يعود الاقتراح القاضي بإعلان حجر صحي شامل على كامل تراب الجمهورية ليفرض نفسه مجددا على طاولة مفاوضات ونقاشات اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا بما أن الإجراءات التي اعتمدت مؤخرا لم تأت أكلها فالوضع الصحي اليوم خطير للغاية وهو ما تعكسه الأرقام "الصادمة" لعدد الإصابات والوفيات المسجلة يوميا علاوة على أن المنظومة الصحية على وشك الانهيار.. أكدت أمس الناطقة الرسمية باسم اللجنة العلمية لمجابهة كورونا جليلة بن خليل في تصريح لإذاعة موزاييك أف أم أن الوضع الصحي صعب جدا كما ان المنظومة الصحية ومهنيي الصحة في إنهاك تام . وأشارت بن خليل إلى أن اللجنة العلمية تدرس حاليا جملة من الفرضيات على غرار فرض حجر صحي شامل، غلق الحدود البرية والبحرية والجوية مع تقليص فترة حظر الجولان لتعود إلى الساعة السابعة مساء للجميع علاوة على إعلان حالة طوارئ صحية هذا بالتوازي مع الاعلان عن العودة إلى مقاعد الدراسة (باعتبار وأن غلق المدارس والمعاهد اتخذ للتقليص من الضغط على التنقل في وسائل النقل والاكتظاظ وليس لتسجيل إصابات في المدارس والمعاهد). وكشفت بن خليل في هذا الخصوص بان اللجنة العلمية ستجتمع اليوم وتدرس جملة الفرضيات المطروحة وتقدم مقترحاتها للجنة الوطنية لمجابهة كورونا لاتخاذ القرارات اللازمة مؤكدة أن اكبر إشكال هو أن الإجراءات المتخذة كافة لم تُطبق. إجراءات غير ناجعة وبالتوازي مع تصريحات بن خليل فقد اقرّ عضو اللجنة العلمية لمجابهة فيروس كورونا أمان الله المسعدي في حوار له أول أمس على القناة الوطنية الأولى أن الإجراءات التي تم اتخاذها مؤخرا للتصدي لتفشي وباء كورونا لم تكن ناجعة النتائج قائلا إن الطاقم الطبي يشعر وكأنه يعمل بمفرده في حربه على الوباء. وكشف عضو اللجنة العلمية أن عددا من الحلول المحتملة سيتم اقتراحها اليوم على الحكومة وتتمثل أساسا في "التصعيد في حجر الجولان"، مشيرا إلى أن اعتماد الحجر الشامل ممكن أيضا وأن غلق الحدود وارد مشيرا الى انه يتم مناقشته لكن لم يحسم بعد بشأنه.. من جانب آخر ومع ارتفاع عدد الإصابات المٌسجّلة بفيروس كورونا الى جانب تفشي السّلالة البريطانية في بعض المناطق، أطلق كثير من الأطباء والمختصين في المجال صيحات فزع من انهيار المنظومة الصحية في قادم الايام وهو ما ذهب اليه امس رئيس قسم الاستعجالي في مستشفى عبد الرحمان مامي بأريانة الدكتور رفيق بوجدارية الذي اورد أن الوضع الصحي خطير جدا و أن البلاد "على أبواب كارثة صحية". وأضاف في مداخلة له أمس على إذاعة "الجوهرة أف أم" أن نسبة العدوى بفيروس كورونا في ارتفاع متواصل، مع تجاوز المؤسسات الاستشفائية لطاقة استيعابها القصوى.. ودعا بوجدارية إلى ضرورة الإسراع بإيجاد حلول لتفادي الكارثة الصحية، من ذلك تشديد المراقبة على المحلات المفتوحة للعموم والمقاهي وحثّ أصحابها على ضرورة الالتزام بالبروتوكولات الصحية وتسخير كل الجهود في سبيل ذلك مع إلزامية ارتداء الكمامات في الفضاءات العامة والترفيع في عدد أسرة الأكسيجين والتسريع في نسق عمليات التطعيم.. كما دعا أيضا إلى توخي الحذر على الحدود وخاصة الليبية، حيث تم تسجيل إصابات بالسلالة جنوب افريقية واتخاذ كل التدابير الضرورية. وقال بوجدارية: "لدينا ظروف موضوعية لتطبيق الحجر الصحي الشامل، لكن القرار في يد الحكومة وليس قرار طبي وعلمي". في هذا الخصوص يرى كثيرون أن الحكومة ورغم خطورة الوضع الصحي الحرج الذي تعرف أدق تفاصيله إلا أنها تصم اذنها عن هذا المقترح الذي يبقى علميا الآلية الوحيدة الناجعة لكسر حلقات العدوى نظرا لتداعياته الاقتصادية والاجتماعية على الفئات الهشة. لكن يتعيّن اليوم على الحكومة والفيروس يحصد يوميا مئات الأرواح أن تتغافل عن تداعيات الحجر الصحي الشامل مع تمكين الفئات المتضررة من منح هذا مع دعوة الجميع الى الانخراط في القضاء على الحرب ضد الوباء حتى يتسنى إنقاذ ما يمكن إنقاذه لاسيما أن البلاد لن تحقق انتعاشة اقتصادية.