بعد مخاض عسير انعقدت أمس أولى جلسات المجلس الأعلى للقضاء بالمبنى الفرعي لمجلس نواب الشعب بحضور جميع الأعضاء وتم انتخاب رئيس مؤقت وهو القاضي حاتم بن خليفة كما تم انتخاب نائبتين لرئيس المجلس وهما القاضية فوزية القمري عن القضاء العدلي والقاضية لمياء منصوري عن القضاء المالي. فما هي رؤية القضاة وآمالهم من هذا المجلس؟ «الصباح نيوز» كان لها حديث مع بعض الهياكل القضائية. وقد أكد لنا حمدي مراد الكاتب العام لجمعية القضاة التونسيّين أن الجمعية ستقوم بدور المراقب والملاحظ لأعمال المجلس الأعلى للقضاء. وفيما يتعلق برأيه في انتخاب رئيس مؤقت ونائبين للمجلس قال أنه لا يمكن اصدار أحكام مسبقة مؤكدا أن الجمعية ستلعب مثلما أشار دور المراقب لأعمال المجلس وسيكون تقييمها مبنيا على عنصر وحيد وهو مدى التزام رئيس المجلس وأعضاءه بالدفاع عن استقلال القضاء واستقلال المجلس وهذا هو المعيار المحدد والفيصل في تقييم عمل المجلس. واعتبر أن قانون المجلس الأعلى للقضاء تشوبه العديد من الخروقات الدستورية وفيه اشكالات كبيرة معبرا عن أمله أن لا يؤثر ذلك على أعمال المجلس كما عبّر عن أمله في أن يسعى أعضاء المجلس في تطوير هذا القانون في اتّجاه صلاحيات أكبر واستقلالية أكبر للمجلس. وفي سياق متّصل قال أنه قبل الثورة لم يلعب المجلس الأعلى للقضاء في حماية وتكريس قضاء مستقل بدليل أن النتائج التي حققها القضاء قبل الثورة كانت دون المأمول مشيرا أن معركة الجمعية بعد الثورة كانت في سبيل تركيز مجلس أعلى للقضاء يحمي استقلالية القضاء وحقوق المتقاضين مضيفا أن المجلس الأعلى للقضاء كان قبل الثورة أيضا آداة من أدواة لهرسلة القضاة من خلال النقل التعسّفيّة والقرارات التأديبيّة الجائرة واسناد الخطط الساّمية للقضاة الموالين للسلطة. من جهته بارك فيصل البوسليمي رئيس نقابة القضاة التونسيين أولى جلسات المجلس الأعلى للقضاء وحضور أعضاءه بكثافة واعتبر أن غاية النقابة تركيز المجلس والذي ستتركّز بعده المحكمة الدستورية وانتصاب أيضا الدوائر الإبتدائية بالمحكمة الإدارية معتبرا أننا نكون بالتالي حققنا خطوة كبيرة في الخروج من المؤقت الى الدائم. كما بارك البوسليمي أيضا عمليّة انتخاب الرئيس المؤقت للمجلس ونائبتين له معتبرا أنها عملية تمت بشكل ديمقراطي مضيفا وأن المجلس الأعلى للقضاء سيمارس مهامه الموكولة له بالقانون سواء فيما يتعلق بالحركة القضائية خاصة سد الشغورات التي تهم كل مجلس قطاعي على حده (مجلس القضاء المالي، الإداري والعدلي) في انتظار انتخاب رئيس دائم ونائبه. وأكد أن ثقته كبيرة في أعضاء المجلس من قضاة ومحامين في رعي مصالح القضاء والقضاة في التعيينات وفي الحركات القضائية وسيلعب المجلس دوره على أكمل وجه وسيقطع مع الماضي وسيسند الخطط القضائية طبق المعايير الشفافة والموضوعية والتي ترتكز أساسا على الكفاءة. أما رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشّبان مراد المسعودي فشدد على ضرورة أن يبتعد أطراف المجلس الأعلى للقضاء عن انتماءاتهم الهيكلية ليتمكنوا من خدمة القضاء وكي لا يحصل صراع داخل المجلس ويكون بالتالي المجلس متناسق في اعماله لبناء سلطة قضائية مستقلة لأن الصراعات ستؤدي حتما حسب رأيه الى اضعاف المجلس. وأكد المسعودي أن تلك الصراعات انتهت مع عقد الجلسة الأولى للمجلس الأعلى للقضاء أمس لأن الجدل الذي كان جدل قانوني انتهى بمجرد عقد الجلسة الأولى. واعتبر أن أهم خطوة يجب أن يقوم بها المجلس الأعلى للقضاء هي الإعداد الجيّد للحركة القضائية بما يردّ الإعتبار للقضاة الذين ظلموا قبل الثورة وحتى بعدها، كذلك يجب على المجلس أن ينفذ بعض الأحكام الإدارية التي لم تنفّذها هيئة القضاء العدلي سواء المتعلّقة بنقل القضاة دون احترام نقلة القاضي الا برضاه، ويجب على المجلس أيضا أن يراجع المنح والأجور المتعلّقة بالقضاة باعتبارها مطلب عاجلة خاصة أمام غلاء الأسعار. وعليه أيضا الإعداد للقانون الأساسي للقضاة ومراجعة برامج التكوين في المعهد الأعلى للقضاء. وشدد رئيس الجمعية التونسية للقضاة الشبّان على أن لا يكون المجلس الأعلى للقضاء مجرّد مجلس تأديب بل مجلس يرعى حقوق القاضي ويقوّي السلطة القضائية ومركزها في الدولة كما شدد على ضرورة دعوة المجلس السلطة التنفيذية تمكين هذا الأخير من مقر لائق ورمزي وأيضا رصد ميزانية له. وختم مراد المسعودي قائلا بأن هدف القضاة من المجلس الأعلى للقضاء أن يحترمهم وينظر اليهم من زاوية الحقوق وليس من زاوية الواجبات معبّرا في ذات الوقت عن أمله الكبير في هذا المجلس خاصة وأنه كان حصيلة نظالات القضاة الذين تحملوا اقتطاع أجورهم.