- اليسار فشل ويجب أن تكون لنا شجاعة للبحث عن تحالفات جديدة - توقيت تنقيح قانون الانتخابات خاطئ - المخاطر البيئية اليوم أكثر تهديدا -"تونس الخضراء" مهمش إعلاميا بسبب خياراته - أقول للطبوبي "حياد الاتحاد خطر على تونس" يتلازم النضال السياسي والبيئي في مشروع حزب «تونس الخضراء» مع رؤية تثمن علاقة الإنسان بالبيئة والأرض والتنمية الاقتصادية ورغم أن هذا الحزب لم ينل رخصته القانونية إلا بعد الثورة إلا أن نضاله يعود لعقود عديدة تزامنت مع الفترة البورقيبية وسنوات حكم بن علي. «الصباح الأسبوعي» حاورت رئيس حزب «تونس الخضراء» عبد القادر الزيتوني، العضو القيادي السابق في الجبهة الشعبية وعضو حزب الخضر الأوروبي والفيدرالية الإفريقية للخضر حول عدد من الإشكاليات والقضايا من بينها المسائل السياسية، الاقتصادية والبيئية وحظوظ حزبه وتحالفاته في الانتخابات القادمة. * أين حزب «تونس الخضراء» اليوم ولماذا هو غائب إعلاميا وميدانيا؟ - في الحقيقة الوضع الداخلي للحزب بعد وفاة الناطق الرسمي مصطفى الزيتوني جعلنا نمر بفترة صعبة، فقد أصابتنا صدمة بعد وفاته السريعة والمشكوك فيها وشخصيا لا اتهم أحدا، لكن وفاة مناضل في أقل من 24 ساعة في مستشفى «الرابطة» دون أن تكون حالته خطيرة يثبت مدى الإهمال، الذي تعرضت له حالته الصحية ونحن في حزب «تونس الخضراء» لنا عدد من الشهداء في فترة حكم بن علي لم يقتلهم الرصاص لكن رحلوا بسبب التضييق وسوء المعاملة والضغوط النفسية والمهنية منهم المنصف بن فرج، نور الدين بالخضر ورؤوف الشماري.. وحاليا قمنا بإعادة تنظيم المقر وسننظم مؤتمرا خلال الشهرين القادمين. أمّا عن الغياب الإعلامي والميداني للحزب فيعود بصراحة لاهتمامنا بالبيئة والمخاطر الكبيرة، التي تعرفها تونس في هذا المجال وبسبب تدهور الوضع البيئي أكثر بعد الثورة، تتعمد بعض الاطراف منعنا وتهميشنا إعلاميا فمثلا استخدام المبيدات الممنوعة في القطاع الفلاحي بتونس يزيد من انتشار السرطان وقفصة بعد 10 سنين ستواجه وضعا صعبا جراء التلوث فيما تعتبر قابس لخمسين سنة أخرى مهددة حسب دراسات أحزاب الخضر في العالم ولن تتعافى خاصة وأن بحرها يعد مصبا لمّادة «الفوسفوجبس» (ما يقارب 12500 طن يوميا) وهذا ما قتل الحياة في قابس... نحن حاضرون ميدانيا لكن لا يقع تسليط الضوء على نشاطاتنا ولا دورنا في دعم القضايا الحيوية في مجال البيئة والتنمية المستدامة. * لكن إلى أي حد قمتم بدوركم التوعوي والتحسيسي باعتباركم حزبا بيئيا في ظل تزايد المخاطر، التي تهدد البيئة؟ - حضورنا ومكانتنا بين أحزاب الخضر الأوروبية منحانا القدرة على تقديم عدد من الفرص لتونس للتواجد على أكثر من مستوى دولي غير أن العراقيل للأسف تكون دائما من أطراف رسمية تونسية وأذكر في هذا السياق ضياع فرصة تنظيم مؤتمر للخضر الأفارقة بتونس بدعم من فرنسا وقد تواصلت في هذا السياق مع مستشار الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند المكلف بحماية البيئة، نيكولا إيلو ثم راسلت رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي لكن لم يحدث تجاوب من الطرف الرسمي التونسي فقامت فرنسا بتغيير وجهة المؤتمر إلى المغرب. * هل يقبل التونسي اليوم على حزب له خصوصية بيئيّة؟ - التونسي خليط من الحضارات الغربية والشرقية ولا يمكن لأحد تغييره وسبق وتناقشت في هذه المسألة مع حركة النهضة وغيرها من الأحزاب اليمينية، التونسي له وعي مميز وقادر على أن يقرر مصيره ويدرك المخاطر التي تهدد حياته وبلاده ومن بينها القضايا البيئية. * ما هي حظوظكم في الانتخابات وماذا عن تحالفاتكم؟ - نبحث عن تحالف مع أحزاب تؤمن بأهمية البيئة والتنمية المستدامة مهما كانت انتماءاتها، إسلاميون أو تقدميون وفي الحقيقة اتصل بي بعض المستقلين وإلى الآن لم نقرر بعد خياراتنا النهائية وبالنسبة لحظوظنا نسعى للتواجد عبر رؤية تعكس نضالاتنا ومشاريعنا البيئية وقد سبق لنا أن شاركنا في كل الانتخابات بعد الثورة ولم ننجح لأن المال السياسي للأسف، بعثر كل الأوراق. * وماذا عن توقعاتكم لنتيجة الانتخابات التشريعية والرئاسية؟ - نعتقد أن النهضة ستنال النصيب الأكبر من الحكومة ولعّلها تفكر في تقديم زياد العذاري لرئاسة الحكومة فيما تضع «تحيا تونس» عينها على الرئاسية وسيكون النداء حاضرا في هذا المشهد السياسي مع بعض المستقلين. * ما هو تعليقكم على نتائج استطلاعات الرأي؟ - استطلاعات الرأي غير علمية ولو كانت هذه الدراسات أنجزت من قبل مؤسسات أجنبية لكانت نتائجها أقرب للمنطق ولا نظن أن التونسي غير واع بإقدام يوسف الشاهد على تأسيس حزب اعتمادا على حضوره كرئيس حكومة فلو استقال وأنشأ حزبه لكنت دعمته شخصيا لكن استغلال الحكومة والدولة لتكوين حزب وإعادة إحياء صورة بن علي في أذهان التونسيين يعتبر تمشيا خاطئا فما الفرق بينه وبين بن علي وبورقيبة !! وبالنسبة لنبيل القروي فأعاتبه عتاب الأصدقاء فقد كان من الأفضل أن يبقى في تونس و»يناضل» من بلاده إذا كان يسعى حقا الى مصلحة تونس ولا يهرب الى فرنسا ويبحث عن حلول تسيء لصورته أكثر مما تدعم شعبيته. * وما هو موقفكم من تنقيح قانون الانتخابات؟ - أين هي المحكمة الدستورية!! فهذا التنقيح لم يكن في توقيته الصحيح فلا يمكن تنقيح قانون قبل شهرين من الانتخابات ولم يسبق أن وقع ذلك في تونس وهذا يعكس أن هدف السياسيين اليوم هو المطامع المادية ولا قيمة أو أهمية للبرلمان ولا لرئيس الدولة. * كيف تتابع المشاكل داخل الجبهة الشعبية؟ - انضممت للجبهة عن طريق صديقي الشهيد شكري بلعيد واتخذنا قرارات في «مؤتمر سوسة» تنص على أن يكون لأمناء الأحزاب سلطة القرار وما راعنا إلا قيام حمة الهمامي بتغيير كل التصورات وتمكين المستقلين من أصدقائه من امتيازات أمناء الأحزاب حتى يكون التصويت لصالحه... وقبل ثلاثة أسابيع من وفاة البراهمي جلسنا لإعداد بلاغ عن أوضاع في سيدي بوزيد وغيرها من المناطق المجاورة وخلال الجلسة تحدثنا مع محمد البراهمي حول ضرورة تغيير الناطق الرسمي وتحمل البراهمي لهذه المسؤولية غير أنه طلب منا الانتظار لفترة قبل اتخاذ مثل هذه الإجراءات وأكد رفضه القاطع لتحالف الجبهة مع النداء. وقبل وفاته بيوم اتصل بي للالتقاء والتشاور وكان ذلك مساء يوم عيد الجمهورية غير أنه قتل قبل ذلك بساعات قليلة.. من اغتال البراهمي يعلم أنه كان الأقوى لأنه الوحيد بين السياسيين القادر على جمع الإسلامي باليساري فهو متدين بمرجعية وروح يسارية.. * وكأن في عباراتك اتهاما لطرف معين باغتيال البراهمي؟ - لا اتهم أشخاصا لكن المسؤول في الحكم هو من عليه حماية الساسة من جريمة الاغتيال والمحاكم هي التي تحدد هوية القاتل فمن كان في الحكم، حين اغتيل بلعيد والبراهمي، هو من يتحمل هذه المسؤولية؟ * وهل انتهت الجبهة بعد الانقسامات الأخيرة؟ - اليسار انتهى في تونس والجبهة لم تنجح في مهامها ل4 سنوات والخلاف بين زياد لخضر وحمة الهمامي في التصورات والأهداف لن يعيد الجبهة حاليا لسابق عهدها فلخضر يرى ضرورة دخول الجبهة للحكم والبقاء في المعارضة لم يحقق الكثير وأداء الجبهة لم يكن كافيا، نعتقد أن اليسار فشل فشلا ذريعا ويجب أن تكون لنا شجاعة للبحث عن تحالفات جديدة وقد سبق لبن علي أن استعان بيساريين لحل مشاكل الحكومة وأدائها في فترة ما حين عين أحمد السماوي في السياحة ومحمد الشرفي في التعليم، فاليساريون لهم روح وطنية أكثر من غيرهم وقادرون على إحداث التغيير إن مارسوا الحكم. * سبق وأن حملتم حمّة الهمامي مسؤولية الفشل سنة 2014 فمن المسؤول اليوم عن «تفتت» الجبهة؟ - حمّة الهمامي عليه أن يتقبل مسألة تعويضه بشخص آخر فمن يفشل من الساسة في الأحزاب الغربية يعوض وعلى حمّة الهمامي أن يراجع نفسه ويتحكم في «الايغو» (ego) الخاص به لمصلحة الجبهة ولست ضده شخصيا ولكن نحن اليوم في حاجة لشخصية يسارية متفق عليها والتي لن يقع اختيارها إلا بعودة الوفاق للعائلة اليسارية لأن الخطر الأكبر اليوم هو الشك في مصداقية الجبهة خاصة وأن هذا الانشقاق أثر على قواعد اليسار في الجهات.. فمنذ 2014 الجبهة لم تقم بتنظيم تظاهرة في الشارع وهذا دليل أنها انقطعت عن الجماهير.. * وكيف تقرأ المشهد السياسي العام في تونس؟ - تونس مستعمرة من قبل صندوق النقد الدولي لذلك فان قرارات الحكومات المتعاقبة لم ولن تحقق الكثير وعلينا اليوم أن نفكر في مشاريع مغاربية مشتركة لأن مستقبل تونس السياسي والاقتصادي مرتبط بالوضع في الجزائر ولبيبا كما نعتقد أن اتحاد الشغل، وللأسف، تخلى عن دوره ويمارس اليوم دور المدافع عن حقوق موظفيه فقط وفي سنة 1987 قمت مع المرحوم صالح الزغيدي بنقل حقائق ووقائع ما يحدث في تونس للخارج وجلبنا الأموال إلى تونس وسنة 1991 قام مؤسسو حزب «تونس الخضراء» بإعادة الاتحاد للعمل وقمنا بدعوة العربي عزوز والهادي بكوش وحسين بن قدور واعتبرنا دوما الاتحاد قوة في البلاد لكن هذه المنظمة لم تعد تقوم بواجبها اليساري ونور الدين الطبوبي كيساري في الاتحاد لم يقم بدوره، فالاتحاد هو القوة الوحيدة القادرة على تغيير الموازنات ولكن خياره الحيادي خطر على تونس وعليه مراجعة توجهاته الراهنة. نجلاء قموع