في الوقت الذي كلما ازدادت بعض الشخصيات السياسية حضورا في البلاتوهات التلفزية الا وازداد الجدل حول مواقفها وأساليبها في التعاطي مع خصومها خاصة ان الصراعات تفاقمت مع الازمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ اسابيع. وان كان تباين المواقف وتناقضها مسألة عادية في ظل تعدد المنابر الاعلامية فان المشاهد قد مل حضور بعض الاسماء ليس لان ظهورها طغى على البلاتوهات فقط وانما لأساليبهم الاستفزازية التي كثيرا ما ساهمت في مزيد شحن الاوضاع في وقت كان عليها الدفع نحو التهدئة بعيدا عن الحسابات السياسية والغنائم الحزبية. عديد الاسماء من مختلف الاطراف السياسية تجاوزت حدود المعقول بانتقاداتها و"هجوماتها" وأسلوبها التهكمي ولم تكن في كثير من الاحيان في حدود المسؤولية. وقد اخترنا بعض العينات من بعض القوى السياسية وتوقفنا عند أساليبها من خلال الورقة التالية: محمد بن سالم: «المستفز» ما يعاب على وزير الفلاحة محمد بن سالم استفزازه لخصومه في البلاتوهات التلفزية وغالبا ما يعتمد أسلوبا استفزازيا فيه الكثير من التحدّي حيث مازلنا نتذكر عبارته الشهيرة "هاي جايتكم المليونية". بن سالم يغلب عليه أحيانا الحماس و"يتخمّر" الى حد انه ينسى "منصبه" ويخرج من عباءة الوزير الى شخص لا يشبهه بل انه قد لا يعرف نفسه بمجرد مشاهدة بعض استضافاته التلفزية التي "حمي خلالها الوطيس". وفي الوقت الذي لا تمر فيه أيّة مناسبة دون تأكيده على ان "الترويكا" أفضل حكومة مهما كانت حقيقة الارقام لا يتأخر بن سالم في تقزيم المعارضة ووصفها ب"الصفر فاصل" و"الفاشلين" و"الانقلابيين" وغير ذلك من الانتقادات اللاذعة التي كثيرا ما زادت في شحن الأجواء. وباختصار فانه على هذا الوزير مراجعة أسلوبه حتى لا يغلبه عناده ورؤيته الأحادية في أغلب الأحيان لمختلف المسائل. عبد اللطيف المكي: «المتكبر» لا يظهر عبد اللطيف المكي وزير الصحة العمومية الا وهو يوجه سهامه في كل الاتجاهات مخلفا تعاليق شتى خاصة مع انتقاده بشكل متواصل للمعارضة وكيل الاتهامات للاتحاد العام التونسي للشغل. وان كان غالبا يتظاهر بهدوئه ورصانته تجنبا "للنرفزة" فان ثقته المبالغ فيها أكثر من اللزوم تعكس "تكبرا" ينفر منه عدد كبير من الجمهور. المكي كان يتحتم عليه ان يكون أكثر "لينا" في مواقفه بعيدا عن التصلب حتى يساهم في الوفاق بعيدا عن الحسابات السياسية والأجندات الحزبية. حسين الجزيري: «النرفوزي» كثيرا ما تعامل حسين الجزيري كاتب الدولة للهجرة والتونسيين بالخارج في مختلف استضافاته التلفزية بأسلوب فيه الكثير من التعالي وحتى الغرور وبمنطق "إش يا ذبانة..". وإن كنا نادرا ما لاحظناه هادئا فان ملامح وجهه كذلك كثيرا ما فضحت نرفزته و"تعاليه" على بقية خصومه في البلاتوهات التلفزية من خلال "لسعاته" وتقزيمه الدائم للمعارضة التي تمثل بالنسبة اليه مجرد "صفر فاصل". الجزيري الذي يدافع دائما بشراسة على "الترويكا" وخاصة حركة النهضة هاجم في أكثر من مناسبة الاعلاميين وقدم لهم "دروسا" في الموضوعية والحرفية والحياد بشكل طرح اكثر من نقطة استفهام. ولا شك ان أسلوبه ومواقفه جعلته من الشخصيات المستفزة التي تثير مع ظهورها