عاجل/ شخصية سياسية معروفة يكشف سبب رفضه المشاركة في "قافلة الصمود"    عاجل/ باكستان: المصادقة على مشروع قرار يدعم إيران ضد إسرائيل    بطولة برلين: أنس جابر تتأهل إلى الدور ثمن النهائي    فيليبي لويس: "أرقام الترجي الرياضي مبهرة حقا .. ولاعبوه يتميزون بروح قوية"    جندوبة: الادارة الجهوية للحماية المدنية تطلق برنامج العطلة الآمنة    "مذكّرات تُسهم في التعريف بتاريخ تونس منذ سنة 1684": إصدار جديد لمجمع بيت الحكمة    الدورة الأولى من مهرجان الأصالة والإبداع بالقلال من 18 الى 20 جوان    في قضية ارتشاء وتدليس: تأجيل محاكمة الطيب راشد    إجمالي رقم اعمال قطاع الاتصالات تراجع الى 325 مليون دينار في افريل 2025    الكأس الذهبية: المنتخب السعودي يتغلب على نظيره الهايتي    عاجل/ هذا ما قرره القضاء في حق الكاتب العام السابق لنقابة قوات الأمن..    عاجل/ هذا موقف وزارة العدل من مقترح توثيق الطلاق الرضائي لدى عدول الإشهاد..    منوبة: الاحتفاظ بمربيّي نحل بشبهة إضرام النار عمدا بغابة جبلية    الكاف: فتح مركزين فرعيين بساقية سيدي يوسف وقلعة سنان لتجميع صابة الحبوب    من هو الهولندي داني ماكيلي حكم مباراة الترجي وفلامينغو في كأس العالم للأندية؟    معرض باريس الجوي.. إغلاق مفاجئ للجناح الإسرائيلي وتغطيته بستار أسود    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    243 ألف وحدة دم أُنقذت بها الأرواح... وتونس مازالت بحاجة إلى المزيد!    كهل يحول وجهة طفلة 13 سنة ويغتصبها..وهذه التفاصيل..    كيف نختار الماء المعدني المناسب؟ خبيرة تونسية تكشف التفاصيل    منذ بداية السنة: تسجيل 187 حالة تسمّم غذائي جماعي في تونس    ابن أحمد السقا يتعرض لأزمة صحية مفاجئة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    الحماية المدنية: 536 تدخلا منها 189 لإطفاء حرائق خلال ال 24 ساعة الماضية    تأجيل محاكمة المحامية سنية الدهماني    10 سنوات سجناً لمروّجي مخدرات تورّطا في استهداف الوسط المدرسي بحلق الوادي    اليوم الإثنين موعد انطلاق الحملة الانتخابية الخاصة بالانتخابات التشريعية الجزئية بدائرة بنزرت الشمالية    قصف إيراني يصيب مبنى للبعثة الأمريكية في تل أبيب (فيديو)    وفد من وزارة التربية العُمانية في تونس لانتداب مدرسين ومشرفين    خبر سارّ: تراجع حرارة الطقس مع عودة الامطار في هذا الموعد    فجر الثلاثاء : الترجي يواجه فلامينغو وتشيلسي يصطدم بلوس أنجلوس: إليك المواعيد !    تعاون تونسي إيطالي لدعم جراحة قلب الأطفال    طقس اليوم..الحرارة تصل الى 42..    قتلى وجرحى بعد هجمات صاروخية إيرانية ضربت تل أبيب وحيفا..#خبر_عاجل    كأس المغرب 2023-2024: معين الشعباني يقود نهضة بركان الى الدور نصف النهائي    باريس سان جيرمان يقسو على أتليتيكو مدريد برباعية في كأس العالم للأندية    النادي الصفاقسي: الهيئة التسييرية تواصل المشوار .. والإدارة تعول على الجماهير    النفط يرتفع مع تصاعد المواجهة في الشرق الأوسط.. ومخاوف من إغلاق مضيق هرمز    صفاقس : الهيئة الجديدة ل"جمعية حرفيون بلا حدود تعتزم كسب رهان الحرف، وتثمين الحرف الجديدة والمعاصرة (رئيس الجمعية)    إيران تعلن إعدام "جاسوس الموساد" الإسرائيلي إسماعيل فكري شنقا    بعد ترميمه فيلم "كاميرا عربية" لفريد بوغدير يُعرض عالميا لأوّل مرّة في مهرجان "السينما