الكاف: الاتفاق على بناء خزانين جديدين للماء الصالح للشرب    بحارة منطقة غنوش يحتجون..التفاصيل    حريق بمنزل في هذه المنطقة: وفاة شيخ وهذه حصيلة الاصابات..    تفكيك شبكة مختصة في بيع سماعات وتوابعها تستعمل في عمليات الغش في الامتحانات ..    5005 تلميذا سيجتازون امتحان مادة التربية البدنية    وزارة الفلاحة: نحو جلب حشرة للقضاء على الآفة القرمزية    قابس: نجاح تجربة زراعة الحبوب    عاجل: ايران تهدد مجددا ب"رد قاسي"..    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الثلاثاء 16 أفريل 2024    أبطال أوروبا: برنامج مواجهات الليلة من إياب الدور ربع النهائي    رابطة الهواة 2 (الجولة الثامنة إيابا) أفراح عارمة في منوبة وتبلبو    يورو 2024 : منتخب فرنسا يحتفظ بريادة التصنيف الدولي لأفضل 10 منتخبات أوروبية    مندوب حماية الطفولة حول استدراج أطفال عبر الانترنات: متأكدون من وجود ضحايا آخرين    جمعية القضاة : المطالبة بفتح تحقيقات حول هذه القرارات..التفاصيل    منوبة ..5075 مترشحا لاختبارات مادة التربية البدنية    ميناء حلق الوادي: حجز 7 كلغ من ''الزطلة'' مخفية بأكياس القهوة    الحماية المدنية: 19 حالة وفاة في يوم واحد    وفاة مسن في حادث اصطدام سيارة بعمود كهربائي..    في الملتقى الإقليمي للموسيقى ..مشاركة متميزة لمعاهد ومدارس القطار    في مكالمة هاتفيّة مع نظيره الصربي ..وزير الخارجية يتلقى دعوة إلى زيارة صربيا    أولا وأخيرا: ربيع النقل السريع    صفاقس ..70 عارضا بصالون الموبيليا وجهاز العرس    بالمر يسجل رباعية في فوز تشيلسي العريض 6-صفر على إيفرتون    معز الشرقي يودع بطولة غوانغجو الكورية للتنس منذ الدور الاول    عاجل : خلية أحباء النادي الافريقي بألمانيا تهدد    تقلص العجز التجاري بعد ارتفاع الصادرات وتراجع الواردات    أول تعليق لرئيس الجمهورية على أعمال العنف في حي التضامن..    فظيع: وفاة كهل جرفته مياه وادي الصابون بفريانة بعد ارتفاع منسوبه..    مع الشروق ..من «الصبر الاستراتيجي» إلى الرّدع ... ماذا بعد؟    إرتفاع أسعار الذهب لهذه الأسباب    طهران لإسرائيل: سنرد بضربة أقوى وبثوان على أي هجوم جديد    طقس الثلاثاء: سحب كثيفة وأمطار متفرقة بأغلب المناطق    سوسة: أحكام بالإعدام ضدّ قاتلي إمرأة مسنّة    حيرة بين الردّ على إيران أو اجتياح رفح...إسرائيل رهينة التخبّط    الأولى في القيادة الأركسترالية في مهرجان «Les Solistes»...مريم وسلاتي مستقبل قائدة أوركستر عالمية    عنوان دورته السادسة «دولة فلسطين تجمعنا يا أحرار العالم»...المهرجان الدولي للمونودراما بقرطاج يحطّ الرحال بنابل    أستراليا: الهجوم الذي استهدف كنيسة آشورية في سيدني عمل إرهابي    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    آخر زلات بايدن: أشاد بدولة غير موجودة لدعمها أوكرانيا    قيس سعيد: لابد من دعوة عدد من السفراء الأجانب لحثّ دولهم على عدم التدخل في شؤوننا    حركة المسافرين تزيد بنسبة 6،2 بالمائة عبر المطارات التونسية خلال الثلاثي الأوّل من 2024    جندوبة: الاتحاد الجهوي للفلاحة يدين قرارات قطع مياه الري ويطالب رئيس الجمهورية بالتدخل    معرض تونس الدولي للكتاب 2024: القائمة القصيرة للأعمال الأدبية المرشحة للفوز بجوائز الدورة    دار الثقافة بمساكن تحتضن الدورة الأولى لمهرجان مساكن لفيلم التراث من 19 الى 21 افريل    البطولة الافريقية للاندية البطلة للكرة الطائرة - فوز مولدية بوسالم على النصر الليبي 3-2    تونس: 25 دولة ستُشارك في معرض الكتاب    