ظهرت بوادر أزمة جديدة بين اتحاد الشغل (المركزية النقابية) ومنظمة الأعراف (اتحاد الصناعة والتجارة) في تونس، حيث اتهمت منظمة الأعراف قيادية في الاتحاد بالاعتداء على مقرها في العاصمة، وهو ما فنده اتحاد الشغل الذي رفض حضور اجتماع مع رئاسة الحكومة دعت إليه المنظمة لحل النقاط الخلافية بين الطرفين، من جانب آخر رفض كل من الاتحاد والمنظمة عددا من البنود الخاصة بقانون المالية الجديد الذي اقترحته الحكومة مؤخرا. وأدانت منظمة الأعراف «إقدام مجموعة من الغرباء تقودهم الكاتبة العامة للجامعة العامة للمهن والخدمات التابعة للاتحاد العام التونسي للشغل على اقتحام مقر الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية وتعمدهم دفع أعوان الحراسة والتهجم عليهم والاعتصام بالبهو المركزي للمقر وإدخال الفوضى والصخب عبر الصراخ والضرب على الواجهات وهتافات الثلب والإساءة». وعبرت المنظمة عن رفضها «لهذه الممارسات الهمجية»، وتعهدت بمقاضاة المعتدين، مبدية استغرابها من «انخراط، بل وقيادة هذا الاعتداء السافر من طرف مسؤولة نقابية تتقلّد منصب قيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل وهو ما يضر بعلاقة المنظمتين كشركاء في الحوار وفي الوفاق الوطني ويطرح عديد التساءلات عن مستقبل سير العلاقات المهنية والاجتماعية بالبلاد». فيما هدد عضو المكتب التنفيذي للمنظمة خليل الغرياني بتعليق جميع الاتفاقيات المشتركة مع احاد الشغل إلى أن يتم تجاوز الخلاف الأخير. ورد الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبّوبي على تصريحات الغرياني بقوله «إذا كان بيده إلغاء الاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد، فليقم بذلك الآن»، وفنّد الطبوبي المعلومات التي ذكرتها منظمة الأعراف عن اقتحام أعضاء من الاتحاد لمقر المنظمة، كما أشار إلى أن عدم التزام المنظمة بالاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد «خلق توترا اجتماعيا حقيقيا». وسارعت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي إلى الدعوة لاجتماع مع رئاسة الحكومة والاتحاد بهدف حل جميع النقاط الخلافية مع الأخير، إلا أن الطبوبي أكد رفضه حضور الاجتماع المذكور، مطالبا المنظمة بالالتزام بالاتفاقيات الموقعة مع الاتحاد. وشهدت العلاقة بين اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف توترات عدة خلال السنوات الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بزادة أجور الموظفين في القطاع الخاص، كما أن الاتحاد اتهم الحكومة قبل أشهر ب«استفزازه» عبر تعيين خليل الغرياني على رأس وزارة «الوظيفة العمومية»، قبل أن يعتذر الغرياني عن المنصب ويقوم رئيس الحكومة يوسف الشاهد بالغاء هذه الحقيبة الوزارية كليا. وكان رئيس الحكومة يوسف الشاهد اجتمع بالأحزاب والمنظمات الموقعة على وثيقة «قرطاج» لمناقشة قانون المالية لعام 2018 الذي يستعد البرلمان لمناقشته خلال الأيام المُقبلة. وخلال الاجتماع، عبّر كل من اتحاد الشغل ومنظمة الأعراف عن رفضهما عدد من البنود التي يتضمنها القانون وخاصة المقترح المتعلق بزيادة الضرائب وزيادة أسعار المحروقات، حيث اعتبرت رئيسة منظمة الأعراف وداد بوشماوي أن هذا المقترح لن يصلح الوضع الاقتصادي المتردي في البلاد، وطالب الحكومة – في المقابل – بتشجيع الاستثمار والتصدير والتصدي للاقتصاد الموازي. فيما أكد الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي عن رفض الاتحاد تحميل الطبقة العاملة أعباء تدهور المالية العمومية، مشيرا إلى أن إصلاح الوضع المالي للبلاد يتطلب توسيع قاعدة الآداء الضريبي ومحاربة التهرب الجبائي. وبين أن إقرار زيادة الضرائب على القيمة المضافة سيؤدي زيادة أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية، كما ستؤثر زيادة أسعار المحروقات سلبا على المقدرة الشرائية للتونسيين، ودعا إلى التركيز (في قانون المالية الجديد) على الاستثمار والتنمية لخلق الثروة مع ضرورة مساهمة القطاع الخاص في إحداث الاستثمارات الجديدة بالجهات الداخلية. وسيقوم رئيس الحكومة خلال الأيام المقبلة بعقد مجلس وزاري مخصص لمناقشة الصيغة النهائية لقانون المالية الجديد والمصادقة عليه قبل أن تتم إحالته إلى البرلمان في منتصف الشهر الجاري لمناقشته قبل المصادقة عليه لاحقا.(القدس العربي)