◄ الحل مع السلفية الجهادية أينما وجدت هو النقاش "لا يمكن لتونس اليوم ان تخرج من أزمتها الراهنة إلا عبر العلماء والمثقفين وخاصة منهم الزيتونيين الذين أضافوا للحضارة العربية الإسلامية تحريرا وتنويرا وتنظيرا وإصلاحا.. علما بان حضارتنا الإسلامية ليست فيها مشكلة بين الدين والعلم لكن بين الثقافة والسياسة وعلماء الزيتونة الذين كان لهم الدور الكبير في الحركة الوطنية في القرن التاسع عشر قادرون اليوم على لعب دور أساسي في إخراج تونس من هذه الأزمة."جاء هذا على لسان الدكتور عبد الجليل سالم رئيس جامعة الزيتونة في الندوة الدولية الثالثة التي نظمها مركز الدراسات السلامية بالقيروان تحت شعار" المد المذهبي المعاصر: جدل الديني والإيديولوجي" وافتتحها صباح أمس الثلاثاء بالقيروان السيد محمد غرايبية مستشار وزير التعليم العالي والبحث العلمي. وقد بين الدكتور عبد الجليل سالم في ذات المناسبة ان العقل الإسلامي لم يتجاوز حالة أعادة إنتاج ماضيه لأنه لم يقدر على التحلي بالمنهج العلمي الذي يجعله يفرق بين الدين والتدين:" ذلك ان الدين هو وحي من عند الله والتدين هو الفكر الديني او الفهم المخصوص للاستلام". كما تطرق إلى ضرورة إرساء العقل النقدي في الأمة الإسلامية حتى يتبين المسلمون تاريخية الفكر ونسبيته وتحرير الخطاب الابستيمولوجي –العلمي- من الإيديولوجي وهذا الدور لا يمكن أن يقوم به إلا المفكر المقلق للسياسي لأنه يكشف وهم السياسة. وفي إجابة عن سؤال توجهت به "الصباح" عن سبب طرح مثل هذا الموضوع للنقاش وأهميته بعد ما تشهده تونس من عنف أجاب مدير مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان الدكتور الحبيب العلاني قائلا ان مركز الدراسات الإسلامية بالقيروان طرح موضوع ندوة المد المذهبي المعاصر: جدل الديني والإيديولوجي" منذ ظهور التيارات المذهبية الدينية في تونس والجدل السلفي الإسلامي العلماني حيث فكر المجلس العلمي في الاهتمام بالظاهرة المذهبية الجديدة سواء كان في بعدها الإسلامي/ الإسلامي أو بين الفرقاء من الإسلاميين والعلمانيين لفهم الظاهرة من خلال تعريفها وتفكيك بنية خطابها والنظر في علاقتها بالواقع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي عموما. وتهتم الندوة حسب الدكتور بالجدل المذهبي لان الايدولوجيا حاضرة بامتياز في هذا الجدل و تحاول البحث في الامتداد المذهبي وفي الأسباب العميقة لإعادة طرح هذه المسائل ذات الصبغة الدينية التي حسم أمرها منذ القرن الرابع للهجرة أو بعده بقليل. وأضاف الدكتور العلاني:" سنحاول النظر في مستقبل المذهبية في تونس وفي المنطقة العربية وعلاقة ذلك بالمؤثرات الداخلية والخارجية أي ان المركز يسعى إلى تقديم نظرة إستراتيجية لهذا الموضوع الذي يخشى إن لم تتداركه النخبة والأحزاب السياسية والمجتمع المدني أن يصبح وبالا على المجتمع ويجر البلاد إلى ما لا يحمد عقباه.. وكذلك لا بد من النظر في إعادة صياغة خطاب ديني يواكب هذه المرحلة ويفرق بين الديني والإيديولوجي وبين التاريخي والآني وفق نظرة نابعة من الأصول لان الإسلام كدين سماوي جاء ليحفظ الكرامة الإنسانية والنفس البشرية ويرتقي بها إلى اسمى المراتب." السلفية