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    الدورة السادسة لملتقى "معا" للفن المعاصر بالحمامات يستضيف 35 فنانا تشكيليا من 21 بلدا    أنس جابر تبقى في المركز التاسع في التصنيف العالمي لرابطة محترفات التنس    نصائح للمساعدة في تقليل وقت الشاشة عند الأطفال    المؤتمر الدولي "حديث الروح" : تونس منارة للحب والسلام والتشافي    ايطاليا ضيف شرف معرض تونس الدولي للكتاب 2024    تونس: التدخين وراء إصابة 90 بالمائة من مرضى سرطان الرئة    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    أولا وأخيرا... الضحك الباكي    تونس تحتضن الدورة 4 للمؤتمر الأفريقي لأمراض الروماتيزم عند الأطفال    فتوى جديدة تثير الجدل..    الزرع والثمار والفواكه من فضل الله .. الفلاحة والزراعة في القرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإقتصاد التونسي لم يصل إلى درجة مخيفة.. والخطر يترصّدنا على المستويين المتوسّط والبعيد»
عبد الحيّ شويخة قيادي "التكتل" ل"الصّباح":
نشر في الصباح يوم 31 - 07 - 2012


عُرضت عليّ خطة محافظ البنك المركزي و رفضتها
إستقالة حسين الديماسي واقالة مصطفى كمال النابلي وتعيين الشاذلي العياري، أيام فصلت بين الاحداث الثلاثة ولكنها كانت وستكون مؤثرة جدا في واقع ومستقبل البلاد في ظل أزمة اقتصادية وتخبط سياسي أثر على موقع تونس خاصة في الساحة المالية العالمية ولدى المستثمرين الأجانب
الذين دخلوا في علاقتهم بتونس مرحلة الشكّ بعد تخفيض الترقيم السيادي لبلادنا الذي تعتمده شركات التأمين لتقييم مخاطر الاستثمار الأجنبي. حول هذه التطورات والواقع الاقتصادي والسياسي لتونس كان ل"الصباح" هذا اللقاء مع الاستاذ والخبير الاقتصادي والمالي عبد الحي شويخة الذي كان من بين المرشحين ليكون ضمن حكومة حمادي الجبالي لكنه رفض الحقيبة مثلما رفض منذ أيام رئاسة البنك المركزي.
في البداية نتحدث عن الحدث الذي ميز الساحة السياسية التونسية في نهاية الاسبوع الماضي الا وهو استقالة حسين الديماسي وزير المالية من الحكومة,فما تعليقكم على هذه الاستقالة وهل تعتبرونها مفاجأة بوصفكم من المتتبعين للحياة السياسية والمالية في تونس؟
- منذ توليه منصب الوزارة في حكومة حمادي الجبالي كان حسين الديماسي يحذر من المصاريف الكبيرة ونسبة الانفاق العالية. وحتى زمن اعداد قانون المالية حذّر الديماسي من المصاريف الكثيرة التي يمكن أن تجر تونس الى عواقب وخيمة وخاصة على المدى المتوسط والبعيد. وخلال مناقشة الموازنة المالية وقانون المالية التكميلي لاح الخلاف بين الديماسي وبقية اعضاء الحكومة ويبدو أنه تم تمرير اشياء لم يكن مقتنعا بها وبالتالي فان الاستقالة لم تكن مفاجأة خاصة في ظل التجاذبات السياسية الراهنة والتي اختتمت بإقالة محافظ البنك المركزي في أجواء غير سليمة. لكن لا بد من التأكيد أن الاقتصاد التونسي لم يصل الى الدرجة المخيفة والمشكل يبقى في الارتباط الوثيق لاقتصادنا بالاقتصاد الاوروبي الذي يمر بدوره بصعوبات كبيرة.
لكن من المؤكد أن لهذه الاستقالة تأثيرات كبيرة سواء على المستويين المالي أو السياسي؟
-التأثير اكثر منه سياسي وليس اقتصاديا. فالذين يتعاملون مع الدولة سواء من بين المستثمرين والمتعاملين التونسيين او الاجانب سينتابهم الشك حول التصرف في ميزانية الدولة وهو ما سينتج عنه تراجع في الاستثمارات . أما التأثيرات السياسية فإنها ستكون كبيرة على "الترويكا" والحكومة خاصة بعد استقالة محمد عبو.. فالاستقالات وان كانت عادية في الانظمة الديمقراطية فإنها تقلق وتزعزع الحكومات وتبعث فيها الشك.
