فيروس كورونا فرض على العالم تغيير سلوكه، وجعل التباعد الاجتماعى ركيزةً لضمان الحد من نقل العدوى. ومع ظهور أول التلاقيح الفعالة، لم يتأخرالمسؤولون المحليون المنتخبون مشاركة تصوراتهم ضمن الإستراتيجية الوطنية للتلقيح ضد فيروس كورونا، والتشاور مع السلطة المركزية، لوضع مخطط يضمن نجاح مجابهة هذا الوباء بتونس. لكن لم تتمكن البلديات من ممارسة كامل صلاحيتها في التدبير الحر. ليكون دور السلطات المحلية مجرد وكالات خدمة للدولة المركزية وأذرع لتنفيذ القرار المركزي دون اجتهاد. خاصةً وأن السلطة المركزية اكتفت بإعتماد 25 مركزاً للتلقيح ضد الفيروس كورونا في كامل تراب الجمهورية. نظراً إلى أن انتشار أي وباء مهما كانت خطورته يرتب عواقب على المجتمع بأكمله، باشرت تونس كجميع الدول الأخرى مع منظمة الصحة العالمية منذ بدء انتشار فيروس كورونا المستجد عالمياً، بوضع خطة استراتيجية لمواجهة تفشي الفيروس. وعلى الرغم من إطلاق حملات التطعيم، يستمر الفيروس في التقدم وتتطور العدوى. ولا تزال تونس، مثل جميع البلدان الأخرى في العالم، تعاني من الآثار الصحية ل Covid-19 على جميع المستويات. خاصةً وان حسب أخر المستجدات لوزارة الصحة هنالك زيادة ملحوظة في عدد الحالات المكتشفة، ومعدل الإيجابية وصل إلى 22.9٪ حسب بلاغٍ لوزارة الصحة، يوم 03 افريل 2021 . كما أن معدل التكاثر الزمني لسارس كوف-2 إرتفع لمستوى أعلى من 1، وصنفت 17 ولاية و95 معتمدية ذات مستوى اختطار "مرتفع إلى مرتفع للغاية." نسق بطيء للتلقيح منذ إنطلاق الحملة الوطنيّة للتلقيح ضدّ فيروس كورونا، بتاريخ 13 مارس 2021، في 25 مركز منتشر بكامل ولايات الجمهورية التونسية، وصل عدد المطعّمين بالجرعة الأولى للقاح 80140 شخص يوم 03 افريل 2021 حسب بلاغ لوزارة الصحة. وعملت السلطة المركزية على أن يكونوا من أول المنتفعين بالتطعيم بالجرعة الأولى من اللقاح ضد فيروس كورونا، العاملون بالقطاع الصحي بسبب تعاملهم مباشرة مع مخلفات المرض أثناء أدائهم لعملهم داخل المؤسسات الصحية وإمكانية نقلهم للعدوى . ويجدر التذكير أن استراتيجية التلقيح المعلنة في تونس من قبل وزارة الصحة، شملت 5 مراحل. وفي تعليقٍ له على الاستراتيجية الوطنية للتلقيح ضد كورونا المستجد قال عدنان بوعصيدة، رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية ورئيس بلدية رواد " أن الإستراتيجية لم تأخذ بعين الاعتبار عمال البلدية المعرضين يومياً لمصدر العدوى فى سبيل لقمة العيش، الذين لا يكفون عن العمل ليلاً ونهاراً، ليحموا بقية شرائح المجتمع من كوارث البيئية." مواصلاً: "هذه الفئة تخوض الحرب ضد الفيروس بكل شجاعة وكان من الأجدى أن يكونوا من مشمولين بالمرحلة الاولى للتلقيح." وإعتبر عدنان بوعصيدة نسق التلقيح بطيئاً في مكافحة هذا الوباء مقارنة بما وضعته وزارة الصحة كهدف لاستراتيجيتها، ألا وهو تلقيح 3 مليون تونسي مع نهاية شهر جوان المقبل. رفع عدد مراكز التلقيح أولوية أكد رئيس الجامعة الوطنية للبلديات التونسية لصباح نيوز، أن رؤساء البلديات شاركوا في جلسات متعددة بحضور وزارة الصحة ووزارة التجهيز ووزارة الشؤون المحلية والبيئة، لوضع إستراتيجية مشتركة للتلقيح