قال وزير التربية ناجي جلول اليوم الأربعاء بطبرقة إن "المدرسة التونسية أصبحت في وضعها الراهن تنتج اليأس والإحباط وبدأنا نقترب من رقم مليون شاب يائس من حياته". وأضاف جلول لدى افتتاحه الملتقى الوطني حول التصدي للفشل المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة الذي يلتئم بمدينة طبرقة على مدى ثلاثة أيام تحت شعار "المدرسة تستعيد أبناءها"، إن أرقام الانقطاع المدرسي "مخجلة جدا" لبلد التعليم فيه إجباري، مفيدا بأن 100 ألف تلميذ انقطعوا هذا العام عن التعليم 6 آلاف منهم كانوا يزاولون دراستهم بالمرحلة الابتدائية. واعتبر أن حملة "المدرسة تستعيد أبناءها" هي المنطلق العملي للتصدي لظاهرة التسرب المدرسي، مشددا على ضرورة مشاركة كل الأطراف من حكومة ومجتمع مدني وعائلات في هذا المجهود لوقف "النزيف المكلف جدا للدولة" على حد تعبيره. وحسب الأرقام التي قدمتها وزارة التربية فإن حوالي 360 ألف طفل بين سن 6 و18 سنة هم خارج أسوار المدرسة. ويكلف الانقطاع المدرسي ميزانية وزارة التربية هدرا ب 1400 مليون دينار اي ما يمثل أكثر من 36 بالمائة من مجموعها. ويتوقف تلقائيا عن الدراسة 60 بالمائة من المنقطعين في سن التمدرس مقابل 40 بالمائة بمفعول تطبيق القانون. ولفت الوزير إلى أن الوزارة التي تتحمل 50 بالمائة من مشاكل الانقطاع المدرسي، عليها عدم التفصي من مسؤوليتها في العمل على إعادة إشعاع المدرسة، قائلا "إن نجاح الوزارة في إعادة بريق المدرسة الوطنية كفيل بحل نصف مشاكل المجتمع". وحذر مما وصفه ب"التسيب الكبير" الذي تعيشه الوزارة، معتبرا أنه أحد أهم الاسباب المباشرة في تدني مستوى المدرسة التونسية وانتقد انتشار ظاهرة التغيب في صفوف إطار التدريس التي اعتبرها ظاهرة «مقلقة جدا» لا بد من التصدي لها، مشددا على أن الوزارة لن تقوم بأية انتدابات إلا بعد معالجة ملف «من هم مباشرون في وزارة التربية ولا يعملون". وسيصدر قريبا نص قانوني جديد لإعادة مدارس تكوين المدرسين، حسب ما أكده وزير التربية مشددا أنه على الوزارة تشغيل مدرسين لهم الكفاءة العلمية والعملية والأخلاقية ومن غير المقبول أن تنتدب "مدرسين غير متملكين للغة التدريس" حسب قوله. وربط جلول تحسين أداء المدرسين بضرورة تحسين وضعهم المادي قائلا "ليس من المعقول أن من يعمل على صنع الذكاء والعقول يقبع اليوم في أسفل سلم التأجير في الوظيفة العمومية". ومن جانبها أعلنت ممثلة منظمة الأممالمتحدة للطفولة (اليونيسيف) بتونس، فيلا بيترس، أنها صدمت بانقطاع 100 ألف طفل هذا العام عن الدراسة في تونس قائلة إن "التسرب المدرسي يعرض هذه الفئة إلى عدة أخطار لعل أهمها التهميش الاجتماعي والانحدار نحو الجريمة والتعرض للعنف". وذكرت أنه بعد مرور ثلاثة أشهر من قدومها إلى تونس لمست عزما صادقا لدى وزارة التربية في التصدي لهذه الظاهرة التي باتت تهدد كل دول العالم. ويتسرب 58 مليون طفل سنويا من المدارس في مختلف أصقاع العالم، وفق إحصائيات اليونسيف، وهو رقم قالت عنه بيترس "حري بأن نطلق صيحة فزع" لأن في هذا التسرب خطر على أمن العالم واستقراره. وأعلن مدير الدراسات والتخطيط ونظم المعلومات بوزارة التربية بوزيد النصيري، أن الوزارة قامت لأول مرة في تاريخها بتجميع أسماء وعناوين المنقطعين عن الدراسة ضمن قائمة. واعتبر أن ظاهرة الانقطاع المدرسي التي كانت مسكوتا عنها قبل سنة 2010 ما جعلها تتفاقم، حسب رأيه، تم هذه السنة "تفكيكها" وشرح أسبابها بما يمكن من إعادة المنقطعين إلى مقاعد الدراسة. وأوضح أنه سيتم وضع رقم هاتفي أخضر على ذمة العموم للمساهمة في استعادة المتسربين حقهم في التعليم، مشددا على أن التصدي لظاهرة الانقطاع مسؤولية جماعية وتشاركية. ومن ناحيته قدم أخصائي التربية بمنظمة اليونيسيف عبد الوهاب شود لمحة عن مبادرة «الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: المبادرة للأطفال خارج المدرسة»، موضحا أنها تشمل 9 بلدان من المنطقة من بينها تونس وتهدف إلى مساندة مجهود الأقطار في التصدي للفشل والانقطاع المدرسيين وفي إعادة المتسربين إلى داخل الفضاءات المدرسية. وتجدر الإشارة إلى أن الملتقى الوطني حول التصدي للفشل المدرسي والانقطاع المبكر عن الدراسة الذي تنظمه وزارة التربية بالتعاون مع اليونيسيف سيتواصل إلى غاية يوم الجمعة المقبل وسيعمل على صياغة وبناء استراتيجية وطنية في هذا المجال.