رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    عاجل : تأجيل قضية رضا شرف الدين    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي    الرابطة الأولى: تعيينات مواجهات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كأس تونس لكرة اليد: برنامج مقابلات المؤجلة للدور ربع النهائي    الاعتداء على سائق 'تاكسي' وبتر أصابعه: معطيات جديدة تفنّد رواية 'البراكاج'    4 جرحى في اصطدام بين سيارتين بهذه المنطقة..    إطلاق النار على سكّان منزل في زرمدين: القبض على المتّهم الثاني    زيادة في أسعار هذه الادوية تصل إلى 2000 ملّيم..    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    الحماية المدنية: 17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    الخارجية الإيرانية تعلّق على الاحتجاجات المناصرة لغزة في الجامعات الأمريكية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    مدنين : مواطن يحاول الإستيلاء على مبلغ مالي و السبب ؟    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    عاجل/ تعزيزات أمنية في حي النور بصفاقس بعد استيلاء مهاجرين أفارقة على أحد المباني..    %9 حصّة السياحة البديلة.. اختراق ناعم للسوق    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    منوبة: تقدّم ّأشغال بناء المدرسة الإعدادية ببرج التومي بالبطان    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    أخيرا: الطفل ''أحمد'' يعود إلى منزل والديه    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    التونسيون يتساءلون ...هل تصل أَضحية العيد ل'' زوز ملايين'' هذه السنة ؟    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    تونس / السعودية: توقيع اتفاقية اطارية جديدة مع المؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    حزب الله يرد على القصف الإسرائيلي ويطلق 35 صاروخا تجاه المستوطنات..#خبر_عاجل    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    كاتب فلسطيني أسير يفوز بجائزة 'بوكر'    البنك التونسي للتضامن يحدث خط تمويل بقيمة 10 مليون دينار لفائدة مربي الماشية [فيديو]    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباجي: النهضة تتحكم في الحكومة.. والغنوشي سيدعم الشاهد في الرئاسية
نشر في الصباح نيوز يوم 29 - 01 - 2019

تحدث رئيس الجمهورية في حوار مطول مع صحيفة العرب اللندنية .
ومن المنتظر ان تستضيف تونس القمة العربية في شهر مارس بعد أن اعتذرت البحرين. ولا يخفي الباجي أن القمة بقدر ما يجب أن تكون قمة المصالحة العربية فهي تتويج لمسار تصالحي بين تونس والكثير من الدول العربية.
يقول وهو يدرك دوره في المسار "عندما توليت الرئاسة كانت تونس في قطيعة مع أغلب الدول العربية: مصر، الجزائر، ومختلف الدول العربية، إلا قطر. أعدت المياه إلى مجاريها. وقمت بزيارة كل الدول العربية من مصر إلى الكويت والسعودية". اليوم سوريا هي شاغل القمة القادمة. ويرى الباجي أنها قمة "جمع الصفوف وستتم في أحسن الظروف. نحن لا نملك مواقف سلبية ضد سوريا أو أي كان. نحن مع الإجماع العربي، والقرار الذي ستعتمده الجامعة العربية سنعتمده".
لكن الباجي يقدر حجم الحساسيات المتراكمة بين الدول العربية في قضايا عدة ويشير إلى أن تونس لا تريد أن تكون طرفا فيها. ف"الحساسيات الموجودة في الخليج اليوم لا نتدخل فيها ووجهنا الدعوة لنستضيف الجميع. قمة تونس هي قمة الكل". سنرى إن كان الكل سيشمل سوريا.
ليبيا دائما
نظرة الباجي إلى محيط تونس العربي والدولي نظرة ثاقبة تتابع كل التطورات وتبحث عن مصلحة تونس والمنطقة العربية فيها. يرى الباجي في ليبيا عنصرا محددا في محيط تونس الإقليمي.
يقول "ليبيا بالنسبة لتونس شيء هام بل وحيوي. ونحن دائما نقول ليبيا وتونس شعب واحد في دولتين. تربطنا علاقات مميزة تاريخيا. وعندما انهارت الدولة في ليبيا تضررت تونس. نحن في تونس نرغب في عودة الدولة الليبية ونعمل من أجل ذلك. لكن عن طريق ليبي-ليبي ودون تدخلات خارجية لأن هذه التدخلات هي التي عقّدت الأوضاع. وقد أخذنا مبادرة ثلاثية، تونس ومصر والجزائر، من أجل تحقيق ذلك، كما أن المبعوث الأممي يقوم بمجهود جيد، لكن ذلك غير كاف والوضع مازال غير مستقر".