المستعادة" ببولونيا    بوادر مشجعة وسياح قادمون من وجهات جديدة .. تونس تراهن على استقبال 11 مليون سائح    لطيفة العرفاوي تردّ على الشائعات بشأن ملابسات وفاة شقيقها    زفاف الحلم: إطلالات شيرين بيوتي تخطف الأنظار وتثير الجدل    المبادلات التجارية بين تونس والجزائر لا تزال دون المأموال (دراسة)    الإعلامية ريهام بن علية عبر ستوري على إنستغرام:''خوفي من الموت موش على خاطري على خاطر ولدي''    قابس: الاعلان عن جملة من الاجراءات لحماية الأبقار من مرض الجلد العقدي المعدي    إطلاق خط جوي مباشر جديد بين مولدافيا وتونس    باجة: سفرة تجارية ثانية تربط تونس بباجة بداية من الاثنين القادم    هل يمكن أكل المثلجات والملونات الصناعية يوميًا؟    موسم واعد في الشمال الغربي: مؤشرات إيجابية ونمو ملحوظ في عدد الزوار    تحذير خطير: لماذا قد يكون الأرز المعاد تسخينه قاتلًا لصحتك؟    من قلب إنجلترا: نحلة تقتل مليارديرًا هنديًا وسط دهشة الحاضرين    المدير العام لمنظمة الصحة العالمية يؤكد دعم المنظمة لمقاربة الصحة الواحدة    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    خطبة الجمعة .. رأس الحكمة مخافة الله    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الإقتصاد التونسي لم يصل إلى درجة مخيفة.. والخطر يترصّدنا على المستويين المتوسّط والبعيد»
عبد الحيّ شويخة قيادي "التكتل" ل"الصّباح":
نشر في الصباح يوم 31 - 07 - 2012


عُرضت عليّ خطة محافظ البنك المركزي و رفضتها
إستقالة حسين الديماسي واقالة مصطفى كمال النابلي وتعيين الشاذلي العياري، أيام فصلت بين الاحداث الثلاثة ولكنها كانت وستكون مؤثرة جدا في واقع ومستقبل البلاد في ظل أزمة اقتصادية وتخبط سياسي أثر على موقع تونس خاصة في الساحة المالية العالمية ولدى المستثمرين الأجانب
الذين دخلوا في علاقتهم بتونس مرحلة الشكّ بعد تخفيض الترقيم السيادي لبلادنا الذي تعتمده شركات التأمين لتقييم مخاطر الاستثمار الأجنبي. حول هذه التطورات والواقع الاقتصادي والسياسي لتونس كان ل"الصباح" هذا اللقاء مع الاستاذ والخبير الاقتصادي والمالي عبد الحي شويخة الذي كان من بين المرشحين ليكون ضمن حكومة حمادي الجبالي لكنه رفض الحقيبة مثلما رفض منذ أيام رئاسة البنك المركزي.
في البداية نتحدث عن الحدث الذي ميز الساحة السياسية التونسية في نهاية الاسبوع الماضي الا وهو استقالة حسين الديماسي وزير المالية من الحكومة,فما تعليقكم على هذه الاستقالة وهل تعتبرونها مفاجأة بوصفكم من المتتبعين للحياة السياسية والمالية في تونس؟
- منذ توليه منصب الوزارة في حكومة حمادي الجبالي كان حسين الديماسي يحذر من المصاريف الكبيرة ونسبة الانفاق العالية. وحتى زمن اعداد قانون المالية حذّر الديماسي من المصاريف الكثيرة التي يمكن أن تجر تونس الى عواقب وخيمة وخاصة على المدى المتوسط والبعيد. وخلال مناقشة الموازنة المالية وقانون المالية التكميلي لاح الخلاف بين الديماسي وبقية اعضاء الحكومة ويبدو أنه تم تمرير اشياء لم يكن مقتنعا بها وبالتالي فان الاستقالة لم تكن مفاجأة خاصة في ظل التجاذبات السياسية الراهنة والتي اختتمت بإقالة محافظ البنك المركزي في أجواء غير سليمة. لكن لا بد من التأكيد أن الاقتصاد التونسي لم يصل الى الدرجة المخيفة والمشكل يبقى في الارتباط الوثيق لاقتصادنا بالاقتصاد الاوروبي الذي يمر بدوره بصعوبات كبيرة.
