فشل المنتخب الوطني التونسي مرة أخرى في تخطي ربع نهائي كأس أمم إفريقيا تاركا وراءه سيلا جارفا من الانتقادات والتي حادت هذه المرة عن المألوف بما أنها لم توجه إلى المكتب الجامعي ورئيسه وديع الجريء واختارت البولوني هنري كاسبارجاك ومدافع فالنسيا الاسباني أيمن عبد النور ليكونا كبشا فداء ورداء مسحت فيه الخيبة الجديدة ومعها جميع مشاكل كرة قدم تونسية تسير منذ فترة إلى الهاوية بعد أن استشرى فيها الفساد وصارت تقودها رموز تعودت الفشل وتعلمت تقنيات تبييضه وتبريره. لن نلعب في هذا المقال دور المدافع عن هنري كاسبارجاك لأننا نقر كما أقر الكل بأن الرجل أخطأ في اختياراته الفنية في مباراة بوركينا فاسو ولن نحيد عن السرب بالتأكيد على أن عبد النور قدم "كان" مثالية فالرجل اعترف بعضلة لسانه بأنه لم يكن في المستوى المطلوب واعتذر للجماهير ولزملائه،ولكننا في المقابل لن نسلّم كما سلّم غيرنا بأن تواجد مدافع فالنسيا الاسباني على الجهة اليسرى للدفاع وبقاء علي المعلول إلى جانب مدربه هو سبب الهزيمة ضد الخيول البوركينية والعودة السريعة إلى تونس بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها.فمجرد إعادة مشاهدة اللقاء تؤكد عدم جاهزية كامل الفريق لتلك المواجهة حيث لاح أغلبية اللاعبين منهكين وهذا مفهوم بما أغلبهم عانوا من بطالة كروية قبل التحاقهم بتربص المنتخب،كما أن حقيقة الميدان أثبتت بأن مستوانا الفني لم يتطور بالشكل المطلوب ليصبح قادرا على مقارعة كبار القارة الإفريقية والذين يمتلكون من الزاد الفني والبدني والتنظيم الإداري ما يمكنهم من تجاوز لاعبين بمستوى عادي ينشطون في بطولة تدار نتائجها خلف الغرف المظلمة ويذكر فيها رئيس الجامعة والحكام أكثر مما تذكر أقدام اللاعبين. لن ننفي بأن عناصرنا الوطنية قدمت خلال الدور الأول أداء محترما يمكن استثماره مستقبلا لتحسين النتائج وتحقيق هدف التأهل إلى المونديال،ولكن هذا الأداء لا يمكن أن يصمد طويلا أمام عمالقة القارة وهذا أمر لا يخفي على المحليين التونسيين والجماهير الذين كانوا يدركون قبل بداية ال"كان" بأن إقامة زملاء يوسف المساكني في الغابون لن تتواصل إلى نهاية المسابقة لأنهم يعلمون كما نعلم بأن بناء هذا المنتخب لم يكن على قواعد صحيحة وأن تبجح أهل القرار في الجامعة بمنح سلطة القرار كاملة للبولوني هنري كاسبارجاك هي مجرد حبوب مسكنة لا يمكن أن تنطلي على أحد فكلنا نعلم بأن تشكيلة المنتخب لم تكن في منأى عن تدخلات مسؤولي بعض النوادي وبعض السماسرة كما كان الحال في عملية استبعاد أسامة الحدادي وتعويضه بسليمان الكشك وكذلك مع صابر خليفة الذي لم يكن موجودا في قائمة هنري كاسبارجاك قبل أن يتدخل رئيس الجامعة شخصيا ويفرض تواجده تفاديا لغضب جماهير الأحمر والأبيض هذا دون أن ننسى دعوة المجاملة لأحمد خليل والدعوة غير المستحقة لشمس الدين الذوادي وزياد بوغطاس وأحمد العكايشي الذي لم يكن أكثر جاهزية من حمدي الحرباوي. تدخلات ومحاباة وهدايا من هنا وهناك وبطولة محترفة بعقلية هواة و"تسمسير" وفساد في كامل مفاصل كرة القدم التونسية مع غياب تام لدور الإدارة الفنية في ظل تواجد عراب الفشل يوسف الزواوي،عوامل أعاقت وتعيق عملية تكوين منتخب عتيد وقوي قادر على التتويج القاري وضمان مقعد في المونديال وبالتالي فإن محاولة توجيه الرأي العام في اتجاه معين لحماية هياكل الجامعة وعدم تحميلها مسؤولية العثرة الجديد يعد بمثابة مواصلة الهروب نحو الأمام وعدم الجدية في فتح ملف كرة القدم التونسية ومعالجة أورامها المزمنة التي لن تندمل بمثل هؤلاء المسؤولين وأشباه اللاعبين. انتهت المسابقة الإفريقية ولم يبق منها إلا موجه الكره الكبير والتشفي التي أبرزتها فئة من الاعلاميين وفنيو "الغفلة" وشق من الجماهير والتي تفننت في إهانة المدرب هنري كاسبارجاك وخاصة المدافع أيمن عبد النور الذي يعد أحد أبرز سفراء كرة القدم التونسية أحب من أحب وكره من كره،حيث استطاع بفضل انضباطه وقوة شخصيته في المرور بأعرق الفرق الأوربية (تولوز – موناكو وفالنسيا في انتظار محطة أوروبية جديدة)وعوض أن يجد الإحاطة والتشجيع من قبل الجميع بعد مروره بجانب المسابقة الإفريقية،استلت سيوف الحاقدين لمعاقبة وتحطيم لاعب ذنبه الوحيد أنه امتثل لتعليمات مدربه وحاول تقديم الإضافة رغم عدم جاهزيته من الناحية البدنية لخوض مباريات المسابقة. لن نطيل الحديث عن الحملة الهوجاء التي يتعرض لها مدافع فالنسيا الاسباني لأننا على يقين بأن اللاعب سيتجاوز هذه المحنة سريعا ويعود أقوى من الأول لأنه يمتلك عقلية احترافية قل وجودها في لاعبينا ولكونه محاط بوكيل أعمال من المقام الأول ونعني عبد القادر الجلالي الذي ساهم في بروز أكثر من لاعب تونس وفي إفادة أكثر من فريق تونسي لأنه رياضي بالأساس وليس سمسار وما أكثرهم في رياضيتنا،ولكننا سنهمس مجددا في أذان من يرغب حقيقة في انقاذ كرتنا من الاندثار بأن مشاكلنا أكبر وأعمق من اختيارات كاسبارجاك وتدني أداء عبد النور.