اعتبرت صحف جزائرية السبت أن خطاب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن فيه عن جملة من الإصلاحات منها تعديل الدستور ومراجعة قانوني الانتخابات والأحزاب لم يرق إلى مطالب المعارضة التي دعت إلى تغيير سياسي جذري يبدأ بحل البرلمان والحكومة وإنشاء مجلس تأسيسي يضم جميع القوى السياسية يعمل على إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة تؤرخ للجمهورية الثانية. وقالت صحيفة “الخبر” الأوسع انتشارا إن بوتفليقة الذي توجه لأول مرة بخطاب إلى الشعب الجزائري عبر التلفزيون “استجاب للتحالف الرئاسي “الأحزاب الثلاثة التي تشكل الحكومة” وأدار ظهره للمعارضة”. ويضم التحالف الرئاسي حزب جبهة التحرير الوطني “حزب الرئيس”، والتجمع الوطني الديمقراطي “حزب رئيس الوزراء أحمد أويحيى”، وحركة مجتمع السلم “الإخوان المسلمون”. وقالت الصحيفة إنه بالرغم من أن بوتفليقة أعلن عن تعديل الدستور واستدعى لذلك لجنة دستورية تشارك فيها من أسماها “التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري” ومراجعة قانون الانتخابات والأحزاب وقانون الولاية وقانون الجمعيات و”دعم” السمعي البصري ورفع التجريم عن جنح الصحافة، إلا أنه أخضع دستور البلاد “لمراجعة لم يوضح مداها، على خلفية أنه أبقى الباب مفتوحا أمام تعديلها عن طريق البرلمان أو استفتاء شعبي، والخيار الثاني يتم اللجوء إليه إذا كانت التعديلات قد تمس بعلاقة السلطات ببعضها”. وأضافت الصحيفة أن بوتفليقة “فند ما تردد بشأن احتمال عدم قدرته على مواصلة ممارسة عهدته والدعوة إلى انتخابات رئاسية مسبقة، مثلما تم الترويج له في الآونة الأخيرة” مشيرة إلى أنه رفض املاءات الخارج بخصوص الإصلاحات عندما قال ”ومن البديهي أن تتجه ميولنا أكثر نحو مواقف القوى السياسية المتشبعة بالروح الوطنية التي ترفض كل تدخل في شؤون الغير ولا ترضى في المقابل بتدخل الغير في شؤونها”. وخلصت الصحيفة إلى أن خطاب بوتفليقة لم يشكل أي مفاجأة “مقارنة بما سبق وأن تحدث عنه كل من الوزير الأول أحمد أويحيى والممثل الشخصي لرئيس الجمهورية عبد العزيز بلخادم، من أن البلاد ليست في أزمة سياسية، وبالتالي فإن إصلاحات السلطة لن تخرج عن نطاق هذا الحيز الضيق المذكور والمسموح به”، وهذا يعني أن الرئيس “أدار ظهره كلية للمطالبين بإنشاء مجلس تأسيسي...وتغيير النظام...وتشكيل حكومة انتقالية وحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية وبلدية مسبقة”. من جهتها نقلت صحيفة “الشروق اليومي” الصحيفة الأولى في الجزائر، عن رئيس الحكومة الجزائرية الأسبق أحمد بن بيتور وصفه خطاب بوتفليقة بالإنتصاري والمتخم بذكر الانجازات. وقال بن بيتور إن الخطاب جاء تحت شعار “كل شيء على ما يرام” متسائلا “فلماذا خرج الجزائريون إلى الشارع ولماذا الناس غاضبون من وضعهم الاجتماعي؟”. وحسب بن بيتور فإنه “ليس هناك أي خريطة طريق أو قرار واضح المعالم في خطاب الرئيس” متسائلا عمن يعد لهذه الإصلاحات “هل هو النظام القائم ولماذا لم يعد لها قبل 10 سنوات؟”. واعتبر أن “المسؤولين الجزائريين لم يحسوا بعد بمرض مواطنيهم” مشيرا إلى أن بوتفليقة لم يلتزم في خطابه بمبدأ الفصل بين السلطات. ونقلت الصحيفة عن رئيس حزب العدالة والتنمية المعارض “تحت التأسيس” محمد السعيد أن خطاب بوتفليقة “ثري بالوعود في انتظار الملموس”. واعتبر أن تحديد بوتفليقة مدة سنة من الزمن لتحقيق وعود خطابه “طويلة جدا في ظل التطورات الداخلية والخارجية المتسارعة”. من جانبها ذكرت صحيفة “ليبرتي” التي تنشر بالفرنسية أن خطاب بوتفليقة جاء من دون جولة عمل محدد. وقالت الصحيفة “تكلم بوتفليقة أخيرا بعد ثلاثة أشهر من الغليان الشعبي والسياسي لكن الإصلاحات التي أعلن عنها تحدثت عنها أحزاب التحالف الرئاسي من قبل” في إشارة الى أنه لم يشكل أي مفاجأة. أما صحيفة “لوسوار دالجيري” التي تنشر بالفرنسية أيضا فقد اعتبرت الخطاب “مخيبا للآمال.. وباختصار لن تكن هناك ثورة”. وكان الرئيس الجزائري أعلن أمس عن تعديل الدستور “من خلال إنشاء لجنة دستورية تشارك فيها التيارات السياسية الفاعلة وخبراء في القانون الدستوري”، و”مراجعة عميقة لقانون الانتخابات تستجيب لتطلع مواطنينا إلى ممارسة حقهم الانتخابي لاختيار ممثليهم في المجالس المنتخبة” وفتح المجال أمام الأحزاب الممثلة وغير الممثلة في البرلمان للمشاركة بآرائها من أجل صياغة النظام الانتخابي الجديد. ويمتد هذا التشاور إلى “الترتيبات اللازمة لتأمين ضمانات الشفافية والسلامة، بما في ذلك المراقبة التي يتولاها ملاحظون دوليون للعمليات الانتخابية”. كما أعلن بوتفليقة عن مراجعة قانون الأحزاب، ورسم خط هذا التعديل تحت محور “مراجعة دور الأحزاب ووظيفتها وتنظيمها لجعلها تشارك مشاركة أنجع في مسار التجدد” بالإضافة إلى سن “القانون العضوي المتعلق بتمثيل النساء ضمن المجالس المنتخبة الذي صادقت عليه الحكومة قبل أيام، ليكون مطبقا قبل الاستحقاقات الانتخابية القادمة المقررة العام الماضي”. كما قرر من خلال صياغة قانون جديد للإعلام “رفع التجريم عن الجنح الصحفية المقررة في قانون العقوبات 2001′′ التي تنص على إمكانية حبس الصحافيين، بالإضافة إلى “مدونة أخلاقية” لأخلاقيات مهنة الصحافة، لكن بوتفليقة اكتفى ب”دعم” المجال السمعي البصري وليس فتحه أمام القطاع الخاص. أما بخصوص مكافحة الفساد فعدّد بوتفليقة جملة من برامجه في السنوات العشر الأخيرة ثم تساءل، هل يمكن القول إن كل شيء على ما يرام؟. وأجاب في خطابه” لا بكل تأكيد”، ليعترف “باستشراء الرشوة والمحاباة والتبذير والفساد”، وقرر بهذا الخصوص اتخاذ إجراءات هامة على أساس عملية تشاورية على المستوى المحلي مع المواطنين والمنتخبين والجمعيات الأهلية “لدعم محاربة البيروقراطية والاختلالات المسجلة في الإدارة، والتصدي لأي تلاعب ومساس بالأموال العمومية”. نقلا عن النهار بريس