إستقالة الديماسي والأزمة الإقتصادية
في نص الاستقالة تحدّث الديماسي عن ثغرات كبيرة في قانون المالية، فهل أثّر ذلك على الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد وعلى مشاريع التنمية؟
-يمكن الحديث عن الاقتصاد التونسي من ناحيتين.. أولا الوضع الاقتصادي العام منذ الاستقلال وهو اقتصاد هش لا يعتمد على الموارد والثروات الطبيعية المفقودة وثانيا الازمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ الثورة. فالوضع الاقتصادي العام هش منذ البداية وتونس لما استقلت كانت لها نسبة بطالة عالية ونسبة تكوين ثقافي منخفض وميادين متعددة تتطلب رأسمال كبيرا ومؤهلات . لذلك تم التركيز خاصة على تطوير ثلاثة قطاعات أساسا وهي النسيج والصناعات الميكانيكية والكهربائية والسياحة وهي ميادين تتطلب راس مال صغير وتستعمل يدا عاملة كثيرة ذات مؤهلات بسيطة ولا توفر سوى قيمة اضافية ضعيفة ولا تعطي نموا عاليا.. استراتيجية بقيت هي نفسها منذ السبعينات مما ادى الى بطالة اصحاب الشهائد العليا على عكس من ليس لهم شهائد الذين وجدوا حظهم في التشغيل في الصناعات. الاشكالية الثانية ان 75 بالمائة من اقتصاد تونس مرتبط مع اوروبا وعندما ضربت الازمة القارة الاوروبية تضررت تونس مباشرة مما خلق عدم توازن اجتماعي وهو ما عطّل النمو وخلق وضعا اقتصاديا هشا ادى الى الثورة. واليوم لا بد من تغيير استراتيجية النمو الاقتصادي باختيار قطاعات تكون القيمة المضافة فيها أعلى على غرار التكنولوجيا وقطع الغيار ولا بد من اعادة دراسة السوق العالمية مثلا في ماليزيا مهاتير محمد بدا مثلنا لكن بعد 12 سنة قرر المرور الى درجة أعلى من الاستثمارات فخلق مواطن الشغل وحقق التنمية وفي كل مرة يمر الى المستوى الاعلى.
اذا تم الاقرار بوجود أزمة اقتصادية خانقة، اي السبل للخروج منها وتجاوزها أو على الاقل الحد منها؟
-كما قلت لم نصل بعد الى الازمة الاقتصادية الحادة بل الخطر يكمن على المستوى المتوسط والبعيد. ومن الضروري البحث عن السياسة التي تخرجنا من الازمة وتدفع مجددا الاقتصاد. وفي هذا المستوى هناك خلاف كبير بين الاقتصاديين هل يتم التركيز على السياسة النقدية ام السياسة الجبائية ؟ فبالنسبة لتونس سنة 2011 تم تشخيص المشكل في أن الطلب ضعيف لذلك وجب تقويته اي تم الاختيار على نفس السياسة الأمريكية تحت حكم روزفلت التي تعتمد على توزيع الاموال وخلق السيولة وتداولها . وتم سنة 2011 اي في فترة حكومة محمد الغنوشي والباجي قائد السبسي خلق حضائر شغل وتوفير منحة امل وزيادة الرواتب من أجل زيادة الطلب والنتيجة زيادة المصاريف بنسبة13 بالمائة وفي نفس الوقت اختار البنك المركزي زيادة في حجم السيولة بصفة كبيرة لكن الانتاج لم يتطور وذلك بحكم الاضرابات والاعتصامات التي عرقلت الانتاج وخفضت من نسبة الانتاج الصناعي فزادت الواردات وزاد تضخم الاسعار. وهذا يعتبر فشلا وباعتبار ان الاقتصاد مفتوح كان من المفروض توفير حوافز للإنتاج وليس للاستهلاك وذلك عبر تشجيع البنوك لقروض الانتاج والتضييق على قروض الاستهلاك حتى نتجنب انخفاض الناتج القومي.
