوع يؤرخ لبطل تونسي خلد لأجيال قادمة راصداً عن كثب واقع البطل المشبع بالتناقضات فلسعادة تلبس ثوب حزن على الوطن والصغير يتحدث بلسان الكبير والصيف عنده يمطر زهرا وشموس صغيرة ستشرق ذات يوم والكلمة تخرج لتكسر قيودها عابثة بالحياة والكون من حولنا فتولد تساؤلات شتى يجيب عنها الفيلم بإسهاب.. بالأمس ونحن في حفل الافتتاح وعلى مقربة من ختامه اقتربت تفاصيل الكتابة واتسعت رقعة البوح مع تناثر حبات الماس من مدامع الحضور كان الليل قد فرد جناحيه ليحتوينا منذرا نهاية النهاية.. ومعلنا ان البطل قد خالف نواميس الكون وخلف وراءه النهار وان الدوي الصاخب للبارود قد روى الارض بخضاب الحناء فأنبتت ياسمين وأن الدموع المنداحة التي انزلقت فوق الدم المتخثر البسته إكليل الموت وهو واقفا لا جالسا ولا منحنيا ولا راكعا بل شامخا شموخا فجر الحناجر من حولي لمؤسسة شكري بلعيد لمناهضة العنف (شكري حي شكري حي) ظللت طوال الليل أفكر كيف تمكن من فعل هذا بنا وعند أول تثاؤب للفجر همس رجع صداهم في أذني إنه الموت وقوفا..