أكدت حركة النهضة أنه لا علاقة لها بالخلافات القائمة داخل نداء تونس، مشيرة إلى أنها ستستمر بمراقبة الحكومة، رغم مشاركتها فيها «بهدف مساعدتها على النجاح»، كما أشارت إلى أن موضوع رئاسة اللجنة المالية حُسم داخل مجموعة المعارضة في البرلمان، ولا علاقة للنهضة والنداء بالأمر، وأكدت أنها ليست معنية ب «حراك شعب المواطنين» الذي أسسه المرزوقي، مقللة من أهمية هذا الحراك في المستقبل. وقال القيادي في الحركة نور الدين العرباوي في حوار خاص مع صحيفة «القدس العربي»: «نحن لسنا جزءا من نداء تونس ولا طرفا في قيادته، وإذا كان ثمة مشكلات داخله فنحن لا دخل لنا بها، ثم إن حركة النهضة بمساهمتها في الحكومة تبحث عن الوحدة الوطنية واستقرار البلاد، كما أننا حريصون على استقرار حزب نداء تونس وأن يكون ثمة رؤية واضحة لمستقبل هذا الحزب وعلاقته بالطيف السياسي ومن بينه حركة النهضة». وكان الأمين العام لحزب المسار الديمقراطي سمير الطيب أكد في حوار سابق مع «القدس العربي» أن حركة النهضة بدخولها الحكومة «نجحت بقليل من الدهاء السياسي في تجاوز أزمتها الداخلية ونقلها بالمقابل إلى حزب نداء تونس الذي غاب عنه الذكاء والفطنة السياسية ويعاني الآن من انشقاقات داخله، لأن النهضة المعتادة على الحكم لن تتقبل المعارضة، وبالتالي بقاؤها خارج الحكومة سيعمق أزمتها الداخلية التي تجلت في بعض الاستقالات». ويعلّق العرباوي على هذا الأمر بقوله «النهضة عمرها حوالي 40 سنة، ولديها سنتان فقط بالحكم، لذلك فهي معتادة أكثر على المعارضة (38 سنة)، لكن ثمة بعض الشخصيات السياسية التي ليس لديها هم سوى التجني على حركة النهضة، وبالنسبة لحزب «المسار» ، فلقد اضمحل واندثر وليس له أي تمثيل الآن في البرلمان، وكان من الأفضل لسمير الطيب أن يبحث عن حلول لمشاكل حزبه أفضل من الحديث عن الآخرين». وكانت بعض وسائل الإعلام نقلت عن الأمين العام لنداء تونس الطيب البكوّش (وزير الخارجية) قوله إنه في حال فوز حركة النهضة في الانتخابات البلدية المقبلة «تصبح إمكانية حل مجلس نواب الشعب واردة جدا، باعتبار النظام السياسي المعتمد وهو نظام برلماني معدل، مشيرا إلى أن ذلك من «المخاطر الكبرى التي قد تهدد تونس بفترة عصيبة أكثر من فترة حكم الترويكا». ويقول العرباوي «كلام البكوش ينطوي على معنى واحد حقيقي وهو دفع حزب نداء تونس إلى التخلي عن الصراعات ورص الصفوف للاستعداد للانتخابات البلدية التي يخشى أن يخسرها بالفعل، فيما عدا ذلك ليس هناك أي سند قانوني لما قاله، لأنه من الناحية الدستورية لا علاقة لانتصار حركة النهضة أو غيرها بحل مجلس النواب». وشهد البرلمان التونسي مؤخرا جدلا كبيرا بعد إسناد رئاسة لجنة المالية للكتلة الديمقراطية الاجتماعية، حيث اتهمت الجبهة الشعبية «الائتلاف الحاكم» وخاصة حزبي نداء تونس والنهضة بمحاولة الاستيلاء على البرلمان وإقصاء الجبهة من جميع المهام داخله. لكن العرباوي يؤكد أن هذه الاتهامات «باطلة»، مشيرا إلى إسناد رئاسة