لكن من المؤكد أن لهذه الاستقالة تأثيرات كبيرة سواء على المستويين المالي أو السياسي؟
-التأثير اكثر منه سياسي وليس اقتصاديا. فالذين يتعاملون مع الدولة سواء من بين المستثمرين والمتعاملين التونسيين او الاجانب سينتابهم الشك حول التصرف في ميزانية الدولة وهو ما سينتج عنه تراجع في الاستثمارات . أما التأثيرات السياسية فإنها ستكون كبيرة على "الترويكا" والحكومة خاصة بعد استقالة محمد عبو.. فالاستقالات وان كانت عادية في الانظمة الديمقراطية فإنها تقلق وتزعزع الحكومات وتبعث فيها الشك.
إستقالة الديماسي والأزمة الإقتصادية
في نص الاستقالة تحدّث الديماسي عن ثغرات كبيرة في قانون المالية، فهل أثّر ذلك على الوضع الاقتصادي الراهن للبلاد وعلى مشاريع التنمية؟
-يمكن الحديث عن الاقتصاد التونسي من ناحيتين.. أولا الوضع الاقتصادي العام منذ الاستقلال وهو اقتصاد هش لا يعتمد على الموارد والثروات الطبيعية المفقودة وثانيا الازمة الاقتصادية التي شهدتها البلاد منذ الثورة. فالوضع الاقتصادي العام هش منذ البداية وتونس لما استقلت كانت لها نسبة بطالة عالية ونسبة تكوين ثقافي منخفض وميادين متعددة تتطلب رأسمال كبيرا ومؤهلات . لذلك تم التركيز خاصة على تطوير ثلاثة قطاعات أساسا وهي النسيج والصناعات الميكانيكية والكهربائية والسياحة وهي ميادين تتطلب راس مال صغير وتستعمل يدا عاملة كثيرة ذات مؤهلات بسيطة ولا توفر سوى قيمة اضافية ضعيفة ولا تعطي نموا عاليا.. استراتيجية بقيت هي نفسها منذ السبعينات مما ادى الى بطالة اصحاب الشهائد العليا على عكس من ليس لهم شهائد الذين وجدوا حظهم في التشغيل في الصناعات. الاشكالية الثانية ان 75 بالمائة من اقتصاد تونس مرتبط مع اوروبا وعندما ضربت الازمة القارة الاوروبية تضررت تونس مباشرة مما خلق عدم توازن اجتماعي وهو ما عطّل النمو وخلق وضعا اقتصاديا هشا ادى الى الثورة. واليوم لا بد من تغيير استراتيجية النمو الاقتصادي باختيار قطاعات تكون القيمة المضافة فيها أعلى على غرار التكنولوجيا وقطع الغيار ولا بد من اعادة دراسة السوق العالمية مثلا في ماليزيا مهاتير محمد بدا مثلنا لكن بعد 12 سنة قرر المرور الى درجة أعلى من الاستثمارات فخلق مواطن الشغل وحقق التنمية وفي كل مرة يمر الى المستوى الاعلى.
اذا تم الاقرار بوجود أزمة اقتصادية خانقة، اي السبل للخروج منها وتجاوزها أو على الاقل الحد منها؟
-كما قلت لم نصل بعد الى الازمة الاقتصادية الحادة بل الخطر يكمن على المستوى المتوسط والبعيد. ومن الضروري البحث عن السياسة التي تخرجنا من الازمة وتدفع مجددا الاقتصاد. وفي هذا المستوى هناك خلاف كبير بين الاقتصاديين هل يتم التركيز على السياسة النقدية ام السياسة الجبائية ؟ فبالنسبة لتونس سنة 2011 تم تشخيص المشكل في أن الطلب ضعيف لذلك وجب تقويته اي تم الاختيار على نفس السياسة الأمريكية تحت حكم روزفلت التي تعتمد على توزيع الاموال وخلق السيولة وتداولها . وتم سنة 2011 اي في فترة حكومة محمد الغنوشي والباجي قائد السبسي خلق حضائر شغل وتوفير منحة امل وزيادة الرواتب من أجل زيادة الطلب والنتيجة زيادة المصاريف بنسبة13 بالمائة وفي نفس الوقت اختار البنك المركزي زيادة في حجم السيولة بصفة كبيرة لكن الانتاج لم يتطور وذلك بحكم الاضرابات والاعتصامات التي عرقلت الانتاج وخفضت من نسبة الانتاج الصناعي فزادت الواردات وزاد تضخم الاسعار. وهذا يعتبر فشلا وباعتبار ان الاقتصاد مفتوح كان من المفروض توفير حوافز للإنتاج وليس للاستهلاك وذلك عبر تشجيع البنوك لقروض الانتاج والتضييق على قروض الاستهلاك حتى نتجنب انخفاض الناتج القومي.