ويضيف: "أقول للأوروبيين اتركوا الليبيين ليجدوا الحل بأنفسهم مع الأمم المتحدة". لكن كيف يتركونها في حالها حيث يختلط السياسي بالميليشياوي فيرد: "صحيح، لكن هذه مسألة وقت. وعندما تتدخل الدول ستطول المدة أكثر. والمسألة في ظل التدخلات الأممية مازالت تحت السيطرة. تونس تضررت كثيرا لأنه كان لديها معاملات كثيرة مع ليبيا، وأيضا تضررت بسبب الخطر الإرهابي. وما دام الوضع على حاله فسيأتينا الإرهابيون من هناك، وإن كانوا ليسوا ليبيين بل تونسيين. مثلا العمليات الإرهابية الثلاث الكبرى التي شهدتها تونس في سنة 2015 كان مصدرها ليبيا".
يرى الرئيس الباجي أن أطرافا عدة تتدخل في الإقليم. يقول "صحيح هناك دور تركي وأيضا أدوار تلعبها دول عربية بالإضافة إلى الأوروبيين". ويعتقد أن الموقف الأميركي مرتبط بالعلاقة بإسرائيل "أميركا دولة عظمى وتتدخل في كل شيء، لكن إذا لم تتخل عن إسرائيل ولم تتخذ موقفا محايدا، فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه".
ينتبه الرئيس الباجي إلى الدور الروسي في المنطقة، فالعالم اليوم "لم يعد مثل عهد الحرب الباردة منقسما، وروسيا اليوم فاعل رئيسي. اليوم الولايات المتحدة والغرب يتعاونون مع روسيا لحل المشاكل في المنطقة".
ويشخّص التقاطعات السياسية للقوى الإقليمية الصاعدة كالمشروع الإيراني والمشروع التركي. ويقول "كنا نأمل أن يكون هناك مشروع عربي، لكن الأزمة الخليجية أثرت في العالم العربي وتوازناته. لهذا نحن لا نريد أن نأخذ موقفا يعارض أو يساند طرفا على حساب الآخر. نؤمن بأن مصلحتنا في أن تعود العلاقات. مجلس التعاون الخليجي أهم إنجاز في المنطقة وكنّا نفخر به. كنّا سباقين في المغرب العربي لكن مشروعنا كان معطّلا وابتهجنا بمجلس التعاون الخليجي. لكن الأزمة الأخيرة جعلته في حالة تململ. يجب أن تعود العلاقات ويعود دور مجلس التعاون الخليجي ويساهم في جمع الصف العربي. وسنعمل في القمة على ذلك".
النهضة المسيطرة على الحكومة
القمة العربية ستكون بعيدة عن مشاكل تونس الداخلية. ولكن المشاغل الوطنية غير بعيدة عن ذهن الرئيس في أية لحظة من اللحظات.
الباجي لا يتردد في وصف ما يحدث في تونس. فالنهضة "مسيطرة على المشهد السياسي". ويقول "كان عندنا مساهمات كثيرة من أحزاب سياسية مختلفة شاركت في ما يسمى 'وثيقة قرطاج' التي شاركت فيها النهضة، لكن أيضا شارك فيها الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة واتحاد الفلاحين واتحاد المرأة بالإضافة إلى نداء تونس وحزب الوطني الحر وأحزاب أخرى فازت في الانتخابات. بعد الحوار الذي انعقد، طالب أغلب المشاركين بتغيير الحكومة ورئيسها، لكن حركة النهضة امتنعت. وهي الآن مسيطرة على المشهد السياسي التونسي، باعتبار أنها المساند الرئيسي للحكومة، ورئيسها. والأكيد أنه بلا دعم النهضة لن تكون هناك حكومة".
ترويكا جديدة بقيادة النهضة
يرى الباجي أن "النهضة هي الحزب الأول وتملك الأغلبية في مجلس نواب الشعب ب68 نائبا، وهؤلاء صوتوا للحكومة الجديدة دون استثناء، كما صوتت لها أطراف أخرى منها الائتلاف الوطني، المكون من شظايا الكثير من الأحزاب التي انفصل أعضاؤها عن نداء تونس، وحزب آفاق تونس، والاتحاد الوطني الحر، يضاف إليهم نواب حزب مشروع تونس (وأصلهم من النداء)، ليكونوا أغلبية ب130 نائبا، أي 60 بالمئة من مجموع النواب".
