في مكان منزو من المبنى، جلست الطفلة سماح تتابع بهدوء الفقرات الراقصة والاجواء الحماسية التي احتضنها، ظهر اليوم الاحد، المركز المندمج للشباب والطفولة ببرج العامري. وكأن الامر لا يعنيها رفضت سماح ذات 14 عاما بلطف دعوة صديقاتها لمشاركتهن حلقات الرقص لتؤكد بابتسامة خجولة أن إدارة المركز تسعى إلى خلق اجواء عائلية وترفيهية تنسي المقيمين فيه وضعهم العائلي غير المستقر، وتعوضهم دفء الاهل المفقود غالبا. سماح، وهي أقدم مقيمة بالمركز، عبرت لمراسلة (وات) عن الامل في أن يكون غد المركز أفضل حاضره، وبأن تتحسن ظروف العيش فيه وأن تكون بينته التحتية في حال أفضل، وأن يتم الارتقاء بالخدمات المقدمة للاطفال المقيمين فيه. أوضاع هذا المركز اطلعت عليها، صباح اليوم الاحد، وزيرة المرأة والأسرة والطفولة، نزيهة العبيدي، مرفوقة بوالي منوبة، أحمد السماوي، وقد عبرت عن عدم رضاها عن وضعية وحدات العيش والغرف من حيث وضعية الجدران والالوان القاتمة التي تعمها، داعية الاطار المشرف إلى مزيد تحسين ظروف الاقامة ل34 مقيما ومقيمة منهم 16 طفلة، وتوفير الاجواء العائلية للاطفال فاقدي السند العائلي، وتجويد خدمات التكفل والإيواء للأطفال إلى حين إدماجهم. وفي جولتها داخل المركز بين ورشات دهن القاعات ووحدات العيش وفقرات التنشيط وخدمات طب العيون الموجهة لابناء المركز البالغ عددهم 80 طفلة وطفلة مقيمين وغير مقيمين، ثمنت الوزيرة الدور الريادي الذي تضطلع به الجمعيات والمؤسسات المنضوية في سلسلة التضامن للطفولة، في تحسين بنية المركز، وفي تجويد خدماته وتحويله الى فضاء نموذجي للطفولة يضمن حق فئة الاطفال المهددين اجتماعيا في حياة كريمة ومتوازنة تتوفر فيها ادنى المتطلبات . وتعرضت الوزيرة في كلمة القتها، بالمناسبة، إلى المخاطر التي تتهدد الاطفال على غرار الاعتداءات الجنسية واستغلالهم في الدعارة، وفي التسول، ودفعهم الى مغادرة مقاعد الدراسة باكرا، وغالبا من قبل عائلاتهم، مع استغلال الطفلات من قبل سماسمرة بمعاليم وساطة تترواح بين 100 و500 دينار لتشغيلهن كمعينات منزليات، محملة مسؤولية حماية الطفولة إلى العائلة وإلى المجتمع، وإلى الوسط المدرسي وإلى المجتمع المدني. وقد أشرفت العبيدي، خلال هذه الزيارة، على موكب تم فيه إمضاء ميثاق سلسلة التضامن من أجل الطفولة من قبل 15 جمعية بصفة مبدئية، تعهد ممثلوها بتطبيق جميع أهداف الميثاق الذي ينص على الرفع من جودة الخدمات الموجهة للأطفال وخاصة داخل مؤسسات الطفولة، والتعريف والترويج وحشد الدعم المادي لتمويل "صندوق طفولتي" الذي تم إحداثه من أجل دعم المشاريع والبرامج وخطط العمل الموجهة للأطفال خاصة في المناطق الريفية وذات الأولوية. ما تضمنه هذا الميثاق استعصى على فهم الطفلة سماح، لكنها عبرت لمراسلة (وات) عن الامل في أن تتحسن ظروفها وظروف زملائها بعد التوقيع عليه، وأن يتجسد هذا التحسن على أرض الواقع وخاصة على مستوى البنية التحتية والتجهيزات والفضاءات.. ابتسمت سماح وتورد خدها برؤية الالعاب الجديدة و التجهيزات الاعلامية التي تم تركيزها بقاعة الانشطة والتي وعد الممثل معز التومي الشخصية الشرفية للسلسلة بتحويلها الى قاعة فنون بعد تهيئتها وتزويقها . وقد أشار هذا الفنان في تصريح ل(وات) أن القاعة ستكون مركز إبداع لاطفال المركز، ومكانا لصقل مواهبهم وتنمية حسهم الابداعي والفني، ولدعم ملكة الابتكار لديهم، متعهدا بتخصيص عائدات عرضه القادم لمسرحية "فركة صابون" لتهيئة القاعة. كما سيعمل معز التومي جاهدا على التنسيق مع الفنانين والممثلين لتنشيط الحركة الثقافية داخل المركز. من جهته، بين المندوب الجهوي للمرأة والأسرة والطفولة بمنوبة، أن البرنامج الذي انطلق من المركز المندمج ببرح العامري والذي تساهم فيه عديد الجمعيات والمنظمات والمؤسسات، يهدف إلى الاعتناء بالأطفال القاطنين في المناطق الفقيرة في اتجاه تحقيق الانصاف بين كل أطفال تونس وتوفير تكافؤ الفرص، وحمايتهم من كل أشكال التهديد وضمان حقوقهم في حياة كريمة و متوازنة. وعلى كلمات اغنية الراب الشبابية التي تفاعل معها بعض ابناء المركز بالرقص الشبابي "نشوف في غدوة خير ، نأمن بلي مكتّبو ربي يصير..نحل جوانحي نطير"...وقفت سماح بعيدا تتامل محتوى لوحة جدارية قام برسمها احد الشبان الموهوبين، وقد ذكرها محتوى اللوحة بواقع عائلي تسبب لها، منذ طفولتها الباكرة، في كثير من الالم، وذاقت جراءه الظلم، ولم تجد له أي عذر أو مبرر رغم محاولاتها طيلة السنين الماضية. (وات)