اتهم رئيس الهيئة السياسية لحزب "المؤتمر من أجل الجمهورية" سمير بن عمر الجبهة الشعبية والأطراف «التي تدور في فلكها» بمحاولة احتكار تمثيل المعارضة التونسية في الشارع عبر إقصاء ما سماه «أحزاب الثورة»، مشيراً إلى أن هذه الأطراف هي التي مهدت الطريق للمنظومة القديمة للرجوع إلى الحكم. كما انتقد «غياب» الرئيس التونسي عن المشهد العام في البلاد، واعتبر أن حكومة الوحدة الوطنية الحالية هي «حكومة مكافآت وليس كفاءات»، واعتبر – من جهة أخرى- أن رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار تسرّع في تقديم استقالته، مؤكداً أن هذا الأمر سيتسبب في تأجيل إجراء الانتخابات البلدية المُقبلة وستكون لها تداعيات «خطيرة» على المسار الانتقالي في البلاد. وقال بن عمر في حوار خاص مع «القدس العربي»: «الأطراف المنظمة لحراك «مانيش مسامح» (الذي نظم مؤخراً احتجاجات في العاصمة ضد مشروع قانون المصالحة) تعمدت إقصاء أحزاب الثورة (المؤتمر ووفاء والبناء الوطني وحراك تونس الإرادة) في إطار حرب خاصة بالتموقع داخل أحزاب المعارضة، وفي إطار البحث عن احتكار تمثيل المعارضة في الشارع. والغريب أن الأطراف التي أصرت على إقصاء أحزاب الثورة هي الأطراف ذاتها التي مهدت الطريق للمنظومة القديمة للرجوع إلى الحكم، وأقصد هنا الجبهة الشعبية والأحزاب التي تدور في فلكها». وأضاف «بعض الأطراف داخل المعارضة لا يهمها مصلحة البلاد، ولا توحيد الصفوف من أجل التصدي لمنظومة الحكم الفاسدة، بل كل ما يهمها هو أجندتها الخاصة والبحث عن تحقيق الانتشار الأوسع على حساب المصلحة والوحدة الوطنية»، مشيراً إلى أن إسقاط مشروع قانون المصالح هو «قضية وطنية ويفترض أن توحد كل القوى التي تؤمن بالمشروع الوطني ولكن للأسف بعض الأطراف الحزبية مصلحتهم الحزبية والشخصية قبل الوطن وقبل كل شيء»، في إشارة إلى وجود إجماع لدى المعارضة حول رفض مشروع قانون المصالحة. وكان رئيس هيئة الانتخابات شفيق صرصار أعلن استقالته مع عضوين آخرين بشكل نهائي من الهيئة، لكنه أكد أنه سيواصل مهامه حتى الرابع والعشرين من شهر جوان المقبل حيث يتم تسليم المهمة للفريق الجديد الذي ستعينه الهيئة. واعتبر بن عمر أن استقالة صرصار «بقطع النظر عن خلفياتها، جاءت في غير وقتها وستكون لها تداعيات خطيرة على المسار الانتقالي وعلى الأجندة الانتخابية وستؤدي إلى تأجيل الانتخابات البلدية المقبلة مجدداً، وهذا بالطبع لا يخدم المصلحة الوطنية، ونحن نأسف لهذا القرار الذي نحمل رئيس الهيئة السابق مسؤولية التسرع في اتخاذه». وأشار، في السياق، إلى أن حزبه يجري سلسلة نقاشات مع أطراف سياسية (لم يحددها) تشاركه في الخط السياسي «أو على الأقل في الدفاع عن استحقاقات الثورة والتصدي لمنظومة الفساد والاستبداد» من أجل تشكيل جبهة أو تحالف انتخابي قبل الانتخابات البلدية المقبلة. وحول تقييمه لأداء حكومة يوسف الشاهد في ظل وجود انتقادات لعدد من أعضائها، قال «برهنت