ويرى الرئيس الباجي أن من أعطى المشروعية للحكومة (بعد المطالبة بتغييرها) "هي هذه الترويكا الجديدة: النهضة والائتلاف الوطني ومشروع تونس".
الشاهد يريد أن يبقى في السلطة. النهضة فهمت طموحه ودفعته إلى تكوين حزب يشاركها الحكم بعد انتخابات 2019 وراشد الغنوشي سيدعمه ليترشّح لرئاسة الجمهورية
ويؤكد أن واقعا تشكل اليوم بسبب السيطرة التي تمارسها النهضة على الحكم. ف"الدستور في تونس يؤكد أن السلطة التنفيذية فيها رأسان: رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة. وكل طرف حسب مشمولاته. وهذا أمر سلبي يحتاج أن يتغير. لكن، إذا لم يوافق رئيس الجمهورية على الحكومة أو طلبت استشارته بشأنها، تصبح السلطة التنفيذية برأس واحدة فقط هو رئيس الحكومة، وهو الواقع اليوم، وهو ما يرسّخ سيطرة النهضة على المشهد السياسي. ولو كنا نريد شيئا آخر غير مصلحة تونس كنا تمسّكنا بنص الدستور الذي يقضي بضرورة أن يبدي رئيس الجمهورية رأيه في الحكومة ويوافق عليها قبل أن تتوجه إلى مجلس نواب الشعب الذي يقبل أن يتصل به رئيس الحكومة مباشرة دون تواصل مع رئيس البلاد. لأول مرة خرقنا القواعد لأن هناك أغلبية ذهبت في اتجاه هذا الخرق".
سألته: قبل سنتين في لقائكم معنا قلتم إن النهضة مكون سياسي له مكانته ودوره، ما الذي تغير؟ رد "هذا شيء ثابت لأن النهضة وقع انتخابها والشعب صاحب السيادة. اليوم المعادلة تغيرت. الائتلاف الوطني غيّر التوازنات. أغلب مكونات هذا الائتلاف انتخبوا على أساس انتمائهم لنداء تونس. ثم غيروا الوجهة في إطار ما يسمى بالسياحة البرلمانية، وهو أمر يجب ألّا يستمر. كل هذا يجعل الهيمنة للنهضة التي تسيّر الحكومة، ودون النهضة لا وجود لهذه الحكومة. النهضة لديها سياستها وأهدافها وتحدياتها وهي الآن تؤثر في المشهد".
تذكرت ما كان يقوله صحافي تونسي مخضرم عن "شهية" النهضة التي زادت "مع الأكل".
الجهاز السري
لكنّ بعدا أمنيا جديدا دخل على الخط السياسي صار يثير القلق عند التونسيين بالعموم، وهو يحمّل الرئيس الباجي مسؤولية مضاعفة. إنه موضوع "الجهاز السري" للنهضة الذي تتراوح أوصافه بين جهاز استخباري بمرجعية إخوانية دولية، إلى ذراع أمنية لحركة النهضة بقدرات عسكرية، وصولا إلى ماكنة لتجنيد الجهاديين في تونس وإرسالهم إلى جبهات مختلفة منها سوريا والعراق وليبيا.
يسود الحديث في تونس عن تراكم مئات (البعض يتحدث عن آلاف) الوثائق عن "الجهاز السري" وأن أجهزة الأمن قد وضعت بين يدي الرئيس المعطيات وأن كشفها قادم لا محالة أمام الرأي العام التونسي وأن تحريكها قضائيا بدأ بعد.
يقول الباجي "أنا من موقعي كرئيس للجمهورية، بقطع النظر عن انتماءاتي الشخصية، أدعم الشفافية. الشعب يجب أن يكون على بيّنة من الطريق الذي نسير فيه. وهذه الشفافية تقتضي أنه إذا كانت هناك تفاصيل ثابتة بالوثائق لن نتخلّف عن إشهارها لسلامة المسيرة التي نمشي فيها".
