لا يزال مقترح الحكومة لتجاوز "التعطّل" الحاصل في مناقشة مشروع قانون الانتخابات، والذي يهمّ "ترسيم العسكريين وأعوان قوات الأمن الداخلي في سجل الناخبين مع التنصيص في احد الفصول على عدم مشاركتهم في الحملة الانتخابية وعدم ترشحهم في فصل آخر في الانتخابات البلدية والجهوية بالاضافة الى اشخاص آخرين بحكم وظائفهم"، يطرح تجاذبات وخلافات داخل قبة مجلس نواب الشعب وتباعا صلب الأحزاب الممثلة في البرلمان. تجاذبات وخلافات، أجّلت التصويت على مشروع قانون الانتخابات البلدية والمحلية، الثلاثاء الماضي، إلى الأسبوع القادم، بطلب من رؤساء الكتل النيابية لمزيد البحث عن توافقات بخصوص النقاط الخلافية المتعلقة بتشريك الأمنيين والعسكريين في الانتخابات، الأمر الذي قد يُؤجل من جديد موعد تنظيم الانتخابات البلدية القادمة، خاصة وأنّ الكتلة ذات الأغلبية في مجلس نواب الشعب حاليا، أي حركة النهضة، تشهد انقسامات في المواقف بين داعم ورافض لمقترح الحكومة بخصوص تصويت الأمنيين والعسكريين. هذا الخلاف داخل كتلة حركة النهضة حسم في جزء منه في اجتماع المكتب التفيذي للحركة المنعقد أمس حيث صوّت أغلبية نواب الكتلة ضد مقترح "مشاركة الامنيين والعسكريين في الانتخابات"، تصويت لم يتبناه المكتب التنفيذي الذي يعقد سلسلة اجتماعات تشاورية في الغرض مع الاطراف المعنية، وفق ما علمته "الصباح نيوز" من قيادات بالحركة. "قرار" ربما راه المكتب التنفيذي للنهضة "ثقيل" لما له من تأثير على الوضع العام بالبلاد وعلى الرزنامة الانتخابية وكذلك توافقات الحركة التي تعد من بين الأحزاب الداعمة لحكومة يوسف الشاهد، الجهة المقدمة للمقترح، وهو ما من شأنه أن يجعلها في محل تُوجّه له أصابع الاتهام في ما يتعلق بتأخير موعد إجراء الانتخابات البلدية. وبتزامن مدة البحث عن توافق مع انعقاد مجلس شورى حركة النهضة نهاية الأسبوع الجاري، وهو ما يطرح فرضية ترحيل" الخلاف القائم" حول "مقترح الحكومة" للشورى، غير أنّ هذه المسألة غير مطروحة البتة في جدول أعمال المجلس الذي يتضمن المصادقة على الخطة العامة لحركة النهضة لسنة 2017 والتطرق لملفات الوضع العام بالبلاد بالإضافة إلى الأمور الترتيبية، حيث يعتبر قيادات بالحركة ان اجتماع الشورى نهاية هذا الأسبوع لقاء داخلي بامتياز. غير أنّ ما يؤكّد فرضية طرح "مقترح الحكومة" هو أن شورى الحركة السلطة العليا في الحزب ويمكن أن تبت في المسألة وتبحث عن حل توافقي مع توضيح خفايا "المقترح" والتأكيد انه لن يؤثر على حياد المؤسستين الأمنية والعسكرية. النهضة تحسم موقفها وقال النائب عن حركة النهضة أسامة الصغير في تصريح ل"الصباح نيوز" ان كتلة النهضة حسمت موقفها بخصوص القانون الانتخابي، موضحا أنها لن تصوت لفائدة مقترح تشريك الأمنيين والعسكريين في الانتخابات غير أنها ستصوت على القانون الانتخابي برمته بعد الانتهاء من مناقشة المشروع والمصادقة على فصوله. وأوضح أن مقترح الحكومة ذكي ويعالج الإشكال القائم الذي يعطل المصادقة على القانون الانتخابي، بعد أن أفرد الفصل 6 من القانون بمقترح، مشيرا إلى أنه حتى وان سقط هذا المقترح فسيمر قانون الانتخابات بدون أيّ إشكال. كما أضاف: "إذا كانت هناك أغلبية بإمكانها تمرير المقترح فهنيئا لهم وليمرروا الفصل وإذا سقط المقترح لعدم جمع الأصوات الكافية فإنه لا يجب تعطيل الانتخابات وسيمر القانون الانتخابي بالتصويت لفائدته". ومن جهة أخرى، دعا أسامة الصغير مجلس شورى النهضة الذي سينعقد نهاية الأسبوع الجاري "لإبداء رأيه في المقترح وتدارسه على اعتبار ان هذا الموضوع يعدّ قضية هامة"، مشيرا إلى أن النهضة ستواصل النظر في الموضوع خلال اجتماع "شوراها". النداء تساند مشاركة الأمنيين والعسكريين ومن جهته، قال رئيس كتلة حركة نداء تونس بمجلس نواب الشعب سفيان طوبال في تصريح ل"الصباح نيوز" ان موقف كتلة النداء موحّد ومدعوم من الهيئة السياسية للحزب في ما يتعلق بمقترح الحكومة، مشيرا إلى أن الكتلة متمسكة بالمقترح وستصوت لفائدته في جلسة عامة لمجلس النواب. وعبّر من استغرابه من موقف الكتلة يوم عرض المقترح في جلسة عامة الثلاثاء الماضي للمصادقة عليه، موضحا أنه وبعد أن أبدت النهضة موافقة مبدئية على المقترح في انتظار الاستشارة مع بقية نواب الكتلة حوله إلا أنهم أبدوا نيتهم لعدم التصويت عليه لاحقا. وأكّد طوبال أن نداء تونس شدّد على ضرورة التسريع في المصادقة على القانون الانتخابي. كتلة الحرة تساند موقف ساندته كتلة الحرة لحركة مشروع تونس، حيث أكّد النائب الصحبي بن فرج في تصريح ل"الصباح نيوز"، ان الكتلة موقفها واضح في ما يتعلق بمقترح تصويت الأمنيين والعسكريين وهي تسانده، مشيرا أن الأمنيين والعسكريين مواطنون لهم حق ممارسة واجبهم الديمقراطي كما يجري في الدول الديمقراطية. وقال بن فرج ان الأمنيين والعسكريين لهم ما يكفي من الحس الوطني للمشاركة في الحياة العامة. وأكّد بن فرج أنه لا يوجد أيّ حزب ممثل داخل البرلمان يرغب في تعطيل المصادقة على القانون الانتخابي، مضيفا: "لكن ما نشعر به ولمسناه خلال الجلسة العامة ليوم الثلاثاء القادم انه كان هنالك تلاعب في برمجة الجلسة عبر تخصيص حيز من الزمن بانطلاق الجلسة لتوجيه أسئلة لأعضاء من الحكومة، حتى لا يكون هنالك الحضور الكافي لتمرير التعديلات على القانون الانتخابي".