نجاعة الحكومة
وهل الحكومة الحالية قادرة على اصلاح الوضع الاقتصادي الحالي ؟
-يمكن ذلك عبر وضع حوافز للإنتاج اكثر من حوافز الاستهلاك.. والاصلاحات الممكنة مازالت تنتظر بعد أن غابت مشاريع الاصلاح عن قانون المالية لسنة 2012 وربما في قانون المالية الجديد ستطرح مشاريع اصلاح عميقة من شأنها أن تعدل نوعا ما من الخلل الاقتصادي..
إذا تحمّل مسؤوليّة الخلل لمحافظ البنك المركزي السّابق؟
-لا ليس كذلك وليست السياسة النقدية وحدها سبب الاشكال..والمشكل يتحمله البنك المركزي والحكومة على حد السواء. فالسياسة النقدية يجب ان تكون في تناسق مع السياسة الجبائية والعكس بالعكس. فالوضع الراهن يتطلب تنسيقا بين محافظ البنك المركزي ووزارة المالية لدفع الانتاج اكثر من تشجيع الاستهلاك.
إقالة النابلي
يجرنا هذا الحديث الى العودة لملف اقالة مصطفى كمال النابلي من رئاسة البنك المركزي.. فكيف تقيمون قرار الرئاسة والحكومة؟
-مصطفى كمال النابلي قام في ظرف سنة ونصف بأشياء هامة في ظل وضع مالي واقتصادي واجتماعي صعب بعد الثورة.. فقبل وبعد 14 جانفي 2011، قام عدد كبير من المستثمرين ورجال الاعمال والمؤسسات وحتى العامة بسحب اموالهم من البنوك. وهو اجراء من شأنه ان يتسبب في انهيار أعتاها.. وما يحسب للبنك المركزي وقتها هو الاسراع بضخ الاموال حتى تحافظ البنوك على ثقة المودعين والمستثمرين والمقرضين باعتبار ان الثقة في القطاع البنكي هي اساس الاقتصاد. وذلك الاجراء السريع منع النظام المصرفي من الانهيار بعد عمل جبار. وحاول البنك المركزي متابعة الوضع المالي الى ان تركز النظام المصرفي وعادت الثقة للجميع. انما الشيء الذي لم يقم به محافظ البنك المركزي وربما كان سيقوم به هذا العام هو توجيه التمويل الى الانتاج اكثر منه الى الاستهلاك وتدعيم النظام المصرفي عبرزيادة راس المال او دمج البنوك فيما بينها.. كمال النابلي انطلق في العملية واجتمع برؤساء البنوك وانطلق في العمل الذي تأخر لكنه انطلق فعلا. النابلي قام بعمل منقوص لكنه جيد.
هل تعتقدون ان اقالة النابلي تحمل في طياتها اسبابا اقتصادية ام ان الطابع السياسي طغى عليها أكثر؟ وأي تأثيرات لتلك الاقالة على واقع البلاد خاصة من حيث الاستثمارات الداخلية والخارجية؟
-الواضح أن اقالة محافظ البنك المركزي السابق اصلها سياسي وليس اقتصاديا. وخطأ الحكومة منذ البداية وبالتحديد منذ تشكيلها هو أنها لم تختر المحافظ أو لم تؤكد وتجدد ثقتها فيه.. بل حافظت على حبل رفيع بينها وبينه ولاحت الثقة منعدمة بين الطرفين.. وبخصوص التأثيرات، سيكون لما حصل تأثيرات سلبية في ظل سقوط الطمأنينة لدى الداخل والخارج وضعف تعليل الاقالة. التأثيرات الخارجية ستكون كبيرة خاصة من قبل المستثمرين الاجانب الذين يبقى عدم الاستقرار عدوّهم الأول ويجعلهم يترددون. فمحافظ البنك المركزي هو رمز الثقة في الاقتصاد لذلك يجب أن يكون المحافظ انسانا متوازنا وكفءا. واذا كانت سياسة المحافظ الجديد مستقرة فان الامور ستعود الى نصابها.
