عاد الحديث عن الولاية الخامسة للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، من جديد وسط حالة غليان تشهدها البلاد، جعلت بعض الذين كانوا مقتنعين بإن السلطة ستذهب إلى ولاية خامسة يراجعون حساباتهم، خاصة أن هذا الخيار أصبح يبدو مغامرة أكثر من أي وقت مضى، فحتى المؤيدون لبوتفليقة أصبحوا يتحدثون عن الولاية الخامسة بكثير من التحفظ، خلافا لما كان عليه الأمر من قبل. عبد العزيز زياري، رئيس البرلمان السابق، أعتبر أن الوقت مازال مبكرا للحديث عن ولاية خامسة لبوتفليقة، مضيفا: «إذا قرر الرئيس الترشح فسأكون من الذين سيدعمونه». وحول وضع بوتفليقة الصحي، قال : «أنا لست طبيبا معالجا للرئيس ولا أعلم وضعه الصحي، ولكن إذا قرر الترشح فالأكيد أن وضعه الصحي يسمح بذلك». وبين، في تصريح نقله موقع «كل شيء عن الجزائر» كنت دائما إلى جانب بوتفليقة حتى قبل أن يصبح رئيسا، وسأظل أدعمه إذا ما قرر الترشح مرة أخرى». ويعتبر هذا الكلام انقلابا نوعيا في موقف زياري، الذي قال سنة 2015 في مقابلة مع صحيفة «الخبر» (خاصة) إن «مرحلة حكم الرئيس بوتفليقة وصلت إلى نهايتها. ومن الضروري التفكير في مرحلة ما بعد بوتفليقة». وحذر من «الاقتتال على السلطة، ومن مغبة الاستمرار في النهج الحالي، من دون تحضير الأرضية لمرحلة جديدة، فجيل الاستقلال وصل إلى سن التقاعد فما بالك بالجيل الذي صنع الثورة». المعارضة، التي كانت شبه مستسلمة لخيار الولاية الخامسة الذي تراه حتمية بدأت تشكك في ذلك، وتجلى ذلك في تصريح أحمد بن بيتور، رئيس الحكومة الأسبق، الذي عمل مع الرئيس بوتفليقة في بدايات حكمه، فقد أبدى تحفظا بشأن إمكانية تحقق الولاية الخامسة. ابن بيتور، الذي يعرف النظام جيدا، ويعرف بوتفليقة أيضا، يرى أن هناك عوامل موضوعية قد تقف حائلا أمام الولاية الخامسة، فالوضع المالي الذي تعيشه البلاد صعب، وهذا الوضع سيزداد سوءا خلال السنتين المقبلتين، إلى درجة أن الحكومة ستكون عاجزة على سد العجز في الميزانية، بسبب استمرار ارتفاع فاتورة الصادرات وارتفاع فاتورة الواردات، الأمر الذي سيجعل الوضع صعبا، وسيؤدي إلى ندرة في الكثير من المواد، ما سينعكس على الجبهة الاجتماعية، وسيؤدي إلى تزايد الحراكات الاحتجاجية. وكان ابن بيتور، قد أكد، أنه في حالة وقوع انفجار اجتماعي فلا يمكن للسلطة السياسية أن تعول على قوات الأمن والجيش، لأن هذه الأخيرة إما ستقف موقف الحياد، أو تنحاز إلى الشعب، وهي كلها عوامل قد تجعل صاحب قرار الولاية الخامسة يفكر مليا قبل الإقدام عليه. وتعيش الجزائر، منذ بداية العام الحالي حراكات احتجاجية شملت عدة قطاعات، من الصحة إلى التعليم إلى قطاعات أخرى. تجد السلطات صعوبة في إخمادها، بسبب عدم امتلاكها الوفرة المالية التي كانت تعطيها هامش مناورة من قبل، عدا أن استخدام القوة لإخمادها ستكون له فاتورة غالية، والبلاد موضوعة تحت حصار أمني غير معلن منذ عدة أسابيع، خاصة في العاصمة والمدن الكبرى، تحسبا لأي احتجاجات، وهو وضع يصعب الاستمرار فيه طويلا، علما أن الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد لن يتحسن خلال الأشهر ولا حتى السنوات القليلة المقبلة.