والحل الأمني ولمزيد تسليط الأضواء على مفهوم الصراع المذهبي وتأثيره على المجتمع العربي والحل الأمثل لدرئه سالت "الصباح" المصري الدكتور مصطفى زهران المختص في الإسلام السياسي فقال ان أهم ما تشهده تونس اليوم هو بروز السلفية الجهادية في المشهد السياسي التونسي وهو ما يذكر حسب راية بمشهد الجماعة الإسلامية التي كانت موجودة في مصر في الثمانينات والتي كانت تجمع بين السلفية كفكرة والجهادية ورأى ان حركات الإسلام السياسي عادة ما تكرر نفسها وان الجماعة الإسلامية عندما نقدت بنيتها التنظيمية والفكرية وتعرضت لمحاولات من القمع الأمني لجأت إلى المرجعيات الفكرية. وعندما جاءت ثورة 25 جانفي في مصر انخرطت في العمل السياسي فقدمت نموذجا مغايرا لماضيها الراديكالي لذلك والكلام للدكتور مصطفى زهران:" أجد ان الحل مع السلفية الجهادية أينما وجدوا هو النقاش للخروج برؤية كاملة عن الناجم المفترض ان يكون و أرى ان الحل الأمني في التعامل معهم ليس هو الحل." علينا ان نتعلم كيف نحاور وقد أكدنا لنا الدكتور سليمان بن صالح الغصن من السعودية إجابة عن سؤال توجهت به له "الصباح " أهمية الحوار للخروج من موجة العنف الذي تشهده تونس وقال ان الجدل والحوار مع المخالف له أصول شرعية تتأكد في قول الله تعالى " وجادلهم بالتي هي أحسن" وفي محاورة رسول الله لمن جاء يستأذنه في الزنا فلم يصده وإنما حاوره إلى أن اقتنع، والحوار اعتمده كذلك الصحابة ومثال ذلك ان عبد الله بن العباس حاور الخوارج وجادلهم فرجع منهم ألفان ومن هنا والكلام للدكتور:" نتبين أهمية الحوار وبه يمكن ان نقضي على الكثير من الخلافات ويحصل التقارب بين الاجتهادات وتتضح وجهات النظر.. المهم ان توضع المسائل الخلافية في وضعها الصحيح ونتعلم كيف نتحاور وكيف نصل إلى قناعات مشتركة وألا توقعنا الخلافات الجانبية في نزاعات دموية." تطبيق الشريعة في مجال العقوبات الصراع المذهبي الذي أصبحنا نعاني منه حسب رأي المغربي الدكتور محمد الريوش له جذور يتغذى عليها إن سلبا أو إيجابا ومن غير المعقول ان نسمح لأي فرد بتدمير ما تبنيه الدولة وما تضيفه من منشات ثقافية وسياسية واجتماعية وعلى كل عنصر في المجتمع ان ينضبط ويحافظ على صورة تليق بمجتمعه. وقد اكد للصباح إجابة على سؤال إلى ماذا يحتاج المجتمع العربي اليوم انه على كل مكونات المجتمع سواء كانت على وفاق او على خلاف ان تحاول تمرير مشاريعها بالطرق السليمة ودون عنف. وقال: " انه على قادة الإسلام السياسي ان يقدموا مشروعا سياسيا لا عقيدة سياسية وهذه هي النقطة المفصلية في بناء الحوار لان المشروع السياسي يضمن لنا مجتمعا مستقرا لأنه ينظر إلى المجتمع كمجموعة من الاعتبارات أهمها علاقته بالمجتمعات الأخرى. اما اذا تحدثنا على تطبيق الشريعة فيمكن ان نتساءل ماذا قدم الإسلام السياسي في قانون الشغل والتعمير والتجهيز وقوانين الصحافة والانتخابات وتنظيم المجتمع... وإذا نظرنا الآن إلى المشروع السياسي الإسلامي المتشدد نجد انه يقدم لنا نظرة في تطبيق الشريعة في مجال العقوبات فقط ونحن اليوم في حاجة إلى مشروع سياسي لا إلى عقيدة سياسية لان العقيدة السياسية تحدث الفرقة والمشروع السياسي يحدث الألفة.