إضعاف الشاذلي العياري
بخصوص المحافظ الجديد، لقد مثلت تسمية الشاذلي العياري على رأس البنك المركزي أزمة بحالها ربما تجعل من عمله مستقبلا مضطربا أو حتى يفقده الاستقلالية التي يجب ان يتميز بها البنك؟
-ما رافق تسمية الشاذلي العياري من تجاذبات واختلافات واتهامات سيؤثر على عمل هذا الأخير.. فمهما كان الاسم ومهما كانت الشخصية التي تعيش ذلك الجو الذي رافق عملية التعيين ويعيش تلك الخلافات والتجاذبات أكيد سيتأثر بما حصل وما قيل. كذلك ما حصل سيزيد من شك المستثمرين في نجاعة الشخص المعيّن. وبالتالي فان الطريقة التي عين بها الشاذلي العياري تضعه في موقف ضعيف سيؤثر بالتأكيد على الاقتصاد. رغم أن شخص الشاذلي العياري الاستاذ والخبرة والكفاءة لا يرقى الى مرتبة الشك ولكن المآخذ التي اندلعت عن مواقفه السياسية السابقة كلام لا يساعده كثيرا على العمل.
عبد الحي شويخة اسم تمّ اكتشافه عند الإعلان عن حكومة "الترويكا" لتولّي حقيبة وزارة الماليّة.. لكن غاب الإسم عند الإعلان النّهائي عن حكومة حمادي الجبالي. فماذا حصل و هل تمّ التّراجع عن التّسمية أم أنّك رفضتها ؟
-بالفعل أول اسم تم اقتراحه في اطار توافق "الترويكا" وقتها لتحمل مسؤولية وزارة المالية هو اسم عبد الحي شويخة لكني رفضت تلك المسؤولية والاسباب عديدة أولها انه ومن وجهة نظري تركيبة الحكومة لم تكن في اطار تحالف احزاب بل تم اختيار اشخاص من هذا الحزب أو ذاك (النهضة-المؤتمر والتكتل) دون مراعاة عديد الاعتبارات. في انقلترا مثلا رئس الوزراء الحالي ديفيد كامرون لم تكن له الأغلبية فتحالف مع حزب ثان منحه خطة نائب رئيس الوزراء ويشرف على عدد من الوزارات.. واقترحت وقتها هذا التوجه لكن تم رفضه. فما كان مني الا رفض الدخول باسم حزب أكون فيه في موقف ضعيف داخل حكومة تأخذ فيها حركة النهضة القرارات التي تريد والبقية اما ينفذون او يتأملون لذلك رفضت المنصب.
ولكنك رفضت كذلك منصب محافظ البنك المركزي بعد أن عرض عليك خلافة مصطفى كمال النابلي قبل ايام عديدة من الاختيار على الشاذلي العياري
-بالفعل عرضت علي خطة محافظ البنك المركزي ورفضتها بدورها لأن طريقة التعيين تجعل الجميع يشك في النوايا والخلفيات. كذلك الظروف الحالية ليست مناسبة لتحمل المسؤولية.
الترويكا.. سيطرة النهضة و الإنقسامات
ماذا تقصد بكلامك ان الوضع الحالي غير مناسب لتحمل المسؤولية.. هل تقر بفشل الحكومة رغم انتمائك الى حزب التكتل الذي يعتبر أحد الاضلع الثلاثة لهذه الحكومة؟
-العمل الحكومي الحالي فيه نواقص وهو أمر عادي أمام الظرف الذي عاشته وتعيشه بلادنا. لا يمكن ان نقول أن ممثلي احزاب "الترويكا" لم يقوموا بدورهم بل أن مشكلتهم في الاتصال.. فاتصال وتواصل الحكومة واحزابها كان سيئا على عكس المعارضة وخاصة في المجلس التأسيسي التي نجحت نجاحا كبيرا في عملية الاتصال. مثلا مصطفى بن جعفر كان موقفه قويا وحاسما فيما يتعلق بالفصل الاول من الدستور ووصل حد التهديد بالاستقالة ولكنه لم يستثمر ذلك اعلاميا. ثانيا قرارات الحكومة تأخذ وقتا طويلا للصدور وتشهد ترددا مقلقا على غرار موضوع العدالة الانتقالية الذي طال بشكل كبير ومقلق.. كذلك قرار تشكيل هيئة الانتخابات وهيئة الاعلام وهما ملفان يهتم بهما الراي العام بشكل كبير لكنهما تأخرا بشكل غير مقبول وهو ما يخلق جوا متوترا.
ولكن حركة النهضة تقوم بدور اتصالي كبير ولها اسس وخطط وبرامج في هذا المجال على عكس "المؤتمر" و"التكتل" اللذين انهكتهما الانقسامات والتجاذبات الداخلية.