الكثير من الجدل. عبد الوهاب معطر: «المتشنج» أصبح ظهور وزير التجارة عبد الوهاب معطر مستفزا لدى فئة من الشعب ليس باعتبار فشله السابق في وزارة التشغيل في خلق مواطن شغل للعاطلين وعجزه في وزارة التجارة على إيجاد حلول جذرية لمشكلة الأسعار التي "ألهبت" المواطن وإنما لأسلوبه الاستفزازي في البلاتوهات التلفزية وحواراته الصحفية. وغالبا ما قفز معطر على المشاكل الحقيقية التي يعيشها المواطن ليهاجم خصومه السياسيين ويصفهم بالانقلابيين والفاشلين والصفر فاصل ليظل أثناء كل استضافة يدور في هذا الفلك بما يعكس دفاعه المستميت عن "كرسيه" ومصالح "الترويكا" وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية خاصة في وقت كان يتحتم عليه إقناع الرأي العام بوجاهة مواقفه بعيدا عن التشنج غير المقبول الذي غلب عليه في استضافاته التلفزية. سمير بن عمر: «المتذمر» لا يترك النائب سمير بن عمر أيّة فرصة تمرّ دون الهجوم على المعارضة بشكل لا يخلو في غالب الأحيان من الانتقادات والتشويه وحتى التجريح الى حدّ تبدو فيه آراؤه وقراءاته غير موضوعية لانها تستند الى أجندات حزبية ضيقة. ومثل أسلوبه في الاستضافات التلفزية ودفاعه المستميت على مصالح "الترويكا" -مهما كانت المعطيات والوضعيات- وصراخه "ضربة" موجعة لمصداقيته المطلوبة مما جعله من الوجوه المستفزة وغير المرغوب فيها التي تواجه الكثير من الانتقادات من جانب هام من الرأي العام. والأغرب ان صفحة بن عمر الشخصية على "الفايس بوك" كثيرا ما "غصت" بهجومات عنيفة على بعض الأطراف السياسية وتفنن في "السلخ" ليزيد في الشحن والتوتر في وقت كان يتطلب منه الشعور بالمسؤولية والدعوة الى التهدئة في مثل هذا الظرف الحساس. الهاشمي الحامدي: «المتلون» رغم المفاجأة المدوية التي حققها مؤسس تيار "العريضة الشعبية" في انتخابات 23 أكتوبر 2011 فإن الإطلالة التلفزية لمؤسس "تيار المحبة" أصبحت ثقيلة على نسبة من المشاهدين لأنهم ملوا من تلوّن مواقفه و"طلعاته" الغريبة والعجيبة حيث لا يستقر على رأي بل أنه قد يفاجئك في أيّة لحظة بما لا يخطر على البال آخرها اقتراحه إجراء استفتاء شعبي في ولاية القيروان كحل للخروج من الازمة السياسية. سياسيّ الفضائيات و"السكايب" كما وصفه الناطق الرسمي لاتحاد الشغل سامي الطاهري و"الحالم" دوما بالرئاسة ظل لا يظهر من وراء البحار عبر أيّة نافذة إعلامية إلا وهو يوجه سهامه الى أطراف معينة أو يقدم اقتراحات بعيدة على التطبيق بعد السماء عن الأرض. بياناته ومواقفه المتتالية و"الحربائية" والمتناقضة جعلته من الشخصيات المستفزة في نظر نسبة من المشاهدين بل ان البعض اعتبره "المختبل سياسيا". البحري الجلاصي: «الهائج» لا تمرّ أيّة استضافة تلفزية دون ان يثير رئيس حزب الانفتاح والوفاء البحري الجلاصي ضجة واسعة اما بمواقفه الغريبة و"فتاويه" العجيبة مثل تزويج القاصرات أو بمواقفه المعادية للعلمانيين حيث دعا في احدى المناسبات الى إقصائهم في الصحراء. الجلاصي الذي أفادنا في وقت سابق ان الرئيس المقبل لتونس سيكون مرزوقي جديدا من حزبه وبإمكانه توفير آلاف المليارات وتشغيل مليون "بطال"، ولا يتوانى أحيانا في فرض مواقفه