تحدّثنا في وقت سابق عن الأجواء العامة التي تسود تحضيرات المنتخب التونسي قبل وبعد مباراة المنتخب التونسي ونظيره الليبيري والتي انتهت بهزيمة عناصرنا الوطنية، وكنا قد تعرّضنا حينها إلى بعض التجاوزات العابرة التي حصلت في كواليس المنتخب والتي تسرّبت تدريجيا إلى العلن من خلال الكشف عن اعتزام المكتب الجامعي التخلّي عن المدرّب المساعد لهنري كاسبرجاك الفرنسي «باتريك هاس»... أخبار سرعان ما فنّدتها الجامعة من خلال تثبيت الفرنسي في منصبه بشكل رسمي وهو ما عايناه في عديد المباريات المحلية التي تكفّل فيها المساعد بتدوين كل الهمسات والسكنات لنقلها في ما بعد إلى المدرّب الأوّل الذي عرفناه لا يساوم أبدا في مسألة الانضباط... وإذا ما كانت راوية الاستغناء عن «هاس» مجرّد تخمينات صحفية غابت عنها التأكيدات الرسمية في ذلك الوقت فإنّ الحديث في تفاصيلها لم يستثن بعض ركائز المنتخب الذين حامت حولهم بعض شبهات «التمرّد» في ما يخصّ مسألة المستحقات... الحديث في هكذا جزئيات لا يتخّذ دائما صبغة رسمية خاصة وأنّ اجترار مفردات التقاعس أو التمرّد أو حتى ممارسة طقوس الدلال في حظيرة المنتخب من شأنه أن يوتّر الأجواء ويثير الرأي العام الرياضي لذلك تحرص دائما دوائر القرار في الجامعة على تمرير عقوباتها سرّا و في العتمة حتى لا يكثر القيل والقال وحتى لا تتعدّد الروايات وتتسّع دائرة العقاب غير أنّ جماعة «الجامعة» مرّوا هذه المرّة إلى الأفعال بعد استنفاذ كلّ الأقوال والنتيجة هي إقصاء حسين الراقد من كلّ نشاط يخصّ المنتخب مع إعفاء مرتقب للمساعد «هاس». القرار يعود في ظاهره إلى مطالبة قيدوم المنتخب بمستحقاته المالية رفقة القائد ياسين الشيخاوي الذي تعوّد إتيان نفس هذه السلوكات في كلّ مرّة يكون فيها المنتخب على موعد مع استحقاق رياضي مهم... غير أنّ الدوافع الحقيقية لهذا الإقصاء تعود حسب مصادر مطّلعة على كواليس المنتخب إلى اعتبارات فنية و«شبهة سمسرة» حيث أكّدت مصادرنا أنّ الراقد تدخّل في الاختيارات الفنية لكاسبرجاك بالتنسيق مع المدرّب المساعد «هاس» حيث فرض التعويل على خدمات سليم بن جميع في التشكيلة الأساسية في مباراة ليبيريا بعد أن كانت النية تتجّه للتعويل في بادئ الأمر على خدمات عمّار الجمل في خطّة ظهير أيسر... وللتوضيح فإنّ علاقة الراقد بسليم بن جميع تتجاوز مجرّد علاقة لاعب بزميله في المنتخب فالراقد هو في الحقيقة وكيل أعمال بن جميع وهو من قاده إلى الدوري النمساوي ومن ثمة إلى فريق عاصمة الجنوب ثمّ إلى قائمة المنتخب وهذا ما تفطّن له الجماعة ولو بقليل من التأخير. أخلاقيا يعتبر حسين الراقد من أفضل الأسماء التي عرفتها الملاعب التونسية وهو على قدر كبير من الانضباط سواء داخل الميدان أو خارجه وهذا لا يتعارض مع طموحاته في اقتحام «عالم التسمسير» لكن في المقابل يتعارض ذلك مع مواثيق المنتخب لأنّ ارتداء قميص النجمة والهلال شرف لا يناله سوى كلّ مجتهد وليس للزمالة أو الصداقة أو الوكالة أيّ دخل في ذلك.