كلما شعر أن الرياح لا تجري بما يشتهي أن يوجّه بها سفنه وسفن الآخرين الا وسعى رئيس الدولة الباجي قايد السبسي بتراكم دهائه "التسعيني" أن يقلب "الطرح " في الدقيقة التسعين . فمرفأ قرطاج وفق منهجه السياسي - المستلهم من الفكر البورقيبي الميني على الزعامة - هو المرفأ الرئيسي الذي يجب أن تحط به أو تلجأ اليه كل السفن عند الحل والترحال وعندما تهب العواصف الهوجاء ..هكذا يريد الباجي قايد السبسي أن تدار السياسة في عهده ولهذا يخصص جزء الكبير من وقته للتخطيط والقليل منه للتنفيذ .. وما استقباله لرئيس الحكومة السابق مهدي جمعة إلا جانب من هذا التخطيط والتنفيذ فالرجل غادر سدة الحكم ثم غادر البلاد لكن استطلاعات الرأي ظلت تمنحه المراتب الأولى بين الشخصيات الوطنية القادرة على ان يكون لها دور في المستقبل في المقابل يراوح العمل الحكومي مكانه رغم الجهود المبذولة من طرف بعض الوزراء والتي لم تنجح في تنفيذ الإصلاحات الكبرى المنتظرة . وقد نقل جمعة زوجته وأبناءه الى باريس في الاسبوع الثالث من أوت ليثبتهم في مدارسهم غير أنه فوجئ بمدير تشريفات رئيس الجمهورية يطلبه للقاء مع الباجي لكن التزاماته جعلته يؤجل اللقاء لحين عودته الى تونس نهاية الاسبوع المنقضي، حلّ جمعة متسائلا عن فحوى هذا اللقاء ليفاجأ باستقبال في الصالون الخاص بالشخصيات الوطنية ولقاء استغرق اكثر مما كان مبرمجا تطرقا فيه الى مختلف المواضيع الذي نصص عليها فحوى البلاغ الذي يبدو ان الباجي أصرّ على نشره. لكن ما الغاية من هذا اللقاء وماذا أراد الباجي ابلاغه باذنه بنشر صورة وبلاغ محمّل بالمعاني ..ذاك كان موضوع حوارات الفاعلين بالساحة السياسية كامل نهاية الاسبوع فإعادة جمعة لحلبة السباق افتراضيا التي لم يغادرها حتى عند الغياب يبدو أنها لم تمر مرور الكرام ويبدو ان المعنيين بمستقبل البلاد استشعروا ان كراسيهم المريحة لم تعد مريحة وأن رياح التغيير بدأت تهب وإن هبت فحيث ما يشتهي أن يوصلها الباجي قايد السبسي الذي اعتاد أن يخفي أوراقه ويحدد التوقيت المناسب لاخراجها .