نجاعة الحكومة
وهل الحكومة الحالية قادرة على اصلاح الوضع الاقتصادي الحالي ؟
-يمكن ذلك عبر وضع حوافز للإنتاج اكثر من حوافز الاستهلاك.. والاصلاحات الممكنة مازالت تنتظر بعد أن غابت مشاريع الاصلاح عن قانون المالية لسنة 2012 وربما في قانون المالية الجديد ستطرح مشاريع اصلاح عميقة من شأنها أن تعدل نوعا ما من الخلل الاقتصادي..
إذا تحمّل مسؤوليّة الخلل لمحافظ البنك المركزي السّابق؟
-لا ليس كذلك وليست السياسة النقدية وحدها سبب الاشكال..والمشكل يتحمله البنك المركزي والحكومة على حد السواء. فالسياسة النقدية يجب ان تكون في تناسق مع السياسة الجبائية والعكس بالعكس. فالوضع الراهن يتطلب تنسيقا بين محافظ البنك المركزي ووزارة المالية لدفع الانتاج اكثر من تشجيع الاستهلاك.
إقالة النابلي
يجرنا هذا الحديث الى العودة لملف اقالة مصطفى كمال النابلي من رئاسة البنك المركزي.. فكيف تقيمون قرار الرئاسة والحكومة؟
-مصطفى كمال النابلي قام في ظرف سنة ونصف بأشياء هامة في ظل وضع مالي واقتصادي واجتماعي صعب بعد الثورة.. فقبل وبعد 14 جانفي 2011، قام عدد كبير من المستثمرين ورجال الاعمال والمؤسسات وحتى العامة بسحب اموالهم من البنوك. وهو اجراء من شأنه ان يتسبب في انهيار أعتاها.. وما يحسب للبنك المركزي وقتها هو الاسراع بضخ الاموال حتى تحافظ البنوك على ثقة المودعين والمستثمرين والمقرضين باعتبار ان الثقة في القطاع البنكي هي اساس الاقتصاد. وذلك الاجراء السريع منع النظام المصرفي من الانهيار بعد عمل جبار. وحاول البنك المركزي متابعة الوضع المالي الى ان تركز النظام المصرفي وعادت الثقة للجميع. انما الشيء الذي لم يقم به محافظ البنك المركزي وربما كان سيقوم به هذا العام هو توجيه التمويل الى الانتاج اكثر منه الى الاستهلاك وتدعيم النظام المصرفي عبرزيادة راس المال او دمج البنوك فيما بينها.. كمال النابلي انطلق في العملية واجتمع برؤساء البنوك وانطلق في العمل الذي تأخر لكنه انطلق فعلا. النابلي قام بعمل منقوص لكنه جيد.
هل تعتقدون ان اقالة النابلي تحمل في طياتها اسبابا اقتصادية ام ان الطابع السياسي طغى عليها أكثر؟ وأي تأثيرات لتلك الاقالة على واقع البلاد خاصة من حيث الاستثمارات الداخلية والخارجية؟
-الواضح أن اقالة محافظ البنك المركزي السابق اصلها سياسي وليس اقتصاديا. وخطأ الحكومة منذ البداية وبالتحديد منذ تشكيلها هو أنها لم تختر المحافظ أو لم تؤكد وتجدد ثقتها فيه.. بل حافظت على حبل رفيع بينها وبينه ولاحت الثقة منعدمة بين الطرفين.. وبخصوص التأثيرات، سيكون لما حصل تأثيرات سلبية في ظل سقوط الطمأنينة لدى الداخل والخارج وضعف تعليل الاقالة. التأثيرات الخارجية ستكون كبيرة خاصة من قبل المستثمرين الاجانب الذين يبقى عدم الاستقرار عدوّهم الأول ويجعلهم يترددون. فمحافظ البنك المركزي هو رمز الثقة في الاقتصاد لذلك يجب أن يكون المحافظ انسانا متوازنا وكفءا. واذا كانت سياسة المحافظ الجديد مستقرة فان الامور ستعود الى نصابها.