ضد الفيروس. وعلى اساسها اقترحت 7 أماكن لوضع مراكز للتلقيح بولاية اريانة، لكن لم تعتمد الحكومة هذا المقترح الذي من شأنه أن يسرع من نسق تلقيح المواطنين ضد كوفيد 19، واِقتصرت على إختيار دار الشباب بدائرة اريانةالمدينة كمركزٍ للتلقيح. كما أضاف عدنان بوعصيدة "بأن دقة الظرف تستدعي التنسيق والتشاور، وهي اليوم ضرورة لتوحيد الرؤية ووضع خطة دقيقة تراعي مصلحة المواطن كنواةٍ أساسية لتقدم الدولة." مشيراً إلى "إن عدم قُدرة البلديّات اليوم على توفير التلاقيح لمواطنيها بتكثيف مراكز التلقيح ضد فيروس كورونا المستجد يكرس فقدان الثقة بين السلطة المحليّة والمتساكنين، باعتبارها الأقرب ّ لإدارة الأزمة." وتجدر الاشارة ان وزير الصحة السيد فوزي مهدي قد صرح مؤخراً، بأن مراكز التلقيح يمكن أن تصل إلى 280 مركزا بالإضافة إلى إمكانية إحداث فرق متنقلة، لتسريع في مسار التلقيح ضد الفيروس. في المقابل إعتبر عضو المجلس البلدي أنيس معزون ببلدية أريانة، أنه نظراً لطريقة المعتمدة لتخزين اللقاح ليس من السهل إعتماد أكثر من مركز في كل ولاية في الوقت الحالي لأسباب لوجستية بحتة. وتابع: "رغم إقتراح بلدية اريانة مركزين للتلقيح في مشاوراتها مع السلط الجهوية، وقع اختيار مركزٍ واحد." مضيفاً : "بعد الكثير من التنسيق مع مختلف الأطراف المتدخلة في أخذ القرار، ارتأينا أن إختيار دار الشباب فرحات حشاد بدائرة أريانةالمدينة كان خيراً صائباً .هذا المركز هو الأفضل من حيث التموقع، فهو قريب من وسائل النقل وفيه كل المواصفات اللازمة." أكد عضو المجلس البلدي أنيس معزون، ان منذ ظهور وباء كورونا انطلقت بلدية اريانة في ماراطون اجتماعات وعقد جلسات استثنائية للمجلس البلدي تمّ خلالها اتخاذ خطوات استباقية حتى قبل الاعلان عن الحجر الصحي الشامل، بإعتبارهم سلط ضبط إداري محلي قائمين على حماية النظام العام الصحي. وفي نفس السياق، أشار أن الحرب ضد هذا الوباء لا تقتصر اليوم على التلقيح فقط بل تتواصل عبر المتابعة اليومية لبلدية اريانة للوضع الوبائي في إطار ممارسة صلاحيتها لتدبير الحر، وذلك بالقيام بحملات مراقبة يومية للأماكن العامة ورصد المخالفات. رغم أن الوضع الصحي العام يبقى أمرا ذي بعد وطني يلزم البلديات أن تتقيد بالإجراءات على المستوى المركزي والذي يهدف إلى التوقي من انتشار الوباء. إلا أن مجلة الجماعات المحلية تنص في فصلها 240 أن ضمان الوقاية الصحيّة والنظافة وحماية البيئة واتخاذ التراتيب العامّة من اختصاصها. إضافةً أن من الصلاحيات الذاتية البلدية في الفصل 267 "تشمل تلافي الأوبئة"، مما يمكن البلديات في هذا السياق، أن تتخذ إجراءات إضافية مرتبطة بصلاحياتها; كالعمل على حملات تحسسية لتشجيع المتساكنين في بوابة التسجيل لحملة اللقاح "ايفاكس" مستعملةً كل الطرق، منها الكترونية خاصةً وأنها ليست بالمكلفة من الناحية المالية. وأضاف عضو المجلس البلدي أنيس معزون، في هذا الاطار، أن بلدية أريانة في الوقت الراهن، تعمل على وضع إستراتيجية لتشجيع متساكنها للتسجيل في بوابة التسجيل لحملة اللقاح "ايفاكس". وستشمل هذه الاستراتيجية تعاون مع منظمات المجتمع المدني للتعريف بالبوابة وكيفية تسجيل فيها.