تتالت في الأيام الماضية دعوات بعض الأحزاب لتأجيل الانتخابات البلدية لأسباب اعتبرتها موضوعية،وطالبت الهيئة التأسيسية لحركة " تونس أولا " بتأجيل هذا الاستحقاق « إلى حين توفّر كامل شروط نجاحه وضمان مصداقيته»، مشيرة إلى « عدم توفر الظروف الملائمة لإنجاز الانتخابات في تاريخ 17 ديسمبر 2017′′. واعتبرت في بيان لها عقب اجتماعها اليوم، أن « إجراء الانتخابات البلدية لن يكون ممكنا، ما لم يتحّمل مجلس نواب الشعب والحكومة والهيئة العليا المستقلّة للإنتخابات، مسؤولياتهم الكاملة في توفير مناخ انتخابي ملائم وسليم وشّفاف لإنجاح هذا الإستحقاق التّاريخي وفي سياق متصل قال رئيس الحكومة السابق ورئيس حزب «البديل التونسي» مهدي جمعة ل"الصباح نيوز" ان تنظيم الانتخابات البلدية في موعدها رهين توفر ظروف نجاحها، موضحا أن حزبه يرى أن استكمال بناء المسار الديمقراطي يكون عبر تنظيم انتخابات بلدية حرة ونزيهة ولا يشوبها أّي خلل، مضيفا أنّه وان تأخر موعد تنظيم الانتخابات البلدية فإّن هذا ليس «تعلة» للاسراع في تنظيمها دون توفر ظروف نجاحها على حد تعبيره. وردا على هذه الدعوات قال القيادي في حركة النهضة ورئيس كتلتها البرلمانية نورالدين البحيري ل"الصباح نيوز" ان التسريع في الانتخابات بات مطلبا وطنيا ، ولا يختلف اثنان ان الاوضاع البيئية والصحية والتهيئة العمرانية والبنية الاساسية في البلديات انهارت بشكل رهيب بعد الثورة ، وان كل الحلول التي جربت وآخرها تكليف السادة المعتمدين والمعتمدين الاولين لرئاسة البلديات باءت بالفشل رغم المجهودات التي بذلتها الكثير من النيابات الخصوصية. واكد البحيري ان لا احد يمكنه ان ينكر ان من أسباب حالة القلق التي يعيشها التونسي اليوم هو ما يعانيه في محيطه من تراكم الاوساخ والفضلات والحشرات والروائح الكريهة حتى تحولت مدننا بما فيها مدننا السياحية الكبرى الى مصبات للفضلات وشواطئنا الى مستنقعات متعفنة واصبحت البلديات مرتعا للتجاوزات حتى اصبح البعض لا يتورع في البناء على الملك العمومي البحري دون حسيب ولا رقيب. وأوضح رئيس كتلة حركة النهضة ان التسريع في الانتخابات مطلب وطني لوضع حد لتجاوزات ومخاطر لو استمرت سندفع ثمنها غاليا من صحة المواطنين وعلى حسابهم ، متابعا "اذا تركنا الحسابات السياسية جانبا وحسابات الربح والخسارة الحزبية فلا احد في تونس يقول كفى ما نعانيه من وضع كارثي ، والحل في اختيار المواطنين بحرية لمن يدير شأن بلدياتهم والدعوة اليوم لتأجيل الانتخابات البلدية رغم ان قرار اجرائها في 19 ديسمبر المقبل كان قرارا جماعيا خاصة ان الهيئة المكلفة بالاشراف على الانتخابات أعلنت كم من مرة ان موعد الانتخابات موعد مناسب وانها جاهزة لاجرائها في ذلك الموعد لاسيما ان الحكومة اتخذت اجراءات بتأهيل المحكمة الادارية ودائرة المحاسبات ،كذلك ما تم من انتدابات واقرار بعث محاكم ادارية في الجهات بعد هذا الاجماع وبعد هذه الاستعدادات". ويرى البحيري ان الدعوة لتأجيل الانتخابات لا تخرج عن أمرين أحلاهما مر ، اما ان يكون البعض مصر على تفعيل البند السابع من الدستور ورافض للامركزية ولتمكين المحليات والجهويات من صلاحيات في ادارة الشأن العام ، وهذه الدعوة في جوهرها فيها رغبة في الانقلاب على احكام الدستور والعودة الى الحكم المركزي المفرط على حد تعبيره ، وهذا تراجع مخالف للديمقراطية الواسعة التي اختارها "التوانسة" في دستور 2014 ، واما ان يكون هؤلاء – وفق تقديره - غير شاعرين بحقيقة معاناة "التوانسة" في كل المدن والقرى وبمخاطر حالة الانهيار البيئي والصحي والعمراني والتنموي الذي تعيشه بلادنا والذي يمثل خطرا على صحة التونسيين وعلى مستقبلهم وعلى السياحة والاستثمار في تونس لان مظاهر الخراب التي تعيشها بعض المدن بما فيها لا تشجع السياحة ولا المستثمرين على الاقبال على تونس. وتابع البحيري "وهنا أقول انه ليس لاحد ان يتخذ التونسيين أو مستقبلهم وان يفرض عليهم مثل هذه الاوضاع الكارثية والمعاناة ودمار صحتهم واعصابهم ان يتخذهم رهائن لأغراض حزبية أو فئوية ، وعندنا وعي وطني وشعور بالمسؤولية يفرض على الجميع التعالي عن حسابات المقاعد والمساهمة في انجاح الانتخابات البلدية القادمة لما فيه خير البلاد والعباد." وشدد البحيري على ان من واجب النخب السياسية ان تساهم في الاستماع لمطالب اهاليهم وان تستجيب لها وان تعجل لحل مشاكلهم لا ان تكون سببا في تأبيد أوضاع مزرية مؤلمة ومتعفنة وفق قوله.