اعتبر رئيس لجنة الصناعة والطاقة، بالبرلمان التونسي، عامر العريض، أن الدستور يعطي لرئيس الحكومة حق إقالة الوزراء وإلغاء أو إحداث وزارات. جاء ذلك، في مقابلة مع "العريض" جرت بالعاصمة تونس، تطرق فيها النائب إلى موقف لجنته من إقالة وزير الطاقة والمناجم والطاقات المتجددة، خالد قدور، نهاية أوت الماضي. وقال العريض إن "رئيس الحكومة يوسف الشاهد، شرح لي الأسباب التي دعت إلى إقالة خالد قدور وحل وزارته وإلحاقها بوزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة". غير أن النائب رفض تقييم قرارات الشاهد بهذا الخصوص، مكتفيا بالقول: "طلبنا إحالة كامل الملف للجنتنا بكل تفاصيله، ورئيس الحكومة تعهد بذلك، وسننظر فيه حال عودة البرلمان إلى العمل في أكتوبر المقبل". ** اجتهاد من موظفين في 31 أوت الماضي، أقال الشاهد كلا من قدور، وكاتب الدولة للمناجم (مساعد وزير) هاشم الحميدي، والمدير العام للمحروقات الهادي الهريشي، والمدير العام للشركة التونسية للأنشطة البترولية (حكومية) المنصف المطوسي، والمدير العام للشؤون القانونية بوزارة الطاقة محسن المنصوري. كما قرر الشاهد أيضا، إلحاق مصالح وزارة الطاقة بوزارة الصناعة والمؤسسات الصغرى والمتوسطة، وتشكيل لجنة خبراء لدى رئاسة الحكومة لإعادة هيكلة الوزارة ومراجعة حوكمة قطاع الطاقة. وفي مؤتمر صحفي عقب الإقالة، أكّد المتحدث باسم الحكومة التونسية، إياد الدّهماني، أن إعفاء الوزير والمسؤولين المذكورين من مهامهم، جاء على خلفية "السماح لمستثمر تونسي باستغلال حقل نفط والبحث عن البترول دون رخصة". إلا أن قدور نفى ذلك، ودافع في تصريحات إعلامية، عن وزارته وكبار موظفيها المقالين. واعتبر أن "قرار تنحية الوزارة أمر غير مدروس"، مشيرا إلى أنها "رسالة سيئة إلى المستثمرين الأجانب والقطاع الخاص". ونفى الوزير المقال، أي تقصير منه ومن مساعديه في أداء مهامهم. ورفض العريض التعليق على تصريحات قدور، مجددا تأكيده على أن "الدستور يسمح للشاهد بالقيام بما قام به من إقالات". ومستدركا: "لكن لا بد من الحرص على الفصل بين ارتكاب الأخطاء في التصرف، والذي يجب متابعته إداريا، وبين الفساد الذي ينبغي أن يحاكم". وأوضح أن "الحقل النفطي 'حلق - المنزل' الذي تسبّب في إقالة خالد قدور يقع داخل البحر على بعد 70 كلم قبالة مدينة منستير (شرق) وهو ليس في حالة إنتاج". وموضحا: "الحقيقة أن الحقل يعود اكتشافه إلى 1979، وقد انتهت صلاحية رخصة استغلاله في 2009، مع تعديل قانون المحروقات بتونس". وتابع: "الحقل بات فيه إشكال قانوني، وبعض المسؤولين الإداريين (بوزارة الطاقة) اجتهدوا وأعطوا نوعا من التمديد في عقد (استغلال) هذا الحقل". ** حملة "وينو البترول"، مشروعة وحول ما إن كانت أزمة وزارة الطاقة تعطي مشروعية لحملة "وينو البترول" (أين النفط؟) المطالبة بالشفافية في قطاع الطاقة ومقاومة الفساد فيه، قال العريض: "نحن في اللجنة أكثر حرصا على موضوع الشفافية في الطاقة والمناجم". وأضاف: "عدلنا القانون (مجلة المحروقات) حتى تصبح متلائمة مع الدستور، وبمقتضى