حتى ب"الخنيفري" حيث فضحته "الكاميرا" في أكثر من مرة هائجا مائجا في كواليس بعض البرامج التلفزية. حمة الهمامي: «الثرثار» حطم حمة الهمامي الناطق الرسمي للجبهة الشعبية الرقم القياسي في الحضور الإعلامي باعتبار تواجده في المنابر الإذاعية والتلفزية بشكل يكاد يكون دائما بمناسبة أو بدونها. والغريب أن ما يقوله في هذه القناة يكرره في قناة ثانية و"يكعوره" في ثالثة ثم رابعة بشكل حفظنا فيه حركاته وسكناته وتفاعلاته و"هجوماته" و"كليشياته". وإذا كان الهمامي يعتقد انه سيحقق مكاسب سياسية من خلال حضوره الطاغي فهو واهم لأن ظهوره في حدّ ذاته أصبح مستفزا للبعض لأن المشاهد مل نفس الوجوه وكأن الساحة السياسية لا تعجّ بالكفاءات التي بإمكانها تقديم الاضافة في قراءاتها وطرحها ورؤيتها. حمة وان كنا لا نشك لحظة في نضالاته ماضيا وحاضرا فانه يجب ان يعلم ان انتقاد الحكومة وحده لا يصنع النجاحات وانما عليه طرح البرامج الناجعة والبدائل المقنعة حتى لا يبقى "يدور في حلاب مقعور". المنجي الرحوي: «المنتقد» لا يختلف المنجي الرحوي القيادي في الجبهة الشعبية في أسلوبه كثيرا عن رفيق دربه حمة الهمامي بل تجاوزه أحيانا في حضوره الاعلامي الطاغي الذي استغله في اتجاه واحد. انتقاد "الترويكا" وتوجيه مختلف النعوت لحركة النهضة بأسلوب مللناه لانه لا يعقل ان يكرر نفس "اللوبانة" في هذا المنبر وذاك مهما كانت مبرراته. "هجوماته" المتتالية على خصومه وخاصة حركة النهضة وأسلوبه الاستفزازي والتحريضي جعله من الأسماء التي أصبحت تسبب الكثير من القلق للمشاهد الذي سئم مثل هذه الصراعات والحروب الكلامية. لزهر العكرمي: «المشاكس» لم يتخل لزهر العكرمي الناطق الرسمي لحزب نداء تونس عن طبعه المشاكس حيث ظهر في اغلب استضافاته التلفزية منتقدا للحكومة وخاصة لحركة النهضة "كاشفا" لبعض تجاوزاتها، مشددا على فشلها وهي مهددة بدفع ثمن تعنتها. ولعل صراحته الزائدة عن اللزوم وتسميته للاشياء بمسمياتها احيانا دون أيّة تحفظات جعله من الاسماء التي لا تروق لبعض الأطراف. العكرمي ينتقد ويستفز احيانا بشكل يتجاوز حدود المعقول لانه مهما كانت الاسباب كان عليه التعاطي بأسلوب إيجابي يمكنه من إبلاغ ما يريده دون انتقاد أو تجريح. وما يجب ان يعلمه هو أن كثرة الظهور الإعلامي تؤثر سلبيا على صورة السياسي عكس ما قد يتصور. محمد عبو: «المتهكم» بقدر ما كان محمد عبو من الوجوه التي ينتظرها المشاهد للاستفادة من قراءاته لمختلف الملفات بقدر ما أصبح من الشخصيات المستفزة التي تعلن عن مواقفها وفقا لحسابات "الربح والخسارة" بعيدا عن الموضوعية. لم يخرج عبو من فلك "الترويكا" وقد تابعناه مدافعا شرسا عليها في مختلف المنابر الاعلامية التي يحضرها بل انه برز ببعض مواقفه الغريبة التي أسالت الكثير من الحبر وأثارت ضجة واسعة. وإن كان من حقه "الاصطفاف" الى جانب أيّة جهة سياسية فإن أسلوبه "الثقيل" و"المتعجرف" أحيانا يطرح أكثر من سؤال لانه كان يجب ان يكون متوازنا في أحكامه ومواقفه وقراءاته بعيدا عن حساباته السياسية. كما كان عليه ايضا تجنب أسلوبه الساخر التهكمي والاستفزازي أحيانا لان ذلك لن يزيده إلا "نفورا" من البعض.