أجرت صحيفة الشروق الجزائرية تحقيقا في ليبيا تبين من خلاله كشفت فيه جملة من الحقائق الخطيرة والموثقة بالصوت والصورة تخص تنظيم داعش الارهابي في منطقة سرت. كتيبة خاصة لتجنيد الفتيات وقد ركز التحقيق على العنصر النسوي، واكتشف خلال العمل الميداني داخل مدينة سرت الليبية وبالتنسيق مع أجهزة الأمن من المخابرات إلى النيابة العامة ومكتب التحقيقات، أن تنظيم «داعش» في سرت الليبية كان قويا بشبكاته وعلاقاته الخارجية فيما يخص استقطاب وجلب النساء، حيث أسس التنظيم شبكة نسائية خاصة مهمتها جلب أكبر عدد من «المهاجرات»، ولا تهم الوسيلة ولا المبلغ المادي بقدر ما يهمّ العدد الذي قد يعلن ولاءه له، لاحظنا أن التنظيم في سرت كان يعمل على جلب فردين أو أكثر من العائلة الواحدة، أي ليس بنفس الوتيرة التي عمل عليها في سورياوالعراق، كان الهدف مثلا جلب أختين معا أو الأخت وبنات أختها أو أخيها مثلا أو الأم وبناتها وهكذا. القصة تبدأ من شبكات التواصل الاجتماعي وعبر مختلف المواقع، يخصص داعش فتيات من مختلف الأعمار تماشيا واصطياد الفريسة، جميع الحسابات مفتوحة بأسماء وهمية، مخطط التنظيم أو كتيبة النساء تحديدا المجنَّدة لجلب الفتيات، هو إيجاد من تعاني من مشاكل عائلية أو ربما اقتصادية.. من تمر ربما بأزمة نفسية، المطلقة، الأرملة، صاحبة التفكير الديني المتشدد المضطهدة في بلدها حسبهم... وما شدَّ انتباهنا أكثر أن التنظيم ركّز من خلال شبكته على جلب بنات الليل؛ أي اللواتي يعملن في الدعارة، إذ يعرض على الفتاة التوبة مقابل توفير مبلغ مالي لها وسكن، وهنا لا يفرق كثيرا عملها داخل سرت مع داعش عن عملها في الدعارة الذي كانت تمارسه، إذ توكل لها فور دخولها توفير «الراحة الجنسية» لمقاتلي داعش وتتحول إلى سبيّة تعاشر يوميا عدة أشخاص داخل أماكن خاصة بالنساء فقط تُسمى «مضافات»! اصطياد الفتيات عبر الأنترنت أصبح وسيلة فعالة بالنسبة لكتيبة النساء المجندة، مجندات اعتدن على التعامل النفسي مع الضحية وعدم الاستسلام إلى غاية جلبها، ولو لشهور أو ربما مدة تفوق السنة الكتيبة النسوية المسؤولة عن جلب الفتيات عبر الأنترنت لديها كل الصلاحيات في اختيار الدولة مادام التنظيم قادرا على جلب الفتاة من أمام باب منزلها، وهذا الأمر الخطير الذي اكتشف، فمعظم الفتيات تم إرسال سيارة لهن تقلهنّ من باب المنزل حتى لو كانت فرنسية أو مصرية أو تونسية أو جزائرية، وهنا تكمن خطورة هذا التنظيم الذي أسس لنفسه شبكات قوية داخل البلدان العربية والأوربية، فمثلا الفرنسيات يتم تسهيل الأمر لهن من داخل فرنسا ومن تتحدث إليهن من تنظيم «داعش» تكون تونسية أو مغربية تتقن اللغة الفرنسية، تستدرج الفتاة نحو تونس أو المغرب أو الجزائر، ثلاث دول يعتبرها التنظيم ممرا لتمرير الجنسيات الأجنبية، وإن كان تركيزه حسب ما تاكد من تحقيق الشروق على تونس أكثر، ربما للتسهيلات التي يتلقاها الأجانب هناك، ومن ثم يتواصل نشاط نساء التنظيم بالتنسيق مع الشبكة التي تكون متواجدة في نفس البلد، تواصل النساء مع النساء يجلب أريحية أكثر في التعامل خاصة بالنسبة للأوروبيات اللواتي يتم تجميعهن داخل مضافات خاصة في تونس وبالتحديد داخل منطقة بن قردان الحدودية مع ليبيا، ويقصد ب»المضافات» هنا منازل خاصة بالنساء فقط تشرف عليها مسؤولة بكتيبة نساء التجنيد، مهمتها الثانية تدريس الفتيات أمور الفقه والدين خلال فترة تواجدهن معها وقبل ترحيلهن إلى ليبيا. الغريب في الأمر - حسب المصادر الأمنية - أن المضافات النسوية في منطقة بن قردان التونسية تنشط بشكل رهيب لا يمكن غضّ الطرف عنه أو عدم السماع به، فعدد النساء اللاتي يتمّ تجميعُهن هناك من مختلف الدول والجنسيات يفوق التصور، هنا يتساءل عن دور السطات التونسية والأجهزة الأمنية في ردع هذا النوع من النشاط الخطير؟ كشفت ايضا الشروق الجزائرية من خلال التقارير الاستخباراتية الليبية، أن شبكات تنظيم «داعش» الخاصة بتجنيد النساء في الدول العربية قوية جدا، خاصَّة تونس ومصر والمغرب والجزائر، دول يقول مصدرٌ أمني أنها مهددة بالانفجار في أي لحظة بسبب النشاط الخطير داخلها لهذا النوع من التجنيد، وإن كان العامل الاقتصادي والسياسي والوازع الديني الرقم الأول في معادلة استسلام الفتيات حسب تصريحاتهن، إلا أن واقع ما كان ينتظرهن أخطر بكثير. هناك نساء يحظين بموافقات خاصة وامتيازات لدى قيادات تنظيم «داعش» الارهابي ، وهن المكلفات بالتجنيد والتدريب على السلاح وتطبيق القانون على باقي النساء، فمثلا من لا تلتزم بشروط العيش في مدينة سرت تُحوّل إلى سجن النساء، حيث يتعرضن للضرب والإهانات وحتى تقديمهن كسبايا للمقاتلين. علاقة شمال إفريقيا ب"داعش" شمال إفريقيا نقطة مُهمّة بالنسبة لداعش، فقد كشفت التحقيقات الأمنية الليبية، مع قادة التنظيم الذين تم إلقاء القبض عليهم، أن زعيمه أبو بكر البغدادي كان كثير التركيز عليها وعلى تجنيد أكبر عدد من شبابها وبناتها، خاصة والنسبة الكبيرة والأرقام المسجَّلة من قِبل المخابرات الأجنبية والتي تشير إلى أن أكبر عددٍ من المنتسبين للتنظيم حتى في سورياوالعراق هو من التونسيين والمغاربة، أمرٌ شجَّع التنظيم على توسيع شبكاته داخل دول المغرب العربي والتغرير ببعض شبابه وبناته، والسؤال المطروح هو: هل يمكن أن نسمي من ينتسب للتنظيم من هذه الدول مغررا بهم؟ سؤال طرح على نساء منتسبات لداعش أبدين ندمهن لكنهن عجزن أمام سؤال بسيط: «كيف تقولين إنك اصطدمتِ بواقع داعش من القتل والذبح والاعتداءات الجنسية بينما هذا التنظيم ليس وليد ليبيا بل امتدادٌ لجرائم وفظائع ارتكبت في العراقوسوريا..؟»، عجزُ الجميع عن الإجابة على هذا السؤال يوصلنا لحقيقة واحدة، وهي أن جل المنتسبات لهذا التنظيم من دول المغرب العربي ليس مغررا بهن بشكل كبير، فهن مدرِكات أن مصيرهن هو «جهاد النكاح» أو ربما الزواج من داعشي، مدركات لما سمعنه من قبل عن تفجير النساء لأنفسهن بأحزمة ناسفة، وعن تدريب النساء على السلاح، وعن اتخاذ المرأة شهوة ومتاعا للرجل وقتما شاء، بل إننا وجدنا خلال تحقيقنا هذا جثثا لفتيات من المغرب العربي وبأيديهنّ الكلاشينكوف داخل المضافات الخاصة بالنساء، كانت مهمتهن منع النساء من الخروج وحراستهن وقتال الجيش الليبي في حال وصوله إلى المنطقة، نساء فضلن الموت على تسليم أنفسهن، خاصة وأنهن كن من الكتائب المهمّة الداعمة لإقامة «الخلافة الإسلامية» حسب اعتقادهن. ليس هذا فحسب، بل أوكلت للنساء -خاصة منهن التونسيات- ارتداء الأحزمة الناسفة وتفجير أنفسهن فور الوصول إلى نقاط الجيش رفقة النساء المستسلِمات، وجدنا داخل الميدان ونحن نقوم بتغطية الحدث أحزمة ناسفة مكتوب عليها أسماء اللواتي كلفن بالعملية مثل «أم البراء، أم الوليد، أم حمزة.. وغيرهن، قتلت العديد من النساء جراء هذه التفجيرات، كما قتل العديد من عناصر الجيش الليبي أيضا، عناصر كانوا يسرعون لإخراجهن من داخل المنازل وبين الركام ليفاجَأوا بانتحارية تفجِّر نفسها ولا ترحم من معها، كانت جثث النساء والأطفال في كل مكان، حُوِّلت العديدُ من المصابات إلى المستشفيات تحت حراسة أمنية مشددة، بعضهن فقدن أطرافا من الجسد، وبعضهن الآخر لم يكنّ مدركات أصلا لوجود انتحاريات بينهن