ما حدث أمس من مواجهة دامية في جهة قبلاط بولاية باجة بين أمننا الوطني ومجموعة مسلحة إرهابية والتي خلفت شهيدين من أعوان الحرس الوطني أحدهما رئيس مركز، وإصابة ثالث، وما سبقه من هجوم خمسة عناصر إرهابية ليلة أمس الأول على مركز أمني حدودي في معتمدية غار الدماء، ينبغي أن يدفعنا إلى إعادة النظر في تقييمنا لمستوى الخطورة الذي تمثله تلك الجماعات الإرهابية التي ربما اعتقد الكثيرون منا أنها باتت معزولة ومحاصرة في منطقة جبل الشعانبي وأننا في سبيل القضاء عليها... فهذان الحدثان يبرزان بما لا يدع مجالا للشك أننا أمام تنظيمات إرهابية أكبر حجما وأكثر تفرّعا مما ذهبت إليه معظم التقييمات الأمنية إلى حد الآن وأن هذه التنظيمات بصدد تطوير استراتيجياتها وتكتيكاتها باتجاه وبنسق تصاعدي يدل عليه تحريكها خلاياها النائمة داخل مناطق العمران وانتقال عدد من عناصرها المسلحة إلى داخل المدن بعد أن كان تمركزهم منحصرا في المناطق الغابية والجبلية.. كل ذلك في حين تتوالى الاكتشافات الأمنية يوما بعد آخر لمخابئ أسلحة متطورة ومتعددة الأنواع في أكثر من حي سكني بما في ذلك في قلب العاصمة وضواحيها القريبة، ما يوحي باحتمال بدء الجماعات الارهابية تحضيرات لهجمات قد تأخذ - لا قدّر الله - شكل تفجيرات تستهدف زرع الرعب في قلوب المواطنين الآمنين. إنه وفي الوقت الذي نشد فيه على أيدي أجهزتنا الأمنية والعسكرية لما تبذله قياداتها وأعوانها وجنودها من جهود وتضحيات في سبيل حماية البلاد والعباد من هذه الآفة الغريبة والدخيلة على مجتمعنا والمتمثلة في الارهاب والتنظيمات المسلحة الارهابية، والقضاء عليها قبل أن تستفحل وتمدد كالسرطان في الجسم، نرى لزاما علينا تنبيه من يهمهم الأمر إلى أن المعركة سوف لن تكون هينة ما لم يتوحد الجميع سواء كانوا قيادات سياسية أو حزبية، من الائتلاف الحاكم أو من المعارضة أو ممن لا ينتمون إلى أي حزب، في سبيل تحقيق هذا الهدف. وحتى نكون أكثر وضوحا نقول أنه حان الوقت لدفع مسيرة الحوار الوطني، المتأرجحة حاليا، قدما إلى الأمام نحو بلوغ غايتها، على اعتبار أن الارهاب والارهابيين هم المستفيدون من حالة الشلل والارتباك وانعدام التركيز التي أصابت أجهزة الدولة المختلفة نتيجة استفحال الأزمة السياسية وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية واستمرار غياب أية مؤشرات على احتمالات التوصل إلى حل وفاقي سريع لها، الأمر الذي بينته تطورات الأحداث.