مع انطلاق الحوار الوطني، تبقى مسالة استقالة الحكومة بين أخذ وردّ بين الفرقاء السياسيين، لكن الأكيد أن المرحلة القادمة تتطلب الإجماع على شخصية وطنية محايدة ذات كفاءة على رأس الحكومة الجديدة المطالبة أساسا بإخراج البلاد من الأزمة الإقتصادية الخانقة جراء التجاذبات السياسية التي عقبت اغتيال منسق التيار الشعبي محمد البراهمي.. غير أن الإختلاف على شخصية تقود الحكومة خلال الفترة القادمة، مازال قائما نتيجة الحسابات السياسية بين الفرقاء أكثرهم شعبية من أبرز الشخصيات الوطنية التي برزت على سطح الأحداث والمرشحة لقيادة المرحلة القادمة، أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد الذي سطع نجمه بعد انتخابات 23 أكتوبر كمحلل سياسي وقانوني عرف بمواقفه المحايدة وقربه من تطلعات المواطن العادي، وكثيرا ما انتقد الطبقة السياسية ووصفها بالعاجزة عن الخروج بالبلاد من الأزمات المتتالية.. وكان سعيد قد أعرب في عدة مناسبات عن رفضه تولّي أي منصب قيادي في الدولة، مخيرا العمل من موقعه إلا أنه أكد أمس في تصريح صحفي استعداده للإضطلاع بالمسؤولية لكن وفق شروط محددة.. ويتمتع قيس سعيد بتوافق شعبي كبير اذ احتل في سبر للآراء نشرته أمس مؤسسة "اﻣﺮﻮد ﻛﻮﻧﺴﻠﺘﻨﻎ" المركز الثاني من حيث الشعبية لدى المواطن التونسي وهو ما يجعل حظوظ أستاذ القانون الدستوري لدخول قصر القصبة وافرة رغم تشعب الحسابات السياسية.. الشاذلي العياري محافظ البنك المركزي الحالي ورجل الإقتصاد صاحب تجربة سياسية واقتصادية واسعة، شغل مناصب وزارية في عهد الزعيم الحبيب بورقيبة منها التخطيط والإقتصاد.. يتمتع بعلاقات خارجية كبيرة خاصة في المجال الإقتصادي والمالي.. تذكر بعض التسريبات أنه مرشح بارز من قبل حركة النهضة ليكون على رأس الحكومة المقبلة خاصة أن كتلة الحركة بالمجلس التأسيسي كانت قد صوتت بالإجماع على شخص العياري ليخلف كمال النابلي على رأس البنك المركزي في جويلية 2012.. وقد لاقى تعيينه على رأس المؤسسة المالية انتقادات واسعة من مختلف الأطياف السياسية على خلفية انتمائه لحزب التجمع المنحل حيث كان عضوا في مجلس المستشارين في عهد بن علي.. وهو ما سيمثل ربما عائقا كبيرا لتوليه منصب رئاسة الحكومة.. وداد بوشماوي الرئيسة الحالية لإتحاد الصناعة والتجارة، امرأة أعمال ناجحة، برزت بشكل لافت ضمن الرباعي الراعي للحوار الوطني ولعبت دورا هاما في لمّ شمل الفرقاء وجمعهم على طاولة الحوار.. وهو ما جعلها محلّ توافق بين أغلبية الأطياف السياسية.. ولئن كانت قد نفت سابقا اهتمامها بالمناصب السياسية وعدم رغبتها في تولي رئاسة الحكومة.. إلا أنها مرشحة بارزة لهذه المهمة من منطلق احاطتها بالمشاكل الإقتصادية التي تعيشها البلاد وبحكم علاقة منظمة الأعراف المتميزة مع المستثمرين المحليين والأجانب.. ويبقى تميزها كونها المرأة الوحيدة التي طرح اسمها لتولي رئاسة الحكومة، وهو ما يجعل حظوظها وافرة ربما كي تقود البلاد خلال الفترة المقبلة في إطار تعزيز حقوق المرأة.. نور الدين حشاد ابن الزعيم التاريخي والشهيد فرحات حشاد.. يأتي ترشيحه لتولي منصب رئاسة الحكومة كونه محل توافق من قبل مختلف الفرقاء من ترويكا ومعارضة.. وقد أكدت تقارير إعلامية في الآونة الأخيرة أن حركة النهضة رشحت حشاد الإبن لتشكيل الحكومة، وهو ما نفاه الديبلوماسي السابق الذي شغل خطة سفير لتونس في اليابان.. الذي أكد في تصريحات صحفية أنه لم يتلقّ أي إشعار من أي جهة كانت لتشكيل حكومة.. ورغم نفي حشاد إلا أنه يبقى مرشحا بارزا لهذا المنصب رغم قلة خبرته السياسية، وربما لعدم إلمامه بالملفات الإقتصادية العالقة.. راضي المؤدب الخبير الإقتصادي ورئيس معهد التوقعات الاقتصادية لدول المتوسط، يتمتع بخبرة دولية في مجاله وكثيرا ما تحدث عن الواقع التونسي من منظور إقتصادي، حيث انتقد الحكومات المتعاقبة بعد الثورة بأنها لم تول الوضع الإقتصادي الأهمية اللازمة، واتهم السياسيين بالإنغماس