ذلك أصبحت كل العقود تنشر في الرائد الرسمي (الجريدة الرسمية التونسية)". ولفت العريض إلى أن لجنة بصدد التشكّل بالبرلمان لبحث إمكانية انضمام تونس للاتفاقية الدولية للشفافية في الثروات الاستخراجية. ونبه النائب إلى ضرورة "التفريق بين من يطالب بالشفافية، وبين من يتحدث عن الوهم ويمارس الشعبوية التي تريد الإيهام بوجود بحيرة من النفط بتونس". كما دعا إلى ضرورة "التفريق أيضا بين من يبحث عن حماية هذه الثروات وحسن إدارتها، وتوفير أعلى درجات الشفافية والمراقبة، حتى تكون في مصلحة البلاد، وبين يتخذ القضية وسيلة لحملاته الانتخابية التي لا تنتهي". وتوضيحا للجزئية الأخيرة، قال: "بعض من يزايدون في هذه القضية (شفافية قطاع الطاقة) ليسوا بعيدين عن قضايا الفساد أيضا"، دون تفاصيل أكثر حول هذه النقطة. ووفق هاشم الحميدي، كاتب الدولة (مساعد وزير) لدى وزير الطاقة المُقال، متحدثا أمام لجنة الصناعة والطاقة بالبرلمان، في مايو/ أيار الماضي، بلغ إنتاج الطاقة في 2017، 4.16 ملايين طن مكافئ نفط، مقابل استهلاك بنحو 9 ملايين طن مكافئ نفط، ما يعني أن العجز في الطاقة بالبلاد تجاوز 50 بالمائة. ** العقود تخضع لتدقيق برلماني في سياق متصل، قال العريض: "دققنا في الأوضاع القانونية لآبار النفط، وذهبنا وزرنا العدادات حيث الرقابة الهندسية والفنية، برفقة مختصين بالشركة التونسية للأنشطة البترولية، وأعددنا تقريرا في ذلك". وتابع: "رصدنا بعض الإخلالات (لم يوضحها)، وكان هدفنا الرئيس هو منع هذه الإخلالات، وحسن التصرف في الثروات، وتطوير القوانين بما يشجع على الاستثمار وتطويره". ** مراجعة عقود شركة الملح الفرنسية وفي معرض حديثه عن قطاع إنتاج الملح، الذي يدور حوله جدل بالبلاد من قبل نشطاء مدنيين، قال العريض إن "ملف الملح مفتوح على مصراعيه، والنقاش فيه مفتوح بالكامل". وأضاف: "موضوع الملح فيه مشاكل كثيرة، والعقود أبرمت في الخمسينيات (من القرن الماضي)". وأردف: "لاحظت في أحد العقود الرئيسية أن من يمثل الجانب التونسي ليس تونسيا بل هو من الإدارة الاستعمارية، وهذا في حد ذاته فيه إشكالات كثيرة". وموضحا: "في العقد المبرم عام 1949 مع الشركة العامة للملّاحات التونسية "كوتيزال" (شركة ذات رأس مال أغلبه فرنسي) التي تستغل أهم ملاّحة بمدينة جرجيسالتونسية (جنوب)، وملاحات أخرى، لاحظت أن هناك آجال زمنية للاستغلال تصل إلى 2029". كما "يتضمن تنصيصا، على أنه إذا أراد أحد الطرفين عدم التجديد الآلي، فعليه الإعلام قبل 10 سنوات". وختم بالقول: "توجهنا العام ليس مع تجديد العقود، بل مع فتح (استغلال) هذه المقاطع (الملاحات) أمام كل الشركات، وفق كراس شروط استغلال جديد، ضمن القوانين المنظمة لهذا القطاع". ووفق أرقام رسمية، تخسر تونس نحو 325 ألف دولار، بسبب عدم انضواء شركة "كوتيزال" تحت أحكام مجلة (قانون) المناجم المحلي، وعدم دفعها ضرائب لفائدة وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي (حكومية). ويقدر إجمالي إنتاج الملح ب1.5 مليون طن سنويا، 90 بالمائة منها موجهة إلى التصدير.