-بالفعل النهضة قائمة بدورها الاتصالي كما يجب على عكس الاحزاب الاخرى الذي ظل اتصالها ضعيفا والانقسامات أضعفتها. لكن كما قلت الاتصال الحكومي ظل ضعيفا ومهزوزا. في الاعلام لا بد من تبادل الآراء ولا بد من الاستقلالية لكن وجب أن يكون للحكومة اعلامها وهذا مفقود.
سيطرة النهضة على الحكومة والقرارات.. مردّها قوة تنظيمها أم ضعف شريكيها في "الترويكا"؟
-التكتل والمؤتمر يعيشان اشكالية في التسيير والتنظّم وبلورة الافكار. فبالنسبة للتكتل الذي أنتمي اليه، ظل تقريبا بلا قيادة في ظل ثقل المسؤولية السياسية لرئيسه مصطفى بن جعفر الذي تحمل اصعب مسؤولية بين الثلاثي الرئاسي وهي رئاسة المجلس التأسيسي وتسطير مستقبل البلاد. ولابد اليوم من دعم هياكل الحزب والا فان الانتخابات القادمة ستكون نتائجها غير مرضية.
الباجي و قطب حزبي جديد
المظهر السياسي في تونس بدا يتشكل بانصهار الاحزاب وبروز اتجاه نحو قطبين بارزين، النهضة من جهة ونداء تونس بقيادة رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي من جهة أخرى.. فهل أن الصراع الانتخابي سينحصر بين هذين القطبين دون غيرهما؟
-انصهار الاحزاب فيما بينها والتوجه نحو ثنائية قطبية ينحصر الصراع بينهما بالنسبة لي مشكل كبير.. لنأخذ التجربة المصرية كمثال فهل يمكن ان يجد التونسي نفسه مضطرا لانتخاب الاسلاميين او المقربين من النظام السابق دون غيرهما.. أنا مع تعدد الاحزاب. فلكل نظام مزاياه ومساوئه ونظام تعدد الاحزاب نظام كانت تفتقده تونس ما قبل الثورة واليوم التونسي اصبح منفتحا على السياسة ولا يقبل اي شيء دون مناقشته وهو مؤشر ايجابي وقوي وجب استغلاله في التعددية الحزبية التي لا تمكن اي حزب أو طرف من الهيمنة. من مساوئ المشهد السياسي الراهن التشتت ، لكن هذا المشهد احسن من الثنائية والاقتصار على اسلاميين ونظام قديم. في تونس اليوم الاحزاب لا ترغب بل لا تعرف العمل المشترك ولا تعرف التخطيط ووضع برامج استراتيجية مشتركة...وحتى التكتلات الحزبية سرعان ما تتلاشى وربما يعود ذلك الى مسالة قيادة.
تخفيض الترقيم السيادي وازمة ثقة
لنعد قليلا الى اختصاصك المصرفي ونتحدث عن مسالة التخفيض في الترقيم السيادي.. اسبابه وانعكاساته وهل هناك مؤشرات على تخفيض جديد خاصة بعد اشكالية اقالة محافظ البنك المركزي السابق؟
-اشكالية الترقيم السيادي لتونس والتخفيض فيه هو امر حتمي بعد الثورة ولا دخل لمحافظ البنك المركزي فيه... فالترقيم السيادي يهم الموارد بالعملة الاجنبية وبعد الثورة انحدرت الصادرات ومداخيل السياحة ووسائل التمويل الاجنبي فتعجز الدولة عن تسديد الديون وتشتد المخاطر والنتيجة انخفاض الترقيم السيادي... ستاندار اند بورز قامت بتلك الخطوة نتيجة الوضع الاقتصادي للبلاد وليس السياسي ومن المنتظر كذلك أن تخفض موديز للتصنيف الائتماني بدورها الترقيم السيادي لبلادنا الذي تعتمده شركات التأمين لتقييم مخاطر الإستثمار الأجنبي. وبخصوص تاثيرات التخفيض فانها ستكون سلبية باعتبار ان الاقتراض الخارجي يصبح اغلى لان المخاطر أصبحت اكبر. الولايات المتحدة قدمت لنا العون عبر ضماناتها لكن هذه الخطوة تقوم بها مرة واحدة .. كذلك من تأثيرات التخفيض الترقيم السيادي تقلص التمويل الخارجي للبنوك وبعض صناديق الاستثمار التي رغم أنها تسيّر في بلايين الدولارات فانها لا تستثمر الا في الاشياء المضمونة وقوانينها تمنعها من اخذ المخاطر وبالتالي تمنعها من التعامل مع تونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.