ويضيف "لا بد أن نتأكد من إن كان هناك ذراعا سرية. النهضة تنكر وجود هذه الذراع، لكن الكثير من المراقبين السياسيين والمحامين الذين يتابعون قضايا اغتيال الشهداء يقولون إن الجهاز موجود. دولة مثل تونس تريد أن تكون ثورتها نزيهة يجب أن تعرف هل هذا الجهاز موجود أم لا. لهذا يجب أن نقوم بالاستقاء والتحقق للتأكد من أنه موجود. نحن لا نتهم دون حجة".
يشير الباجي قائد السبسي إلى اغتيال الزعيمين شكري بلعيد ومحمد البراهمي سنة 2013 في ظروف لم تتوضح تماما بعد.
والتحقيق يفتح أبوابا كثيرة في علاقة النهضة مع دول وتنظيمات عالمية وهو ما يراه الباجي جزءا من مسار الشفافية في تونس. ف"الحديث عن البعد العالمي لحركة النهضة صحيح كونها من جماعة الإخوان المسلمين. لكن لا ننكر أن النهضة قامت بمجهود لتتحول إلى حزب سياسي عادي. لكن هذا المجهود غير كاف. عندما انعقد المؤتمر الأخير للنهضة حضرت في افتتاحه حتى أشجع على التحول إلى حزب سياسي حقيقي لكن تبين أن هذا المجهود غير كاف وذلك لأنه قام على فكرة الفصل بين الدعوي والسياسي، وهذا غير ممكن وليس هو المطلوب. على كل حال الثابت الآن أنه يجب التأكد من وجود هذه الذراع السرية لسلامة الأوضاع أولا، وثانيا نتأكد هل كان لهذه الذراع دور في الاغتيالات أم لا، رغم رغبة بعض الأطراف في التعتيم على الموضوع لضمان دعم النهضة في الانتخابات القادمة."
موضوع الاغتيالات قضية شائكة في تونس التي تطالب بمعرفة من استهدف صفوة من السياسيين التونسيين في مرحلة حرجة ما بعد الثورة. لكنه لا يقل أهمية عن معرفة طبيعة "الجهاز السري" في تجنيد المجاهدين وحثهم على الانضمام إلى جماعات خارجية. وهو الأمر الذي يحرص الرئيس السبسي على الوصول فيه إلى الحقيقة.
يقول "لا بد أن نتأكد من ذلك. لو كنت أنا النهضة لكنت عملت على إثبات أن هذا الأمر غير موجود. لكن نحن ليس لدينا موقف معاد أو متحمس لهذا أو لذلك. نحن نتحمس للحقيقة لأنها ذات فائدة للجميع".
لكن النهضة جزء من الحكومة والداعم الأكبر لها. وتحفظات الرئيس الباجي صارت معروفة وخرجت إلى العلن في أكثر من مناسبة. وهذا يعقّد العلاقة بين قصر قرطاج والقصبة حيث تقيم رئاسة الحكومة. فالرئيس يتعامل مع "الحكومة (130 صوتا من جملة 217 صوتا). على أنها حكومة النهضة منذ أن زكاها 60 بالمئة من النواب بأصوات مريحة، لهذا هي حكومة النهضة. إذا سحبت النهضة ثقتها منها تسقط".
ويضيف "بعد أزمة حكومة الحبيب الصيد، اختار النداء رئيس حكومة من بين أعضائه وهو رئيس الحكومة الحالي. لكن، حسب الدستور لا يصبح لرئيس الجمهورية أي نفوذ على رئيس الحكومة. السلطة التي تراقبه هي مجلس نواب الشعب. لذلك توجه رئيس الحكومة إلى مجلس أعطاه الأغلبية. لذلك قبلنا. للديمقراطية ضوابطها وقواعدها ونحن نحترمها. والآن عندنا حكومة تسير بأغلبية من النهضة".
الاتحاد.. الوطني والسياسي والنقابي
الاتحاد العام التونسي للشغل هو المتصدّر للمواجهة مع الحكومة ومن خلفها النهضة. الاتحاد تحول إلى قوة سياسية بوجه نقابي. وهذا الأمر يلحظه الرئيس ولا يبدي الكثير من التحفظ عليه.
