بقلم :إيمان فرحات صحفية بالديوان الوطني للأسرة والعمران البشري تلقت "الصباح نيوز" مقال رأي من الصحفية بالديوان الوطني للاسرة والعمران البشري ايمان فرحات تطرقت فيه الى وفيات الامهات عند الولادة وكيفية مجابهة هذه المعضلة التي تظافرت جهود مختلف الاطراف داخل وزارة الصحة للحد منها وتقليصها . وفي ما يلي نص المقال تعد وفيات الأمهات عند الولادة أحد أهم الإشكاليات الصحية والتحديات التي تواجهها تونس اليوم، فعلى الرغم من نجاح تونس في تطوير القطاع الصحي والنهوض بالعديد من المؤشرات الصحية إلا أنها أخفقت في التقليص من نسبة وفيات الأمهات التي لازالت رغم الجهود المبذولة دون الأهداف المرسومة ضمن الأهداف الإنمائية للألفية. وتبلغ نسبة وفيات الأمهات في تونس 44.8 لكل مائة ألف ولادة حية بتفاوت بين الجهات حيث ترتفع هذه النسبة في جهات الشمال الغربي والوسط الغربي والجنوب الشرقي وتنخفض في باقي الجهات. ولمجابهة هذه المعضلة الصحية، تعمل وزارة الصحة والهياكل التابعة لها على إيجاد الحلول المناسبة للحد منها عبر وضع خطة عمل وطنية تراعي الخصائص التنموية لكل جهة والنقائص التي تعرفها خاصة فيما يتعلق بالنفاذ وجودة الخدمات الصحية. وتعتبر خدمات التنظيم العائلي والصحة الإنجابية مفتاح الخروج من مأزق وفيات الأمهات، حيث أن استعمال وسائل منع الحمل والمباعدة بين الولادات والمراقبة الدورية للحمل من شأنها أن تحافظ على صحة المرأة وجنينها. وفي هذا الإطار ينظم الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية ورشة لتدريب المدربين حول اختيار وسائل منع الحمل وفق المعايير الدولية، وذلك من 25 إلى 27 أفريل الجاري وتستهدف هذه الورشة مسدي الخدمات في مجالي تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية قصد دعم مهاراتهم ومعارفهم فيما يتعلق بحسن استعمال الضوابط واحترام المعايير التي حددتها منظمة الصحة العالمية في مجال منع الحمل. ويشارك في هذه الدورة إطارات طبية وشبه طبية من ولايات سليانةوسيدي بوزيد وجندوبة والقيروان والقصرين وتطاوين وهي مناطق ذات أولوية في مجال النهوض بالمؤشرات المتعلقة بالأمومة الآمنة والحد من وفيات الأمهات. وعلى هامش هذه الدورة التكوينية كان لنا لقاء مع عدد من المشاركين ومن ممثلي منظمة الصحة العالمية تحدثوا لنا عن تجربتهم في مجال الصحة الإنجابية ومقترحاتهم للحد من وفيات الأمهات. تنظيم الأسرة يقلص من وفيات الأمهات بنسبة 30% أفادت الدكتورة كريمة الغلبزوري، المسؤولة عن الصحة الإنجابية وصحة الأمهات في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط، أن استعمال وسائل منع الحمل يساهم في التقليص من وفيات الأمهات بنسبة 30% وفي الحد من وفيات الأطفال بنسبة 10%، لذلك يجب العمل على توفير هذه الوسائل لمستحقيها من الجنسين بأسهل الطرق الممكنة، ذلك أن تنظيم الأسرة بما يشمله من المراقبة الدورية للحمل والمباعدة بين الولادات من شأنه أن يساهم في المحافظة على صحة المرأة وفي تحقيق الرفاه العائلي. وأضافت محدثتنا أن "من حق كل امرأة الحصول على وسيلة منع الحمل المناسبة لها وأخذ قرارها في عدد الأطفال ومواعيد إنجابهم فذلك يندرج ضمن حقوقها الصحية والاجتماعية فالنفاذ لوسائل تنظيم الأسرة يجب أن يكون متساويا بين الجميع وبالجودة ذاتها." دعم وتطوير استعمال وسائل منع الحمل في تونس من جهتها أشادت السيدة "ماري لين قافيلد"Mary Lyn Gaffield الخبيرة لدى منظمة الصحة العالمية بما تحقق في تونس من مكتسبات فيما يتعلق بالحقوق الإنجابية للمرأة مشيرة إلى أن تونس تنتهج منذ سنوات عدة خطة لمراقبة الحمل والحد من وفيات الأمهات، خطة يجب دعمها