اللجنة المالية للنائب إياد الدهماني تم بعد حوار ثنائي بين مجموعة المعارضة (كتلة الجبهة الشعبية والكتلة الديمقراطية الاجتماعية) ف «الجبهة الشعبية لديها 15 نائبا، أما الكتلة الديمقراطية الاجتماعية التي تشكلت مؤخرا من نواب منتمين لأحزاب كثيرة ومستقلين فتضم 18 نائبا، والدستور يقضي أن تُسند رئاسة اللجنة المالية للمعارضة الأكثر تمثيلا (الكتلة الثانية)، وأود الإشارة إلى أن الجبهة الشعبية بدأت تلقي التهم جزافا، ففي البداية اتهموا النداء والنهضة بالأمر، ومن ثم اتهموا الرئيس السابق منصف المرزوقي، رغم أن هذا الأمر تم حسمه في الدستور ولا علاقة لنا به». وفيما يتعلق بحضور النهضة في «حراك شعب المواطنين» الذي أعلن عنه المرزوقي مؤخرا، يقول «هذا الحراك مازال يبحث عن واجهة (هل سيكون حزبا أم سيظل حراكا عاما)، يبدو أن هذه المسألة ليست بسيطة، ونحن نتابع هذا الجهد ونعتبر أن من حق أصحابه أن يقوموا بما يشاءون من عمل سياسي، وهذا حق مكفول لهم، ولكن حركة النهضة ليست معنية بهذا الحراك إطلاقا». وكان عدد كبير من أنصار حركة النهضة أعلنوا في وقت سابق تأييدهم للمرزوقي في الانتخابات الرئاسية، وبدا للمراقبين وكأنهم سينضمون لتشكيله السياسي الجديد، ولكنه يؤكد أن «الأمور تغيرت كثيرا والبلد أخذ طريقه باتجاه خيارات سياسية جديدة أكثر واقعية وأكثر التزاما بالتوافق والتشاركية، وبعيدة عن التشنج والقطيعة، وفي هذا ثمة فارق جوهري بين خيارات حركة النهضة وخيارات «شعب المواطنين» الذي سيعقده مؤتمره الأول في 20 مارس المقبل، وسنرى ما الذي سيحدث، وما سيحدث في اعتقادنا لن يكون شيئا كبيرا». وكان الأمين لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية أكد مؤخرا أن حركة النهضة ساهمت في تكريس مشهد سياسي «مفبرك» من خلال تحالفاتها التي «انعدمت فيها البرامج والقناعات». ويقول العرباوي «الجميع يلوم الآن حركة النهضة على خطها وخياراتها السياسية، بمن فيه حلفاء الأمس ومن خسروا في الانتخابات، لكن نحن لا تعنينا مثل هذه الآراء، ما يعنينا هو أن خيارنا وخطنا السياسي ساهم بشكل حاسم في نجاح المرحلة السابقة والانتقال الديمقراطي واستقرار البلد والوصول إلى الانتخابات وأن هناك مكاسب تحققت للتونسيين». وفيما يتعلق بالعلاقة مع المعارضة، يقول «نحن موجودون في الحكم من أجل الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والأمني في البلاد ولمواجهة خطر الإرهاب خاصة، وتعاوننا مع المعارضة أمر أكيد، ونحن سنكون جاهزين باستمرار لمتابعة الحكومة، لأننا لم نعطها صكا على بياض، نحن مشاركون فيها، لكننا سنراقبها من أجل مساعدتها على النجاح وليس من أجل تعطيلها». ويضيف «ثمة معارضات عدة في تونس، وكانت لنا ولا تزال علاقات جيدة مع أطياف كثيرة من المعارضة وسنعمل على تطويرها، لكن لدى بعض أطياف المعارضة وخاصة الجبهة الشعبية، ثمة صد كبير وامتناع أيديولوجي ودوغمائي أيضا عن التعامل مع النهضة، وهذا قد يضر البلد ويضرهم أيضا»