الأيام صحة ما قلناه عند تشكيل هذه الحكومة، فهي لا تملك مقومات النجاح لأنها بنيت على المكافآت، بمعنى أنها حكومة مكافآت وليس كفاءات وهي لا تملك برنامجاً إصلاحياً ولذلك هي مرشّحة للسقوط بل إنها تلفظ أنفاسها الأخيرة». وكان عدد من سياسيي المعارضة دعوا مؤخراً إلى إجراء انتخابات برلمانية مبكرة، معتبرين أن الائتلاف الحاكم أثبت «فشله» في إدارة البلاد، وهو ما اعتبره البعض نوعاً من «المزايدة السياسية». وعلّق بن عمر على ذلك بقوله «أعتقد أن قواعد اللعبة الديمقراطية تقتضي أن نحترم حكم الصندوق، فبعض الأطراف تستعجل الوصول إلى السلطة وترغب في إجراء انتخابات سابقة لأوانها، ولكن من الناحية السياسية (الدستورية) لا يمكن إجراء هذه الانتخابات إلا في ظل وجود أزمة دستورية أو مؤسساتية تمنع السير العادي لدواليب الدولة ونحن لسنا في هذه الوضعية، والذين يستعجلون الوصول إلى الحكم عليهم الانتظار إلى المحطة القادمة وهي انتخابات 2019 واحترام قواعد اللعبة الديمقراطية، ونحن في حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» نؤمن بصندوق الاقتراع ولا نستعجل الوصول إلى الحكم، وسنعمل على إسقاط هذه الحكومة عندما يتم إجراء الانتخابات المقبلة». وفيما يتعلق بتقييمه لأداء رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، قال «بالنسبة لي أعتبر أنه ليس لنا رئيس جمهورية في تونس، فهو تقريباً غائب تماماً وأنشطته تكاد تكون ضعيفة، رغم أنه يمتلك كل المقومات كي يقود البلاد باعتبار أن لدى حزبه (نداء تونس) أغلبية في البرلمان كما أن الرؤساء الثلاثة (الجمهورية والحكومة والبرلمان) ينتمون إلى الحزب ذاته، ورغم ذلك فقد فشل فشلاً ذريعاً بسبب عجزه عن القيادة والحكم». وكانت بعض أحزاب المعارضة انتقدت القرار الأخير للرئيس التونسي المتعلق بتكليف الجيش بحماية مواقع الإنتاج، معتبرين أن هذا الأمر محاولة ل»الزج» بالجيش في اللعبة السياسية و»توريطه» في الصدام مع المحتجين، وهو ما نفته كل من الرئاسة والحكومة. وعلّق بن عمر على ذلك بقوله «من المهم أن تحمي الدولة مراكز الانتاج والثروة الوطنية، ولكن رئيس الجمهورية تناسى أن مشكلة تونس ليست في الاعتصامات التي ينظمها الشباب المشارك في الحراك الاجتماعي، وإنما هي تتمثل في الدرجة الأولى باستشراء الفساد بسبب سياسات السلطة الحاكمة واستشراء التهريب والتهرب الضريبي، وهي تتطلب تدخلاً عاجلاً وإصلاحات عميقة، ولا تريد الحكومة التطرق إلى هذه الملفات لأنها حكومة مرتبطة بلوبيات الفساد ولا تريد القضاء على هذه اللوبيات ولا تريد حماية مصالح الدولة ومصالح الشعب التونسي وهي تعمل – بالمقابل – على حماية مصالح هذه اللوبيات الفاسدة». وكان وزير الدفاع التونسي فرحات الحرشاني دعا، خلال جلسة إستماع في البرلمان، إلى إصدار أمر رئاسي ينظم حالات تدخل الجيش لحماية مراكز الإنتاج، مؤكداً أن الجيش التونسي هو «جيش جمهوري لا يحتك بالمحتجين، بل يحمي المنشآت فقط.