إضعاف الشاذلي العياري
بخصوص المحافظ الجديد، لقد مثلت تسمية الشاذلي العياري على رأس البنك المركزي أزمة بحالها ربما تجعل من عمله مستقبلا مضطربا أو حتى يفقده الاستقلالية التي يجب ان يتميز بها البنك؟
-ما رافق تسمية الشاذلي العياري من تجاذبات واختلافات واتهامات سيؤثر على عمل هذا الأخير.. فمهما كان الاسم ومهما كانت الشخصية التي تعيش ذلك الجو الذي رافق عملية التعيين ويعيش تلك الخلافات والتجاذبات أكيد سيتأثر بما حصل وما قيل. كذلك ما حصل سيزيد من شك المستثمرين في نجاعة الشخص المعيّن. وبالتالي فان الطريقة التي عين بها الشاذلي العياري تضعه في موقف ضعيف سيؤثر بالتأكيد على الاقتصاد. رغم أن شخص الشاذلي العياري الاستاذ والخبرة والكفاءة لا يرقى الى مرتبة الشك ولكن المآخذ التي اندلعت عن مواقفه السياسية السابقة كلام لا يساعده كثيرا على العمل.
عبد الحي شويخة اسم تمّ اكتشافه عند الإعلان عن حكومة "الترويكا" لتولّي حقيبة وزارة الماليّة.. لكن غاب الإسم عند الإعلان النّهائي عن حكومة حمادي الجبالي. فماذا حصل و هل تمّ التّراجع عن التّسمية أم أنّك رفضتها ؟
-بالفعل أول اسم تم اقتراحه في اطار توافق "الترويكا" وقتها لتحمل مسؤولية وزارة المالية هو اسم عبد الحي شويخة لكني رفضت تلك المسؤولية والاسباب عديدة أولها انه ومن وجهة نظري تركيبة الحكومة لم تكن في اطار تحالف احزاب بل تم اختيار اشخاص من هذا الحزب أو ذاك (النهضة-المؤتمر والتكتل) دون مراعاة عديد الاعتبارات. في انقلترا مثلا رئس الوزراء الحالي ديفيد كامرون لم تكن له الأغلبية فتحالف مع حزب ثان منحه خطة نائب رئيس الوزراء ويشرف على عدد من الوزارات.. واقترحت وقتها هذا التوجه لكن تم رفضه. فما كان مني الا رفض الدخول باسم حزب أكون فيه في موقف ضعيف داخل حكومة تأخذ فيها حركة النهضة القرارات التي تريد والبقية اما ينفذون او يتأملون لذلك رفضت المنصب.
ولكنك رفضت كذلك منصب محافظ البنك المركزي بعد أن عرض عليك خلافة مصطفى كمال النابلي قبل ايام عديدة من الاختيار على الشاذلي العياري
-بالفعل عرضت علي خطة محافظ البنك المركزي ورفضتها بدورها لأن طريقة التعيين تجعل الجميع يشك في النوايا والخلفيات. كذلك الظروف الحالية ليست مناسبة لتحمل المسؤولية.
الترويكا.. سيطرة النهضة و الإنقسامات
ماذا تقصد بكلامك ان الوضع الحالي غير مناسب لتحمل المسؤولية.. هل تقر بفشل الحكومة رغم انتمائك الى حزب التكتل الذي يعتبر أحد الاضلع الثلاثة لهذه الحكومة؟
-العمل الحكومي الحالي فيه نواقص وهو أمر عادي أمام الظرف الذي عاشته وتعيشه بلادنا. لا يمكن ان نقول أن ممثلي احزاب "الترويكا" لم يقوموا بدورهم بل أن مشكلتهم في الاتصال.. فاتصال وتواصل الحكومة واحزابها كان سيئا على عكس المعارضة وخاصة في المجلس التأسيسي التي نجحت نجاحا كبيرا في عملية الاتصال. مثلا مصطفى بن جعفر كان موقفه قويا وحاسما فيما يتعلق بالفصل الاول من الدستور ووصل حد التهديد بالاستقالة ولكنه لم يستثمر ذلك اعلاميا. ثانيا قرارات الحكومة تأخذ وقتا طويلا للصدور وتشهد ترددا مقلقا على غرار موضوع العدالة الانتقالية الذي طال بشكل كبير ومقلق.. كذلك قرار تشكيل هيئة الانتخابات وهيئة الاعلام وهما ملفان يهتم بهما الراي العام بشكل كبير لكنهما تأخرا بشكل غير مقبول وهو ما يخلق جوا متوترا.
ولكن حركة النهضة تقوم بدور اتصالي كبير ولها اسس وخطط وبرامج في هذا المجال على عكس "المؤتمر" و"التكتل" اللذين انهكتهما الانقسامات والتجاذبات الداخلية.
