بعد اختفاء دام ثلاث سنوات خرج الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية الأزهر القروي الشابي للعلن ليعلن عن مبادرة سياسية وصفها مقربون من الحزب بالمهمة خاصة وان الباجي قائد السبسي سيتبنى هذه المبادرة ويعلن عنها بعد رحتله إلى بلجيكا. مبادرة "القروي/قائد السبسي" هي في الواقع وبالعودة إلى تفاصيلها تقوم أساسا على اعتماد أسلوب المراوغة في عدة فصول منها حيث يبقى المدير التنفيذي للحزب حافظ قائد السبسي هو الشخصية الوحيدة الماسكة بخيوط التعاطي السياسي ومخرجاته استعدادا للمؤتمر القادم والذي اختلف الندائيون في توصيفه ولتعاد الأزمة بين قابل بها ورافض لها. فالمبادرة الرئاسية للباجي قائد السبسي تقوم على الدعوة إلى مؤتمر استثنائي حيث يعمل من خلالها الرئيس على توجيه الدعوة للفرقاء لتجاوز الخلافات القائمة ومنها انجاز مؤتمر جديد خلال شهر جوان القادم على أن تكون القيادة إلى حين ذلك الموعد جماعية مع ترك أفضلية لحافظ قائد السبسي حيث هو من يتكفل بالدعوة إلى المؤتمر الاستثنائي بصفته مديرا تنفيذيا ويعاد انتخابه وفقا لاتفاق مسبق. ويقوم الاتفاق (المؤتمر الاستثنائي)على إعادة انتخاب حافظ قائد السبسي في خطة أمين عام ونزع عنه صفة المدير التنفيذي إرضاء لمجموعة تصحيح المسار التي دعت لهذه المطالب وأكدت على انه لا إصلاح داخل الحزب إلا بتخلي قائد السبسي عن هذه الخطة. مؤتمر استثنائي وعمليا تقوم المبادرة على أن يدعو حافظ إلى مؤتمر استثنائي خلال الأسبوعين الأولين من شهر جانفي 2017 بصفته المسؤول القانوني للحزب ومديره التنفيذي على أن يتم الاتفاق بان يكون قائد السبسي الابن أمينا عاما مقابل تعهده بالدعوة إلى مؤتمر انتخابي خلال شهر جوان القادم. والى حين ذلك الموعد وأثناء التحضير لمؤتمر جوان تكون داخل النداء قيادة جماعية من المحسوبين على حافظ ومن مجموعة تصحيح المسار بما يعطي انطباعا على التسيير الديمقراطي داخل الحزب. بيد أن منعرج المبادرة يتضمن أن يتكفل المقربون من حافظ بأهم الخطط المفتاح بعد المؤتمر الاستثنائي وبعد توريط مجموعة تصحيح المسار واهم هذه الخطط النظام الداخلي وأمانة المال ليصبح بذلك قائد السبسي الابن أكثر قوة وتحكما في التحضير لمؤتمر جوان بعد أن تعهد له مسألة الانخراطات والانتخابات الجهوية والمحلية بما يسمح له ولمجموعته من تمكين مقربين منهم جهويا و قطاعيا من الصعود إلى المؤتمر الانتخابي (جوان) وبالتالي إعادة انتخاب حافظ قائد السبسي أمينا عاما من جديد بما يمكنه من البقاء لمدة انتخابية جديدة على رأس النداء بشكل ديمقراطي. فمبادرة الرئيس الباجي قائد السبسي وممثله الشخصي الأزهر القروي الشابي هي مخرجات حقيقية لامتصاص غضب مجموعة تصحيح المسار وتوريطهم للانخراط في العملية «الديمقراطية» وفي حال رفضهم لهذا التمشي فستقع المجموعة في إحراج سياسي لرفضهم المخرج المقترح. دور رئيس الجمهورية كما تهدف المبادرة إلى إبراز الدور التوافقي الذي يلعبه الباجي قائد السبسي كرئيس شرفي للحزب وان أولوية استقرار الحزب مسألة ذات اهتمام عال من «سي الباجي» بهدف تكذيب كل الادعاءات بكونه يدعم ابنه على حساب الحزب. ويذكر أن الأزهر القروي الشابي كشف في وقت سابق عن فحوى مبادرة رئاسية لتجاوز خلافات النداء وقد كشف القيادي بالنداء خالد شوكات تفاصيل هذه المبادرة إلا أن الشابي أوضح في تصريج إعلامي أن ما ذكره شوكات غير صحيح. كما يذكر أن مبادرة مؤتمر سوسة هي مبادرة رئاسية وقد أدى ذلك إلى انشطار الحزب وانقسامه إلى ثلاثة أطراف أهمها الطرف المستقيل من النداء الذي قاده الأمين العام السابق محسن مرزوق بالإضافة إلى شق حافظ قائد السبسي وشق قاده وقتها فوزي اللومي. ويبقى السؤال لماذا يصر الباحي قائد السبسي على توريث الحزب لابنه وهو الذي تعهد أكثر من مرة على عدم التدخل في الشأن الخاص بالأحزاب؟ لماذا يصر رئيس الجمهورية على خرق الدستور عبر تدخله في النداء؟ هل يعيد الباجي وحافظ مبدأ الحكم «الأوليغارشي» القائم على حكم العائلات للحياة السياسية في تونس؟ خليل الحناشي جريدة الصباح بتاريخ 02 ديسمبر 2016