في الشأن السياسي والبحث عن المناصب مقابل إهمال المسائل الحيوية للمواطن التونسي.. وكبقية الشخصيات التي تم تداولها لرئاسة الحكومة نفى راضي المؤدب اهتمامه بهذا المنصب، مخيرا عدم دخول معترك الحياة السياسية والإكتفاء بتقديم المشورة خاصة في المجال الإقتصادي.. وقد طفى اسمه مجددا ليكون على رأس الحكومة نظرا لتردي الأوضاع الإقتصادية، وهو ما يتطلب شخصية ذات طابع اقتصادي.. وهو ما يجعله يتمتع بحظوظ وافرة لترأس الحكومة القادمة. عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع الأسبق في حكومة حمادي الجبالي، وتشير بعض التقارير والتسريبات إلى أنه يتمتع بحظوظ وافرة بالنظر لكونه يتمتع بتزكية من حركة النهصة.. لكن المأزق الإقتصادي الراهن وقلة خبرته في هذا المجال يجعل إمكانية دخوله قصر الحكومة بالقصبة غير واردة.. حمودة بن سلامة سياسي ووزير سابق يتمتع بخبرة واسعة.. من مؤسسي الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وأحد مؤسسي حزب حركة الديمقراطيين الاشتراكيين.. أثار حضوره في المؤتمر الأخير لحركة النهضة العديد من التساؤلات حيث اعتبر البعض أن الرجل يرنو العودة إلى الحياة السياسية عبر بوابة النهضة، خاصة انه سبق له أن توسط لدى الزعيم بورقيبة لإطلاق سراح قياديين من الإتجاه الإسلامي في عام 1984، كما كلفه الرئيس السابق بن علي بالتفاوض مع الإسلاميين مع بداية التسعينات.. وهو ما يجعله ربما ورقة من الأوراق التي ستراهن عليها حركة النهضة لتولي منصب رئاسة الحكومة.. لكن ابتعاده عن الحياة السياسية لفترة طويلة منذ 1991 حيث كان يشغل وزيرا للرياضة، سيجعل من الصعب استيعاب الرجل للواقع السياسي والإقتصادي المتشعب.. النوري الجويني وزير التخطيط و التعاون الدولي في عهد بن علي، وفي حكومة محمد الغنوشي التي شكلت مباشرة بعد الثورة.. وهو رجل إقتصاد يتمتع بخبرة دولية واسعة، سبق وأن رشحه حزب الإتحاد الوطني الحر لمنصب محافظ للبنك المركزي.. وذكرت بعض التقارير الإعلامية أنه يلقى مساندة من أحزاب المعارضة لتولي منصب رئاسة الحكومة المقبلة من منطلق درايته بالواقع الإقتصادي.. وتبقى خدمته لفترة طويلة في نظام بن علي ودفاعه عن سياسته قبل الثورة في إحدى المنابر الإعلامية العربية عائقا أمام وصوله إلى القصبة خاصة وأنه لا يلقى تأييدا من أحزاب "الترويكا".. مصطفى كمال النابلي خبير اقتصادي ومحافظ البنك المركزي إبان الثورة، يتمتع بتكوين أكاديمي وبخبرة دولية في المجال الإقتصادي، وسبق أن تولى في عهد بن علي وزارة التخطيط والتنمية الجهوية..وقد أثارت إقالته من قبل الرئيس المؤقت منصف المرزوقي انتقادات واسعة في الأوساط السياسية داخليا وخارجيا، حيث انتقدت وكالة موديز للتصنيف الإئتماني قرار اقالته وحذرت من التداعيات السلبية لذلك على الإقتصاد التونسي.. وبرز اسم كمال النابلي كمرشح لرئاسة الحكومة، في ظل الأزمة الإقتصادية التي تمر بها البلاد وهو الذي يتمتع بخبرة واسعة في هذا المجال.. ورغم عدم انتماءه لأي فصيل حزبي إلا أن المعارضة كثيرا ما أعلنت تأييدها للنابلي وترشيحه كبديل لعلي العريض على رأس حكومة كفاءات لطفي بن جدو وزير الداخلية الحالي الذي اختاره علي العريض ضمن حكومته في إطار تحييد وزارات السيادة إبان اغتيال شكري بلعيد.. وتؤكد بعض المعلومات أن بعض الأحزاب والمنظمات الوطنية تعتزم تزكية بن جدو ليكون على رأس حكومة الكفاءات المرتقبة.. وذلك بالنظر لعدم انتمائه الحزبي وعمله على تحييد وزراة الداخلية عن العمل السياسي.. ويرى بعض الملاحظين أن القاضي بن جدو استطاع في فترة وجيزة أن يحقق انجازات خاصة على الصعيد الأمني وذلك رغم اغتيال محمد البراهمي.. كما تؤكد بعض المصادر في صلب وزارة الداخلية أن الرجل يحظى بإجماع مختلف الإطارات الأمنية.. غير أنه واجه العديد من الإنتقادات بخصوص التعيينات وخاصة في قصية الوثائق المسربة.. والتي اتهم فيها بعدم الإلمام بكامل تفاصيل وزارة الداخلية..