وتطويرها وفقا للمعايير الدولية المعتمدة خاصة في ما يتعلق باستخدام وسائل منع الحمل الحديثة وذلك بمضاعفة العمل المشترك بين جميع الأطراف الفاعلة في القطاع الصحي من أجل تحسين مؤشرات النفاذ للخدمات والحد من الفوارق بين الجهات. نظام صحي بلغ منتهاه "النظام الصحي في تونس اليوم بلغ منتهاه ويجب العمل على تطويره من خلال دعم القطاع العمومي ونشر طب الاختصاص في جميع الولايات وتحسين النفاذ للخدمات كل ذلك في إطار مقاربة تنموية شاملة" هكذا قدم الدكتور منير الهمامي طبيب مختص في أمراض النساء والتوليد بسيدي بوزيد وأحد المشاركين في الدورة التدريبية الحلول التي يعتبرها كفيلة بتحسين المؤشرات المتعلقة صحة الأم والطفل. بدورها أكدت السيدة سلاف الفرشيشي، القابلة بالمندوبية الجهوية للأسرة والعمران البشري بسليانة، على أهمية استعمال وسائل منع الحمل والمباعدة بين الولادات للمحافظة على صحة الأم وضمان ولادتها في أحسن الظروف لها ولوليدها مشيرة إلى أن ولاية سليانة كغيرها من ولايات الشمال الغربي تمتد فيها الأرياف على مساحات شاسعة مما يستدعي التنقل والتوجه نحو النساء هناك لتقديم خدمات الصحة الإنجابية والقيام بعمليات التوعية والتحسيس. ودعت القابلة في هذا الإطار إلى ضرورة تدعيم مقاربة الخدمات المتنقلة التي دأب الديوان على تنفيذها منذ سنوات وهي إحدى الحلول الكفيلة حسب رأيها بالحد من وفيات الأمهات. تراجع في استعمال وسائل منع الحمل "هناك تراجع نسبي في الإقبال على استعمال وسائل منع الحمل في بعض المناطق مما يؤدي إما إلى ارتفاع الولادات أو الى تكرر الإجهاض وهو ما يعني الإضرار بالرصيد الصحي للمرأة وتعريض حياتها للخطر ويعود هذا التراجع إلى بعض الأفكار المغلوطة التي لا تزال شائعة في بعض الأوساط.." هكذا تحدثت لنا الدكتورة فاطمة بللعج الجمل طبيبة رئيس بالمندوبية الجهوية للأسرة بصفاقس إحدى المسفيدات من الدورة التدريبية حيث شددت على أن استعمال وسيلة منع الحمل المناسبة والمباعدة بين الولادات وتفادي الحمل الذي يشكل خطرا على صحة الأم بالإضافة إلى المراقبة الدورية للحمل من شأنه أن يساهم إلى حد كبير في التقليص من وفيات الأمهات. خطة عمل للتقليص من وفيات الأمهات وللتخفيض من نسبة وفيات الأمهات، وضع الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري خطة عمل لسنوات 2017-2020 تستهدف ولايات سيدي بوزيد وجندوبة والقيروان وهي جهات يحتل الريف فيها تقريبا نسبة 30% وتشكو نقصا في المرافق الصحية. الدكتورة فاطمة التميمي كاهية مدير الخدمات الطبية بالديوان حدثتنا عن خطة العمل هذه قائلة "سنسعى من خلال هذه الخطة إلى الحد من الوفيات وذلك من خلال الحرص على أن تتابع المرأة حملها وتستفيد من جملة الخدمات المقدمة في برنامج صحة الأم والطفل. وسيتم التركيز خاصة على النساء اللاتي يكتسي حملهن خطورة على حياتهن وذلك من خلال تقريب الخدمات منهن أكثر والتنقل نحوهن في منازلهن حيث سيتم أخذ كافة المعطيات عن حالتهن منذ أول عيادة مراقبة للحمل ليتم نقلهن قبل موعد الحمل للإقامة في المستشفيات والولادة تحت رعاية طبية ذات جودة". وأضافت الدكتورة أنه سيتم الحرص على دعم مهارات وتكوين مسدي الخدمات والقيام بزيارات إشراف وإحاطة بهم لتحسين جودة الخدمات المقدمة مع العمل تدعيم العمل الاتصالي والتثقيفي الذي يعتبر حلقة مهمة في الحد من وفيات الأمهات، فالمرأة بدورها يجب أن تعي خطورة إهمال مراقبة حملها وضرورة استعمال وسائل تنظيم الأسرة للمباعدة بين الولادات. مشيرة إلى أن خطة العمل هذه تندرج في إطار خطة عمل شاملة وضعتها وزارة الصحة بالشراكة مع العديد من الاطراف ذات العلاقة بالموضوع.