أثار برنامج وزارة الشؤون الدينية لتحفيظ 100 ألف تلميذ للقرآن الكريم موجة متواصلة إلى اليوم من ردود الفعل المتباينة منذ أواخر فيفري الماضي. واحتدّ الجدل والنقاش مع إعلان وزير الشؤون الدينية محمد خليل منذ أسابيع قليلة أنه تم الاتفاق بين وزارته ووزارة التربية لتقديم حصص تحفيظ القرآن الكريم في المؤسسات التربوية خلال العطلة الصيفية. جدل بلغ حدّ التراشق بالاتهامات وكيل "الشتائم" بين وزير الشؤون الدينية وبعض الأكاديميين وعلى رأسهم أستاذة الحضارة الإسلامية في الجامعة الدكتورة نايلة السليني. المثير في الملف أن برنامج تحفيظ 100 ألف تلميذ للقرآن في ثلاث سنوات ليس برنامج الوزير الحالي محمّد خليل الذي ينسبه لنفسه كل مرّة بل هو برنامج وزارة الشؤون الدينية منذ كان عثمان بطيخ وزيرا للشؤون الدينية،واليوم تلاحق عثمان بطيخ كمفتي الديار التونسية تهمة "التحصّن" بالصمت وعدم الإدلاء بالرأي الشرعي في مسألة تحوّلت إلى مسألة خلافية ألا وهي مسألة تحفيظ القرآن. دروس اختيارية أواخر شهر فيفري 2016 أعلن وزير الشؤون الدينية محمد خليل عن انطلاق برنامج تحفيظ القرآن ل100 ألف شخص في ثلاث سنوات،مؤكّدا على أهمية تحفيظ القرآن في حماية الأطفال والشباب من الزيغ والانحراف،كما يرى الوزير أن حفظ القرآن يشهد عزوفا من قبل الشباب حسب رأيه. اختار وزير الشؤون الدينية إطلاق برنامج "تحفيظ القرآن" من ولاية نابل التي اعتبرها الأكثر عراقة في حفظ القرآن مقارنة ببقية الولايات. وقبل موعد الانطلاق الرسمي لهذا البرنامج كان محمّد خليل دعا بتاريخ 13 فيفري 2016 أعضاء الهيئة المديرة للرابطة الوطنية للقرآن الكريم، لتقديم مشروع تصوّر لبرنامج تحفيظ القرآن الكريم سيشمل 100 ألف شخص خلال ثلاث سنوات،و تعهّد بدعم جهود الرابطة في سبيل تحفيظ القرآن الكريم ونشره. وفي إطار برنامج «100 ألف حافظ للقرآن» أكد وزير الشؤون الدينية محمد خليل منذ أسابيع قليلة أنه حصل اتفاق بين وزارته ووزارة التربية يقضي بتقديم حصص تحفيظ القرآن الكريم في المؤسسات التربوية خلال العطلة الصيفية، يشرف عليها أساتذة مختصون في التفكير الإسلامي،وهذه الدروس خلال العطلة لن تكون إجبارية وستكون بمعدل ثلاث حصص أسبوعيا،حسب ما أكّدته وزارة الشؤون الدينية. برنامج عثمان بطيخ في كل تصريحاته الإعلامية نسب محمد خليل برنامج «تحفيظ القرآن ل100 ألف شخص في ثلاث سنوات» لنفسه ولم يشر مطلقا إلى أن هذا المشروع أو البرنامج انكبّت على إعداده مصالح وزارة الشؤون الدينية تحت إشراف الوزير السابق والمفتي الحالي عثمان بطيخ. ففي منتصف شهر ديسمبر الماضي وخلال ندوة نظّمتها جريدة «الصباح» بحضور عدد كبير من الأئمة والباحثين والأكاديميين وممثلين عن وزارة الشؤون الدينية حول «أي خطاب ديني نريد اليوم»، أكّد سليم بالشيخ المكلّف بالحج والعمرة والإعلام الديني صلب وزارة الشؤون الدينية وقتها أن الحكومة برئاسة الحبيب الصيد وافقت على برنامج متكامل تقدّمت به الوزارة يتضمّن عدّة نقاط تتعلّق بتطوير وترشيد الخطاب الديني ويتضمّن كذلك برنامج تحفيظ القرآن ل100 ألف شخص،وذلك بكلفة تناهز ال23 مليون دينار. في نفس الندوة أشار سليم بالشيخ إلى أن عدد الكتاتيب إلى حدود ديسمبر 2015 بلغ 1795 «كتّابا» يؤمّها 29982 طفلا،وأن هناك برنامجا للحكومة يفترض أنه انطلق منذ فيفري الماضي إلى حدود نوفمبر القادم هدفه إضافة 193 كتّابا جديدا،كما أكّد أن هناك اليوم 600 مركز تحفيظ للقرآن. ولا بدّ من الإشارة إلى أن معظم هذه المراكز لا تشرف عليها الوزارة بل الكثير منها تشرف عليه جمعيات قرآنية. بعد ثلاث سنوات وبالتحديد سنة 2019 سيتخرّج وفق برنامج وزارة الشؤون الدينية 100 ألف حافظ للقرآن في إطار سياسة عامة للحكومة للتصدّي للأفكار التكفيرية ولموجة الإرهاب التي تجتاح عقول الآلاف من الشباب التونسي. منية العرفاوي جريدة الصباح بتاريخ 03 ماي 2016