يقول "الاتحاد منذ تأسس هو منظمة وطنية لا تدافع فقط عن الأجراء. فرحات حشاد لم يقع اغتياله لأنه نقابي بل لأنه كان يسيّر الحركة الوطنية عندما تم إبعاد ونفي الحبيب بورقيبة والمنجي سليم وزعماء الحركة الوطنية. وفي أول حكومة بعد الاستقلال كان الاتحاد مشاركا بعدد لا يستهان به من الوزراء. لكن، حدثت قطيعة بين الاتحاد والحزب الحر الدستوري التونسي. وفي 26 يناير 1978، شهدت البلاد إضرابا عاما تخللته أعمال عنف واعتقالات وسقوط قتلى وتفككت المنظومة الوطنية، وهو ما نريد تجنبه اليوم، ونبهنا الأطراف إلى أنه عندنا تجربة سيئة ولهذا يجب الحوار أحببنا أم كرهنا، ومادمنا وطنيين يمكن أن نصل إلى قاسم مشترك. لكن، إلى الآن لم نصل إلى لغة تخاطب في المستوى".
الاتحاد العام التونسي للشغل حزب سياسي قادم إذا، أم هو قوة مؤازرة للتركيبات السياسية الحزبية الأخرى؟ ثمة الكثير من الإشارات إلى أنه لا يمنع "المنظمة الوطنية"، على حد وصف الرئيس قائد السبسي، من أن تتحول إلى حزب سياسي. أي أنها القوة المرشحة لخوض المواجهة مع النهضة والحكومة معا. ولكن أين "نداء تونس
يقول الرئيس "بصفة واقعية النداء تراجع، لكن بفعل فاعل. التونسي ميال للسلطة، سواء أكان نائبا أو مواطنا. لكن السلطة الحقيقية في يد رئيس الحكومة وليس رئيس الجمهورية وفق الدستور. ومادام رئيس الحكومة لقي سندا كبيرا من حركة النهضة. وهي تسيطر عليها حتى أن الغنوشي مثّل تونس في دافوس ومعه الكاتب العام للنهضة ورئيس الحكومة".
مشاركة رئيس الحكومة يوسف الشاهد في ملتقى دافوس مع رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي تولد عنها تداخل في الأصوات التي تتحدث باسم تونس في الخارج وخلقت انطباعا بأن النهضة تريد الظهور بمظهر من يحدد سياسات تونس اليوم.
تم كثيرا تقديم العلاقة المتوترة بين الشاهد والنداء على أنها خلاف سياسي لكن الرئيس الباجي يرى أنها قضية الرغبة في البقاء في السلطة.
يقول الرئيس "الشاهد يريد أن يبقى في السلطة فقال إن عنده خلافا مع النداء. لا أعتقد أن هذا الأصل، النهضة فهمت طموحه وتعاملت معه بذكاء ودفعته إلى تكوين حزب جديد يشاركها الحكم بعد انتخابات 2019 وراشد الغنوشي سيدعمه في السرّ ليترشّح لرئاسة الجمهورية. هذا لم يعد خافيا على أحد في تونس".
هل يعني هذا أن للرئيس الباجي موقفا من الغنوشي؟ يقول "لست ضد الغنوشي. علاقتي به كأي تونسي. كانت هناك علاقات مميزة وعندي تقدير له. أرى أن من حق النهضويين أن يشاركوا في الحياة السياسية بعد الاعتقال والسجن. لكن علاقتي بالغنوشي ليست خاصة، إذا اتصل بي أجيب على اتصاله كما أجيب على اتصال أي كان".
اجرى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي حوارا مع صحيفة العرب اللندنية وتحدث حول الاستقطاب السياسي الحاصل في تونس المتوقّع في سنة انتخابية. فالرئيس يعتقد "أن المواعيد الدستورية يجب أن تتم في آجالها. هذا ما فعلناه في الانتخابات البلدية رغم الاحترازات الكثيرة والحساسيات السياسة".
لكن الرئيس الذي ترك رئاسة حزب نداء تونس وتفرغ لعمله كرئيس للبلاد سيكون محورا مهما في الانتخابات القادمة.
يقول "لا أشجع أحدا ولا نقوم بعمل ضد أحد. الشعب هو الذي يختار. الانتخابات القادمة فيها عوائق منها أن الهيئة التي تشرف على الانتخابات غير مكتملة. في تونس ليست وزارة الداخلية التي تنظم الانتخابات بل الهيئة المستقلة. والهيئة الحالية حسب القانون يجب تعويض بعض أعضائها كما أن رئيسها استقال. اعتقد أنه تم الاتفاق بين كل الكتل في المجلس على قائمة للتعويض. لكن يلزم مصادقة الجلسة العامة مع الرئيس وإذا تم هذا في آجال معقولة حتى يتم تنظيم الانتخابات في موعدها القانوني، وأنا حريص على ذلك".