-بالفعل النهضة قائمة بدورها الاتصالي كما يجب على عكس الاحزاب الاخرى الذي ظل اتصالها ضعيفا والانقسامات أضعفتها. لكن كما قلت الاتصال الحكومي ظل ضعيفا ومهزوزا. في الاعلام لا بد من تبادل الآراء ولا بد من الاستقلالية لكن وجب أن يكون للحكومة اعلامها وهذا مفقود.
سيطرة النهضة على الحكومة والقرارات.. مردّها قوة تنظيمها أم ضعف شريكيها في "الترويكا"؟
-التكتل والمؤتمر يعيشان اشكالية في التسيير والتنظّم وبلورة الافكار. فبالنسبة للتكتل الذي أنتمي اليه، ظل تقريبا بلا قيادة في ظل ثقل المسؤولية السياسية لرئيسه مصطفى بن جعفر الذي تحمل اصعب مسؤولية بين الثلاثي الرئاسي وهي رئاسة المجلس التأسيسي وتسطير مستقبل البلاد. ولابد اليوم من دعم هياكل الحزب والا فان الانتخابات القادمة ستكون نتائجها غير مرضية.
الباجي و قطب حزبي جديد
المظهر السياسي في تونس بدا يتشكل بانصهار الاحزاب وبروز اتجاه نحو قطبين بارزين، النهضة من جهة ونداء تونس بقيادة رئيس الحكومة السابق الباجي قائد السبسي من جهة أخرى.. فهل أن الصراع الانتخابي سينحصر بين هذين القطبين دون غيرهما؟
-انصهار الاحزاب فيما بينها والتوجه نحو ثنائية قطبية ينحصر الصراع بينهما بالنسبة لي مشكل كبير.. لنأخذ التجربة المصرية كمثال فهل يمكن ان يجد التونسي نفسه مضطرا لانتخاب الاسلاميين او المقربين من النظام السابق دون غيرهما.. أنا مع تعدد الاحزاب. فلكل نظام مزاياه ومساوئه ونظام تعدد الاحزاب نظام كانت تفتقده تونس ما قبل الثورة واليوم التونسي اصبح منفتحا على السياسة ولا يقبل اي شيء دون مناقشته وهو مؤشر ايجابي وقوي وجب استغلاله في التعددية الحزبية التي لا تمكن اي حزب أو طرف من الهيمنة. من مساوئ المشهد السياسي الراهن التشتت ، لكن هذا المشهد احسن من الثنائية والاقتصار على اسلاميين ونظام قديم. في تونس اليوم الاحزاب لا ترغب بل لا تعرف العمل المشترك ولا تعرف التخطيط ووضع برامج استراتيجية مشتركة...وحتى التكتلات الحزبية سرعان ما تتلاشى وربما يعود ذلك الى مسالة قيادة.
تخفيض الترقيم السيادي وازمة ثقة
لنعد قليلا الى اختصاصك المصرفي ونتحدث عن مسالة التخفيض في الترقيم السيادي.. اسبابه وانعكاساته وهل هناك مؤشرات على تخفيض جديد خاصة بعد اشكالية اقالة محافظ البنك المركزي السابق؟
-اشكالية الترقيم السيادي لتونس والتخفيض فيه هو امر حتمي بعد الثورة ولا دخل لمحافظ البنك المركزي فيه... فالترقيم السيادي يهم الموارد بالعملة الاجنبية وبعد الثورة انحدرت الصادرات ومداخيل السياحة ووسائل التمويل الاجنبي فتعجز الدولة عن تسديد الديون وتشتد المخاطر والنتيجة انخفاض الترقيم السيادي... ستاندار اند بورز قامت بتلك الخطوة نتيجة الوضع الاقتصادي للبلاد وليس السياسي ومن المنتظر كذلك أن تخفض موديز للتصنيف الائتماني بدورها الترقيم السيادي لبلادنا الذي تعتمده شركات التأمين لتقييم مخاطر الإستثمار الأجنبي. وبخصوص تاثيرات التخفيض فانها ستكون سلبية باعتبار ان الاقتراض الخارجي يصبح اغلى لان المخاطر أصبحت اكبر. الولايات المتحدة قدمت لنا العون عبر ضماناتها لكن هذه الخطوة تقوم بها مرة واحدة .. كذلك من تأثيرات التخفيض الترقيم السيادي تقلص التمويل الخارجي للبنوك وبعض صناديق الاستثمار التي رغم أنها تسيّر في بلايين الدولارات فانها لا تستثمر الا في الاشياء المضمونة وقوانينها تمنعها من اخذ المخاطر وبالتالي تمنعها من التعامل مع تونس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.