"لا للموت، لا للفوسفوجيبس"، "لا لتواصل الجريمة البيئية في قابس"، شعارات رفعها أهالي مدينتي الحامة ومنزل الحبيب من ولاية قابس، خلال الاضراب العام الذي شنه أهالي الجهة يوم 10 ديسمبر الجاري على خلفية اختيار مدينة منزل الحبيب لتركيز الوحدات الجديدة للمجمع الكيميائي التونسي المنتصب حاليا بمدينة قابس. وقد بدأت التحركات الشعبية بالجهة بتنظيم مسيرات عفوية يومي 5 و7 ديسمبر، قبل اضراب 10 ديسمبر الجاري، الذي انخرطت فيه منظمات وجمعيات المجتمع المدني واتحادات الشغل والفلاحة والصيد البحري والصناعة والتجارة والصناعات التقليدية. وأعلن أهالي الحامة ومنزل الحبيب خلال هذا الاضراب عن رفضهم القاطع لهذا المشروع والتصدي له. ولم تكن هذه التحركات منفصلة وجديدة فقد طالب المجتمع المدني بمدينة قابس منذ سنة 2006 بتحويل الوحدات الملوثة للمجمع الكيمائي التونسي إلى جهة أخرى، بعد أن تسبب سكب أطنان من الفوسفوجيبس حوالي 29 ألف طن يوميا في البحر منذ إحداث المجمع سنة 1972 في تصحر البحر على مسافة 17 كلم في العمق. والفوسفوجيبس هو عبارة عن فضلات للحامض الفوسفوري المستخرج من الفسفاط المصنع وهو في شكل فسفاط جبسي كما أنه مادة خطيرة باجماع الخبراء وبتصنيف من وزارة الصناعة حسب القانون 39/23 ويعترف هذا القانون بأن "مادة الفوسفوجيبس مادة خطرة تصدر اشعاعات وملوثة للبيئة (بحر وماء وهواء) ويمكن أن تحدث أضرارا جسيمة في المائدة المائية والفلاحة الجيوحرارية تصل إلى حد السرطنة . وحول هذا الملف البيئي بامتياز كان ل(وات) حوارا مع مسؤولين بالسلط المحلية بكل من الحامة ومنزل الحبيب. "لا بد من وقف هذه الجريمة البيئية" أشار رئيس بلدية الحامة ناصف ناجح، إلى أنه تم سنة 2008 اقتراح منطقة "المخشرمة" قرب وذرف لتركيز الوحدات الجديدة ولكن ردة فعل الأهالي كانت عنيفة وصارمة حيث قام المجتمع المدني بتشكيل تنسيقية للتصدي لهذا الحل ونجحوا في إيقاف المشروع رغم الضغوطات والاغراءات. وتابع المسؤول "ونظرا لفشل هذه المحاولة، وقع اقتراح نقل كل وحدات الانتاج إلى منطقة منزل الحبيب مع اقتراح 7 مواقع وانحصر الاختيار على منطقة "الزملة البيضة" وهي منطقة على تخوم مدينة الحامة". وشدد على ضرورة وقف "هذه الجريمة البيئية" في حق أهالي ولاية قابس عامة وأهالي منطقتي الحامة ومنزل الحبيب خاصة والبحث عن حلول جدية وجذرية. وفي سؤال حول ردة فعل السلط الجهوية والمركزية بعد نجاح الاضراب (10 ديسمبر 2018)، أفاد المسؤول أنه تم اعلامه بأنه يجري العمل على ايجاد حلول بديلة، مؤكدا أنه يوجد اتفاق بين رؤساء بلديات الحامة ومنزل الحبيب والحبيب ثامر حول عدم منح أي رخص للقيام بأشغال مع اقتراح تركيز وحدات في الجزر المهجورة. ليس الرفض لمجرد الرفض... ومن جهته، قال المستشار ببلدية منزل الحبيب، رئيس لجنة الصحة والنظافة والعناية بالبيئة، عمار السعدي، إن "أهالي الجهة لا يرفضون انتصاب الوحدات الجديدة للمجمع الكيمائي التونسي لمجرد الرفض وإنما يطالبون بارسال خبراء من تونس وان امكن من دول اجنبية لمعاينة المواقع التي تم اختيارها (الزملة البيضة والسفية) ورفع تقرير في صلوحيتها من عدمها لتكون مقرا للوحدات الجديدة ويتأكد الجميع من ان الدولة ترغب في انجاز مدينة صناعية تستجيب للمعايير المعتمدة في مجال السلامة البيئية وطنيا ودوليا". وتابع "من الضروري ان يكون هؤلاء الخبراء نزهاء وذوي كفاءة عالية في المجال تمكنهم من تفسير مختلف جوانب المشروع من الألف إلى الياء وتبسيط المعلومة ليقتنع الاهالي بأهمية إقامة مثل هذه المشاريع في المنطقة وسلامتها". وأوضح المستشار البلدي، أن إمكانية تركيز هذه الوحدات بموقع الزملة البيضة واردة، إذا ما أكد الخبراء أن الأرض بهذه الجهة، أرض طينية تتوفر على طبقة سميكة من الطين بعمق 14 مترا بما من شأنه حماية المائدة المائية من فضلات الحامض الفوسفوري "الفوسفوجيبس) التي سيتم سكبها. ولفت إلى أن "المشاريع الاستثمارية في الجهة مرحب بها شرط أن تكون غير مضرة بصحة الانسان وسلامة البيئة ككل"، مشددا على أن "لا تقع المساومة بتوفير الشغل مقابل تركيز مصانع ضارة بالانسان وغير صديقة للبيئة". وللإشارة تعذر على (وات) الاتصال بالسلط الجهوية والمركزية المكلفة بملف الوحدات الجديدة للمجمع الكيميائي التونسي رغم المحاولات المتكررة.