عرضت حكومة إقليم كردستان العراق يوم الأربعاء تجميد نتائج استفتاء الإقليم على الاستقلال وتعزيز الجهود الرامية لحل الأزمة مع بغداد عبر الحوار لا الوسائل العسكرية. رجل كردي يضع ملصقا يحمل صورة رئيس كردستان العراق على سيارة في أربيل يوم الخامس من سبتمبر أيلول 2017. تصوير: آزاد لاشكاري - رويترز لكن متحدثا عسكريا عراقيا أشار إلى أن الهجوم سيستمر لاستعادة أراض خاضعة للأكراد. وكانت القوات العراقية قد شنت الهجوم بعد أن أيد الأكراد الاستقلال تأييدا ساحقا في الاستفتاء الذي أجري في سبتمبر أيلول. وغيرت الحكومة العراقية ميزان القوى في شمال البلاد منذ شنت حملتها الأسبوع الماضي على الأكراد الذين يحكمون منطقة تتمتع بالحكم الذاتي تضم ثلاث محافظات في شمال البلاد. وقالت حكومة كردستان في بيان "القتال بين الطرفين لا يفرض انتصار أي طرف بل يقود البلد إلى دمار شامل وفي جميع جوانب الحياة". وأضاف البيان "لذا ومن موقع المسؤولية تجاه شعب كردستان والعراق نعرض ما يلي على الحكومة والرأي العام العراقي والعالمي: 1- وقف إطلاق النار فورا ووقف جميع العمليات العسكرية في إقليم كردستان. 2- تجميد نتائج عملية الاستفتاء التي أجريت في كردستان العراق. 3- البدء بحوار مفتوح بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية على أساس الدستور العراقي". وأعلنت بغداد أن استفتاء الاستقلال غير قانوني وردت باستعادة السيطرة على مدينة كركوك وما حولها من مناطق منتجة للنفط ومناطق أخرى انتزع الأكراد السيطرة عليها من تنظيم الدولة الإسلامية. وفي تعليق على وسائل التواصل الاجتماعي يوحي باستمرار الحملة قال متحدث باسم الجيش العراقي "العمل العسكري ليس له علاقة بالسياسة". وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد قال إن حكومة إقليم كردستان يجب أن تلغي نتيجة التصويت كشرط لإجراء محادثات. ولم يقدم العبادي ردا بعد على المقترحات التي طرحها الأكراد يوم الأربعاء. وبدأ رئيس الوزراء زيارة رسمية يوم الأربعاء لتركياوإيران ستبرز فيها مسألة العلاقات مع الأكراد. وأعلنت إيران يوم الأربعاء إعادة فتح أحد المعابر الحدودية مع كردستان العراق بعد أن أغلقته الأسبوع الماضي تأييدا للحكومة العراقية. ونقلت وكالة أنباء إذاعة الجمهورية الإسلامية في إيران عن جهانجير باخشي مدير جمارك المعبر الحدودي "بعد الاستفتاء والتغييرات داخل منطقة كردستان أغلقنا الحدود مع منطقة كردستان العراق... واليوم أصبح معبر باشماغ مفتوحا". * أهمية استراتيجية أمر العبادي، الذي يحظى بدعم إيرانوتركيا في التحرك ضد حكومة إقليم كردستان، جيشه باستعادة جميع الأراضي المتنازع عليها وطالب أيضا بسيطرة الحكومة المركزية على معابر العراق الحدودية مع تركيا، وجميعها يقع داخل إقليم كردستان. وقال المكتب الإعلامي للعبادي إنه سافر صباح يوم الأربعاء متوجها إلى تركيا "ضمن جولة إقليمية تشمل تركياوإيران برفقة وفد يضم وزراء الداخلية والنفط والتخطيط والكهرباء ومستشار الأمن الوطني ومسؤولين آخرين". وأضاف أن العبادي سيبحث خلال الجولة "مع المسؤولين في البلدين الجارين سبل تطوير العلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في المجالات ... ورؤية العراق لمستقبل المنطقة وتوجهه الجديد في مرحلة ما بعد الانتصار على داعش وحفظ وحدة العراق وسيادته الوطنية على كامل أراضيه". وقال مسؤولون أكراد إن قوات الأمن الكردية المعروفة باسم البشمركة صدت هجوما لقوات الحشد الشعبي المدعومة من إيران والموالية لحكومة بغداد في منطقة ربيعة على مسافة 40 كيلومترا جنوبي فيش خابور على الحدود مع سورياوتركيا. ولفيش خابور أهمية استراتيجية لأي مسعى لاستقلال الأكراد لأن النفط القادم من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة ومن تلك التي يسيطر عليها الأكراد في شمال العراق يمر عبر خط أنابيب يبدأ من هناك وينتهي في تركيا، وهو المسلك الرئيسي لخروج الصادرات الدولية من المنطقة. ودار القتال حتى الآن خارج منطقة الحكم الذاتي الكردية، غير أن فيش خابور تقع داخلها. ويسبب القتال بين الحكومة المركزية والأكراد وضعا شديد الحساسية بالنسبة للولايات المتحدة لأنها حليف وثيق للطرفين وتوفر تسليحا وتدريبا لكل من الأكراد وقوات الجيش العراقي في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية. وحققت الحكومة العراقية تقدما خلال الأسبوع الأخير بقدر صغير نسبيا من العنف إذ انسحب أغلب الأكراد دون قتال. وقال الجيش العراقي يوم الأربعاء إن قواته بصدد شن هجوم لاستعادة آخر رقعة من الأراضي العراقية لا تزال تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية. وجاء في بيان من قيادة العمليات المشتركة في بغداد أن القوات الجوية العراقية أسقطت منشورات على منطقة القائم وراوه عند الحدود الغربية تقول "قواتكم الأمنية حسمت الموقف وحررت كل مناطق العراق التي تجرأ الدواعش على تدنيسها يوما في غفلة من الزمن. "إنها الآن قادمة لتحريركم". ويسيطر مقاتلو التنظيم أيضا على أجزاء من الجانب السوري من الحدود، لكن المنطقة الواقعة تحت أيديهم آخذة في التقلص مع تراجعهم أمام قوتين مهاجمتين إحداهما قوات سوريا الديمقراطية التي تمثل وحدات حماية الشعب الكردية قوامها الأساسي وتدعمها الولاياتالمتحدة، وقوات الحكومة السورية المتحالفة مع فصائل شيعية خارجية وتدعمها إيران وروسيا. وشهدت دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية عبر حدود سورياوالعراق انهيارا فعليا في يوليو تموز عندما سيطرت القوات العراقية المدعومة من الولاياتالمتحدة على الموصل معقل التنظيم الرئيسي بالعراق خلال معركة صعبة استمرت تسعة أشهر. أما الرقة، معقل التنظيم في سوريا، فقد سقطت الأسبوع الماضي في أيدي القوات المدعومة من الولاياتالمتحدة.