ويرى الرئيس أن "الانتخابات ستضبط الأمور، وان شاء الله تقع استفاقة. سأدعو التونسيين أن يشاركوا بكثافة في الانتخابات، وأن يختاروا من يريدون، هو شعب واع، ويتحمل مسؤولية ممارسة حقه في الانتخاب. عندما كنت أنا مترشحا، كان عندي خيار واضح: إما أنا أو النهضة. اليوم لم يعد بإمكاني ذلك، لكن سأدعوهم ليصوتوا لمن يعتبرونه الكفء".
لكن هذا لا يرد على السؤال الأساس: هل سيترشح الباجي قايد السبسي لانتخابات الرئاسة القادمة؟
لا يخفي الكثير من التونسيين رغبتهم في أن يترشح الباجي ليبقى صمام أمان سياسي في بلد يتلمس طريقه في مسيرة الديمقراطية. الرئيس الباجي نفسه يدرك هذا ويقول "ليس هناك إنسان صالح لكل زمان ومكان. قمت بواجبي لكن ذلك لا يعني أنه من الضروري أن أرشح نفسي للانتخابات بالرغم من أن الدستور يمكنني من ولاية ثانية، وأنا لدي حرية التصرف استعملها أم لا. وأنا هنا أؤكد أنني لن استعمل هذا الحق إلا لما فيه مصلحة تونس. لست من المؤيدين لفكرة رئيس مدى الحياة. أنا ضد هذا التوجه. ليس طموحي أن أبقى رئيسا مدى الحياة".
لكن الأمر مرتبط بالأوضاع داخل حزب النداء.. والرئيس نفسه لا يتردد في الإشارة إلى هذا الارتباط. يقول "صحيح أن هناك دعوة للترشح خصوصا من النداء الذي كونته، لكن ابتعدت عنه منذ تولي رئاسة الجمهورية. زارني أعضاء من النداء. قلت لهم لن أستجيب للنداء الحالي. ستنظمون مؤتمرا جديدا وعندما تأتون بوجوه جديدة تقوي النداء، عندها سأرى".
إذا الخيار أكثر من مفتوح. والرئيس يلوّح به ويقول "اليوم الذي أقرر فيه الترشح من عدمه، سيكون حافزي الحقيقي هو مصلحة تونس. إذا كانت مصلحة تونس أن نرى شخصا آخر نساعده فسيكون ذلك. وإذا اقتضت المصلحة وجودي وقتها سأفكر في الترشح. ليست لدي موانع شخصية لكن المصلحة العامة هي التي ستحدد".
الحاجة لإعلام مسؤول
الانتخابات تفتح الباب واسعا أمام أهم وسائلها: الإعلام. ويرى الرئيس الباجي أن للإعلام دورا يلعبه، وحرية الصحافة من أهم مكاسب الثورة في تونس ولا محيد عنها. ولكنه أسوة بكل الأنشطة العامة يجب أن يكون الإعلام مساءلا. يقول "الإعلام محل نظر، وأنا أيضا أضع نقطة استفهام أمام دور الإعلام. اليوم الكثير مما يذكر يكون على طريقة 'بلغنا' و'حسب مصادرنا'. هناك غياب للمعلومة الثابتة التي تبنى عليها المواقف".
ويضيف "عشنا في تونس على امتداد 60 سنة بحزب واحد وبصحيفتين (عربية وفرنسية) وقناة تلفزيونية واحدة. اليوم عندنا 75 جريدة ورقية و72 صحيفة الكترونية و44 إذاعة و17 قناة تلفزيونية، كلها تتحدث في نفس الموضوع وفي نفس اليوم، ما يصيب الرأي العام بالتذبذب. طبعا وجودهم أفضل من غيابهم، وإلا نصبح كالماضي. لكن نلاحظ أنه ثمة إفراطا في بعض الأحيان. الحرية مهمة لكنْ تحتاج إلى ضوابط. ومن وجهة نظري من يجب أن يضع هذه الضوابط هم الصحافيون أنفسهم، لأنه لو وضعتها السلطة فسنعود إلى الخلف".
الإعلام محل نظر، وأنا أضع نقطة استفهام أمام دور الإعلام. الحرية مهمة لكن تحتاج إلى ضوابط. ومن وجهة نظري من يجب أن يضع هذه الضوابط هم الصحافيون أنفسهم (العرب اللندنية )


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.