سواء أكان احمد المستيري رئيس الحكومة المرتقبة لإدارة المرحلة الانتقالية الثالثة أم لا فقد بان بالكاشف أن الحوار الوطني بعيد عن الوفاق الذي تحتاجه المرحلة رغم دقة وخطورة الوضع الراهن كما انه لم يستطع بعد خلع جبة المحاصصة.. فسِرّ تمسّك حركة النهضة بترشيح المستيري لا يعدو أن يكون -ووفقا لما يراه البعض- مجرّد تمسّك بمصالحها لا غير ويذهب البعض الى القول بان النهضة ربطت بين ترشيح المستيري والإبقاء على ثلاث حقائب وزارية (العدل والداخلية والدفاع). وبالتالي فان عنصر المناورة لا يزال قائما وبشدّة ليتضح جليا أن جل الأطياف السياسية وفي اختيارها لرئيس الحكومة المرتقب لا تراعي حسب بعض المضطلعين بالشأن العام بالضرورة مصلحة البلاد وإنما تلهث وراء مصالحها وكأننا إزاء سباق لمحاصصة حزبية لا غير وعلى خطورة الوضع لم ولن يتنصل منها الساسة بعد... وبين احمد المستيري مرشح الترويكا بقوة ومحمد الناصر الفائز بلغة الأرقام يطرح سؤال ملح: أين الشخصية المزمع ترشيحها من تحديات وجسامة المرحلة القادمة وتحديدا الملفين الامني والاقتصادي؟ في تشخيصه للوضع الراهن يشير المحلل السياسي اسكندر الفقيه في تصريح ل"الصباح" انه يرى صراحة انه من "الظلم" في هذا الظرف الدقيق تنصيب المستيري رئيسا للحكومة" بالنظر إلى تقدّمه في السن الذي سينعكس حتما على مدى قدرته على التركيز مطولا". وأضاف "ان من الاستحالة أن يستطيع شخص وقد تجاوز سنه الثمانين إدارة حكومة تعيش أزمة وتتخبّط في مربع الإرهاب". مشيرا إلى أن ذلك يمثل "عيبا في حق تونس وفي حق تاريخ هذا الرجل (المستيري) فهو غير قادر أن يدير منصبا من هذا النوع". أما محمد الناصر-فمن وجهة نظر الفقيه- فان حظوظه أفضل لان يكون رجل القصبة القادم رغم أن جميع الأسماء المقترحة في اعتقاده من الكفاءات. وبيّن من جانب آخر أن تعيين رئيس حكومة جديد من منطلق المحاصصة الحزبية لا غيرأوشخصية غير ملائمة لدقة المرحلة فان ذلك سيخلق من جديد أزمة ثقة وستكون خطوة إلى الوراء وستكون بمثابة الحكومة المشلولة والمبتورة وكأنها ستكون حكومة دون رأس محاطة بمستشارين لا غير.. من جهة أخرى اعتبر فؤاد ثامر عضو المجلس الوطني التأسيسي في تصريح ل "الصباح" انه رغم أن الحوار الوطني استطاع جمع جميع الأطراف السياسية على نفس الطاولة وكانت النقاشات تسير بخطى ثابتة نحو حلحلة الوضع.. وقال :" لكن للأسف فان بعض الأطراف كلما تقدّم الحوار بعض الشيء الا وذكّرت بمنطق الأغلبية والأقلية". مشيرا في السياق ذاته إلى أن سرّ تمسك حركة النهضة بالمستيري يمثل استمرارية لمصالحهم. وأشار ثامر إلى أن التصريحات التي أدلى بها مؤخرا القيادي بحركة النهضة فتحي العيادي بان لا مرشح آخر للنهضة سوى احمد المستيري من شانها أن تعكر المناخ الموجود كما انه يمثل نوعا من الاستفزاز من شانه أن يؤدّي إلى نسف الحوار الوطني كليا ويضرب بكل التوافقات الحاصلة. ومن جانب آخرأكد محمود البارودي عضو المجلس الوطني التأسيسي في تصريح ل "الصباح" أن الحوار الوطني يخضع لمنطق الأغلبية والمعارضة رغم التأكيد على ضرورة ان يتنصل الجميع من هذا المنطق. مشيرا في السياق ذاته الى ان عديد الاشخاص" لم تفقه ذلك وباتت الشرعية الانتخابية طاغية على الحوار الوطني رغم التأكيد بان ما يسوس اليوم هو الشرعية التوافقية .."